[ ص: 269 ]  898 - باب بيان مشكل ما روي عن  ابن مسعود  من قوله لما فرض التشهد - يعني التشهد في الصلاة - . 
 5614  - أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن  ، عن أبي عبيد الله المخزومي  ، حدثنا  سفيان  ، عن  الأعمش  ،  ومنصور  ، عن  شقيق بن سلمة  ، عن  ابن مسعود  ، قال : كنا نقول قبل أن يفرض التشهد : السلام على جبريل  وميكائيل   . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقولوا هكذا ، فإن الله هو السلام ، ولكن قولوا : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا  عبده ورسوله   . 
 [ ص: 270 ]  [ ص: 271 ] ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث ، فيذكر فيه : فلما فرض التشهد ، غير  ابن عيينة  ، وقد رواه من سواه ، وكلهم لا يذكر فيه هذا الحرف . 
فسأل سائل عن معنى الفرض في هذا هل هو كفرض الصلاة الذي من جحده كان كافرا ؟ 
فكان جوابنا له في ذلك : أن الفرض قد يكون على المعنى الذي ذكره من فرض الأشياء التي تلزم ، فيوجب على المفروضة عليهم الخروج منها كالصلوات وما أشبهها ، ومنه قول الله عز وجل : " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها  ، ثم ذكر أهلها ، من  [ ص: 272 ] هم ، ثم أعقب ذلك بقوله : فريضة من الله والله عليم حكيم  ، وقد يكون على خلاف ذلك من إعلام الناس بالأشياء المفترضة عليهم فيما ذكر بذلك من الحلال والحرام . 
كما حدثنا ابن أبي مريم  ، حدثنا  الفريابي  ، حدثنا  سفيان  ، عن  ابن جريج  ، عن  عطاء   : سورة أنـزلناها وفرضناها  ، قال : الأمر بالحلال ، والنهي عن الحرام   . 
وكما حدثنا ابن أبي مريم  ، حدثنا  الفريابي  ، حدثنا  ورقاء  ، عن  ابن أبي نجيح  ، عن  مجاهد  مثله . 
وكما حدثنا ولاد النحوي  ، قال : حدثنا المصادري  ، عن  أبي عبيدة   : سورة أنـزلناها وفرضناها  ، قال : أنزلنا فيها فرائض مختلفة ، وأشياء فرضناها عليكم وعلى من بعدكم إلى يوم القيامة ، قال : والتشديد - يعني في فرضناها - في هذا أحسن   . 
 [ ص: 273 ] قال  أبو جعفر   : وقد يكون الفرض الذي هذه صفته فرض الاختيار كما روي عن  ابن عمر   : فرض رسول الله زكاة الفطر ، وذكر في ذلك ما ذكره فيه ، ولم يكن ذلك الفرض كفرض الطواف ولا كفرض الزكوات ، لأن من جحد ما في هذا الحديث لم يكن كافرا كما من جحد تلك الأشياء كان كافرا . 
ومثل الفرض الذي ذكرنا الوجوب فقد يذكر الشيء بالوجوب الذي لا يجوز تركه ، والذي هو إذا جحده كان بجحده إياه كافرا ، ومثل الفرض الذي ذكرنا وقد يذكر على وجوب الاختيار ، ومنه ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : غسل الجمعة واجب على كل محتلم  . 
فكان ذلك على وجوب الاختيار ، وقد يكون الفرض على الإعطاء لا على ما سواه ، ومنه قول الله تعالى : إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد   [ ص: 274 ] ، فكان الفرض في هذا الإعطاء . 
كما حدثنا  ابن مرزوق  ، حدثنا  أبو عاصم  ، عن عيسى بن ميمون  ، عن  ابن أبي نجيح  ، عن  مجاهد   : إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد  ، قال : إن الذي أعطاك - يعني القرآن - لرادك إلى معاد يعني إلى مكة  ، فكان معنى الفرض في هذا هو العطية   . 
فاحتمل أن يكون فرض التشهد هو العطية من الله عز وجل إياهم التشهد الذي فيه شهادتهم له عز وجل بالتوحيد ، ثم لرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة ليثبتهم مما شاء أن يثبتهم عليه ، ولم يثبت في حديث  ابن مسعود  وجوب فرض يخرج عما يقوله أهل العلم في ذلك ، وكان في الصلاة ولو فيها سوى القرآن كالاستفتاح لها ، وكالتسبيح في ركوعها وفي سجودها ، ولما كانت تلك الأشياء - وإن تكاملت في أنفسها - ليست بمفروضة ، كان التشهد مثلها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					