[ ص: 82 ]  163 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العتيرة وهل هي الرجبية ؟ أم لا ؟ 
حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني  قال : حدثنا أبي  ، عن محمد بن الحسن  في إملائه عليهم قال : وذبح كان في الجاهلية كانوا يذبحون في رجب شاة وهي الرجبية ، كان أهل البيت يذبحونها فيأكلون ويطبخون ويطعمون . 
والعتيرة كان الرجل إذا ولدت له الناقة أو الشاة ذبح أول ولد تلده له ، فأكل وأطعم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسئل عن العتيرة فقال : أن يدعه حتى يكون شغزبا خير له من أن ينحره يلصق لحمه بوبره ، وتكفأ إناءك وتوله ناقتك   . 
 [ ص: 83 ] وسمعت المزني  يقول : قال  الشافعي   : والعتيرة هي الرجبية ، وهي ذبيحة كان أهل الجاهلية يتبررون بها ، يذبحونها في رجب . 
فكان فيما روينا عن محمد بن الحسن  أن العتيرة خلاف الرجبية ، وكان فيما روينا عن  الشافعي  أن العتيرة هي الرجبية . ولما اختلفا في ذلك طلبنا حقيقتها في الآثار المروية فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لنقف بذلك على الصحيح من هذين القولين اللذين قيلا فيها . 
 [ ص: 84 ] 
 1058  - فوجدنا  عبد الملك بن مروان  قد حدثنا قال : حدثنا  معاذ بن معاذ العنبري  ، عن  عبد الله بن عون  قال : حدثني أبو رملة  ، عن مخنف بن سليم  قال : ونحن وقوف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة  فقال : يا أيها الناس ، إن على أهل كل بيت في كل عام أضحاة وعتيرة . هل تدرون ما العتيرة ؟ قال : فلا أدري ما كان من ردهم عليه . قال : هي التي يقول الناس : الرجبية   . 
 1059  - ووجدنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري  قد حدثنا قال : حدثنا  سعيد بن منصور  قال : حدثنا  هشيم  قال : حدثنا  ابن عون  ، عن أبي رملة الكندي  ،  [ ص: 85 ] عن مخنف بن سليم  قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتيناه في وفد غامد  ، فقال : إن على كل أهل بيت في كل عام أضحاة وعتيرة . قال : فقلنا : ما العتيرة ؟ قال : الرجبية   . 
قال  أبو جعفر   : فعقلنا بهذا الحديث أن العتيرة هي الرجبية ، ووجدنا في هذا الحديث ما يدل على إيجابها كإيجاب الأضحية ، فاحتجنا إلى الوقوف على ما روي في غير هذا الحديث ، وعلى استعمال أحد من العلماء إياه . 
 1060  - فوجدنا فهد بن سليمان  قد حدثنا قال : حدثنا  يحيى بن عبد الحميد الحماني  قال : حدثنا  أبو عوانة  ، عن  يعلى بن عطاء  ، عن وكيع بن عدس  ، عن عمه أبي رزين وهو لقيط بن عامر  أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنا كنا نذبح ذبائح في رجب فنطعم من جاءنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا بأس   . قال وكيع   : لا أتركها أبدا . 
ووجدنا  عبد الملك بن مروان  قد حدثنا قال : حدثنا  معاذ بن معاذ  ، عن  ابن عون  أن  محمد بن سيرين  كان يعتر   . قال  معاذ   : وكان  ابن عون  يعتر ، قال  معاذ   : العتيرة شاة تذبح في رجب  . 
 [ ص: 86 ] قال  أبو جعفر   : ثم نظرنا هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ينسخ ذلك أم لا . 
 1061  - فوجدنا  يوسف بن يزيد  قد حدثنا قال : حدثنا  سعيد بن منصور  قال : حدثنا  سفيان بن عيينة  ، عن  الزهري  ، عن  سعيد بن المسيب  ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا فرعة ، ولا عتيرة . قال سفيان   : يقول : في الإسلام   . ثم قال لنا  الزهري   : الفرعة أول النتاج ، والعتيرة شاة كانوا يذبحونها في رجب . 
 1062  - ووجدنا  يوسف  قد حدثنا قال : حدثنا  سعيد بن منصور  قال : حدثنا  هشيم  قال : حدثني  سفيان بن حسين  قال : حدثني  الزهري  ، عن  سعيد بن المسيب  ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا عتيرة في الإسلام ، ولا فرع   . 
 [ ص: 87 ] قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث نفي العتيرة ، وقد يحتمل نفيها المذكور فيه نفي الوجوب ، ولا يمنع ذلك أن يفعل فعلا لا معصية فيه . ولا خلاف لما في هذا الحديث ، وقد يحتمل خلاف ذلك ، فنظرنا في ذلك . 
 1063  - فوجدنا  المزني  قد حدثنا قال : حدثنا  الشافعي  قال : سمعت  عبد الوهاب بن عبد المجيد  يحدث ، عن  خالد الحذاء  ، عن  أبي المليح  ، عن نبيشة  قال : سأل رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إنا كنا نعتر عتيرة في رجب فما تأمرنا ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اذبحوا لله عز وجل في أي شهر ما كان ، وبروا الله وأطعموا . 
سمعت المزني  يقول : وبروا الله أو أوثروا الله  ، الشك من المزني . 
 1064  - ووجدنا  يوسف بن يزيد  قد حدثنا قال : حدثنا  سعيد بن  [ ص: 88 ] منصور  قال : حدثنا  هشيم  قال : حدثنا  خالد  ، عن  أبي المليح الهذلي  ، عن نبيشة الهذلي  قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله ، إنا كنا نعتر عتيرة لنا في الجاهلية ، فما تأمرنا ؟ قال : اذبحوا لله عز وجل في أي شهر ما كان ، وبروا الله عز وجل وأطعموا . قال : وقلت : يا رسول الله ، إنا كنا نفرع فرعا لنا في الجاهلية فما تأمرنا ؟ قال : في كل سائمة فرع تغذوه ماشيتك ، فإذا استكمل ذبحته ، فتصدقت بلحمه . قال : أحسبه قال : على ابن السبيل ؛ فإن ذلك خير   . 
قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث ما قد عقلنا به أن أمر العتيرة رد إلى الاختيار ونفي الوجوب ، وأنه بر من أخذ به فقد أحسن ، ومن نكره لم يحرج . 
 1065  - ووجدنا  إبراهيم بن أبي داود  قد حدثنا قال : حدثنا  أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج  قال : حدثنا  عبد الوارث بن  [ ص: 89 ] سعيد  قال : حدثنا عتبة بن عبد الملك السهمي  قال : حدثني زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو السهمي  ، عن جده  قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمنى  وعرفات  ، وقد أطاف به الناس ، فسأله رجل عن العتيرة ، فقال : من شاء أعتر ومن شاء لم يعتر ، ومن شاء فرع ومن شاء لم يفرع . وقال : في الغنم أضحيتها . وأشار بإصبعه السبابة ، وعطف طرفها شيئا   . 
 [ ص: 90 ] 
 1066  - ووجدنا  علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة  قد حدثنا قال : حدثنا  عفان بن مسلم  قال : حدثنا يحيى بن زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو السهمي  قال : حدثني أبي  ، عن جده الحارث  أنه لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع قال : فقلت : يا رسول الله ، الفرائع والعتائر ؟ قال : من شاء أفرع ومن شاء لم يفرع ، ومن شاء عتر ومن شاء لم يعتر . في الغنم أضحيتها   . 
قال  أبو جعفر   : فكشف لنا هذا الحديث عن ما التمسناه فيما تقدم منا في هذا الباب . والله نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					