[ ص: 319 ]  846 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمره عمر أو عميرا مولى آل آبي اللحم  لما سأله ما سأله من غنائم خيبر أن يتقلد السيف قبل أن يأمر له بشيء منها 
 5294  - حدثنا  يونس  ، قال : حدثنا  عبد الله بن وهب  ، قال : أخبرني عثمان بن الحكم الجذامي  ، عن محمد بن زيد بن مهاجر  ، أنه حدثه ، قال : حدثني عمير مولى آل آبي اللحم  ، قال : كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر ، فقمت ، فقلت : يا رسول الله سهمي ، فقال : خذ هذا السيف فتقلده ، قال : فتقلدته ، فخطت نعله ، قال : فأمر لي من الخرثي ، قال عثمان   : فقلت له : وكان يومئذ عبدا ؟ قال : لا أدري ، حق ما قيل حق   . 
 [ ص: 320 ] 
ففي هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر هذا الرجل المذكور فيه أن يتقلد السيف ، وأنه لما تقلده خطت نعله في الأرض ، فأمر له من الخرثي ، بما أمر له به منه . 
فتأملنا هذا الحديث لنقف على المعنى الذي من أجله أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتقلد السيف مع تركه أمر غيره من الناس ممن كان معه حينئذ بذلك ; لنقف على المراد به إن شاء الله ، فنظرنا : هل كان في ذلك الرجل معنى يبين به من غيره ممن كان حينئذ حاضرا لذلك الفتح . ؟ 
 5295  - فوجدنا  علي بن معبد  قد حدثنا ، قال : حدثنا  أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان  ، قال : حدثنا  هشام بن سعد  ، عن محمد بن زيد بن مهاجر  ، عن عمير - مولى آبي اللحم -  قال : جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر وعنده الغنائم ، وأنا عبد مملوك ، فقلت : يا رسول الله أعطني ، قال : تقلد السيف ، فتقلدته ، فوقع بالأرض ، فأعطاني من خرثي المتاع   . 
فوقفنا بما في هذا الحديث على أن ذلك الرجل كان عبدا ، وكانت سنته - صلى الله عليه وسلم - في العبيد إذا حضروا القتال أن لا يضرب لهم بسهم ، ولكن  [ ص: 321 ] يجزيهم من الغنائم التي تكون عن ذلك القتال . 
 5296  - كما حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال : حدثنا  وهب بن جرير  ، قال : حدثنا  أبي  ، قال : سمعت قيسا - يعني قيس بن سعد   - يحدث عن يزيد بن هرمز  ، قال : كتب نجدة بن عامر  إلى  ابن عباس  يسأله عن المرأة والعبد إذا حضرا البأس ، هل يسهم لهما ؟ فكتب إليه  ابن عباس   - وأنا شاهد - : لم يكن يسهم لهما إذا حضرا البأس إلا أن يحذيا من غنائم القوم   . 
ولما كانت سنته في العبيد إذا حضروا القتال ما قد ذكرنا ، عقلنا أن ذلك الذي كان يحذيهم به من الغنائم إنما كان على قدر غنائهم في القتال الذي كانت تلك الغنائم عنه ، ولم يكونوا في سنته كمن سواهم من الأحرار في ذلك ; لأن الأحرار قد تولى الله - عز وجل - مقادير سهمانهم من الغنائم ، وسوى بين قويهم وضعيفهم فيها ، وكان العبيد فيما ذكرنا بخلاف ذلك مما وصفنا ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الرجل المذكور في هذا الحديث أن يتقلد السيف ليعلم مقدار غنائه كان في ذلك القتال ، فيعطيه من الغنائم التي كانت عنه بحسب ذلك . 
فقال قائل : وكيف يجوز أن يعطيه من الغنائم ما يستحقه بقتاله منها ؟ وإنما الذي يستحقه لمن يملكه ، وليس فيما رويتم ما يدل على  [ ص: 322 ] أن من كان يملكه قد أباح للنبي - صلى الله عليه وسلم - إعطاءه ذلك ، وتسليمه إليه . 
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل وعونه - : أنه قد روي أن الذين كانوا يملكونه قد سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وأباحوه إياه . 
 5297  - كما حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، قال : حدثنا  علي بن عثمان اللاحقي  ، قال : حدثنا  بشر بن المفضل  ، عن محمد بن زيد بن المهاجر  ، عن عمير - مولى آبي اللحم -  قال : شهدت خيبر مع سادتي ، فكلموا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبروه أني مملوك ، فأمرني ، فتقلدت السيف ، فإذا أنا أجره ، فأمر لي بشيء من خرثي المتاع   . 
فعقلنا بذلك : أن دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك المملوك ما دفع إليه مما هو لمن يملكه ، كان بسؤال من يملكه إياه ذلك ، فبان بحمد الله ونعمته لما جمعت هذه الآثار أن جميع ما روي فيها غير خارج عن شيء من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا من أحكامه ، والله نسأله التوفيق . 
				
						
						
