[ ص: 103 ]  - باب بيان مشكل ما روي عن  أبي هريرة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة التي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عنها الوعيد المذكور في الحديث الذي ذكرناه في الباب الأول ، أي الصلوات هي ؟ 
 5871  - حدثنا  يونس ،  أخبرنا  ابن وهب   : أن  مالكا  حدثه عن  أبي الزناد  ، عن  الأعرج   . 
عن  أبي هريرة   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده ، لقد هممت أن آمر بحطب يحطب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلا ، فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال ، فأحرق عليهم بيوتهم ، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء   . 
 [ ص: 104 ] 
 [ ص: 105 ] 
 5872  - وحدثنا  الربيع المرادي  ، حدثني  ابن وهب  ، أخبرني  عبد الرحمن بن أبي الزناد  ،  ومالك  ، عن  أبي الزناد  ، عن  الأعرج  ، عن  أبي هريرة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . 
 5873  - وحدثنا فهد بن سليمان ،  حدثنا  عمر بن حفص بن غياث النخعي  ، حدثنا  أبي  ، عن  الأعمش ،  حدثني  أبو صالح   . 
عن  أبي هريرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر وصلاة العشاء ، ولو يعلمون ما فيهما  [ ص: 106 ] لأتوهما ولو حبوا ، لقد هممت أن آمر المؤذن فيقيم ، ثم آمر رجلا يؤم بالناس ، ثم آخذ شعلا من نار ، فأحرق على من لم يخرج إلى الصلاة بيته   . 
 5874  - وحدثنا  إبراهيم بن مرزوق ،  حدثنا  عفان بن مسلم  ، حدثنا  حماد بن سلمة ،  أخبرنا  عاصم بن بهدلة  ، عن  أبي صالح   . 
عن  أبي هريرة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه أخر العشاء الآخرة إلى ثلث الليل ، ثم جاء وفي الناس رقة وهم عزون ، فغضب غضبا شديدا ، ثم قال : لو أن رجلا ندب الناس إلى عرق أو مرماتين لأجابوا له ، وهم يتخلفون عن هذه الصلاة ، فقد هممت أن آمر رجلا فيصلي بالناس ، ثم أتخلف على أهل هذه الدور الذين يتخلفون عن هذه الصلاة فأضرم عليهم النيران   " . 
 [ ص: 107 ] 
 5875  - وحدثنا فهد ،  حدثنا  أبو غسان  ، حدثنا  أبو بكر بن عياش  ، عن  عاصم ،  ثم ذكره بإسناده مثله . 
قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث من حديث أبي صالح  تبيان الصلاة المسكوت عنها في حديث  الأعرج  الذي يرجع هو ، وحديث أبي صالح  إلى  أبي هريرة   : أنها العشاء الآخرة . 
فقال قائل : هذه الصلاة ، وإن كانت هي وغيرها من الصلوات الخمس يجب الاجتماع لها ، وترك التخلف عن ذلك ، فإن ذلك من  [ ص: 108 ] الفروض التي هي على العامة ، وتسقط عنهم بقيام بعض الخاصة ، فكيف تقبلون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الوعيد فيما كان كذلك ؟ 
فكان جوابنا له في ذلك : أن الصلوات الخمس واجب الحضور لها ، وإقامتها بالجماعات ، وإن كان ذلك مما قد يسقط بقيام بعض الناس دون بعض عن بقيتهم ، وأنه قبل سقوطه عنهم بذلك يؤمرون جميعا ، ويؤخذون به حتى تقام الصلاة على ما أمر الله عز وجل أن تقام عليه حتى يسقط الفرض كان فيها بما يسقط به . 
ومما يحقق ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوابه  ابن أم مكتوم  لما سأله : هل له رخصة عن إتيان المسجد للصلاة . 
 5876  - كما حدثنا  أبو أمية ،  حدثنا  سعيد بن سليمان الواسطي  ، حدثنا إسحاق بن سليمان ،  حدثنا  أبو سنان   - قال  أبو جعفر   : وهو سعيد بن سنان  ، وبعض الناس ينسبه إلى قزوين  لسكناه بها ، وهو رجل من أهل الكوفة  ، مقبول الرواية ، ثم رجعنا إلى الحديث - عن  عمرو بن مرة  ، أخبرني أبو رزين   . 
عن  أبي هريرة  قال : جاء  ابن أم مكتوم  إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني رجل ضرير البصر ، شاسع الدار ، وليس لي قائد يداومني ، أفلي رخصة أن لا آتي المسجد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا   [ ص: 109 ] هكذا روى أبو سنان  هذا الحديث ، عن  عمرو بن مرة  ، ورواه  شعبة  ، عن  عمرو بن مرة  ، فخالفه في إسناده . 
 5877  - كما حدثنا  بكار بن قتيبة ،  حدثنا  أبو داود  ، حدثنا  شعبة  ، عن  عمرو بن مرة  قال : 
سمعت  ابن أبي ليلى  يقول : كان منا رجل ضرير البصر ، فقال : يا رسول الله ، إن بيني وبين المسجد نخلا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  [ ص: 110 ] أتسمع النداء " ، قال : نعم . قال : " فإذا سمعت النداء فأجبه   . 
غير أنا تأملنا هذا الحديث ، فوجدنا ابن أبي ليلى  يقول فيه : كان منا رجل ضرير البصر ، وابن أبي ليلى  من الأنصار  ، وابن أم مكتوم  ، فمن قريش  ، فاحتمل أن يكون ذلك على رجل من الأنصار  ، فيكون ما في حديثه هذا غير ما في الحديث الأول ، فيكون كل واحد من الرجلين المذكورين فيهما غير الآخر .
 5878  - وكما حدثنا  إبراهيم بن أبي داود ،  حدثنا  أبو عمر الحوضي  ، حدثنا  عبد العزيز بن مسلم  ، حدثنا  حصين بن عبد الرحمن  ، عن  عبد الله بن شداد   . 
عن  عبد الله بن أم مكتوم  قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من  [ ص: 111 ] المسجد ، فرأى في الناس رقة ، فقال : إني لأهم أن أجعل للناس إماما ، ثم أخرج ، فلا أقدر على رجل تخلف عن الصلاة إلا أحرقت عليه بيته ، فقلت : يا رسول الله إني بيني وبين المسجد نخلا وشجرا ، وليس كل وقت أقدر على قائد ، أفأصلي في بيتي ؟ فقال : " تسمع الإقامة " قلت : نعم . قال : " فائتها   . 
وقد روى  شعبة  ، عن حصين  هذا الحديث ، فأوقفه على  عبد الله بن شداد   . 
 5879  - كما حدثنا عبد العزيز بن أبي عقيل اللخمي  ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد  ، حدثنا  شعبة  ، عن  حصين بن عبد الرحمن   . 
عن  عبد الله بن شداد بن الهاد   : أن  ابن أم مكتوم  قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بيني وبين المسجد أشياء ، وربما وجدت قائدا ، وربما لم أجد . قال : " ألست تسمع النداء " . قلت : بلى . قال : " فإذا سمعت النداء فامش إليها " ، ثم سأله رجل آخر عن مثل ذلك ؟ فقال : " فإذا  [ ص: 112 ] سمعت النداء فآذن " ، ولم يرخص له . ثم قال : لقد هممت آن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم آتي أقواما لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم   . 
فكان فيما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوابه من سأله من أهل الضر بالجواب الذي أجابه به مع ضره الذي هو عليه ، إذ كان الفرض لا يسقط به عنه في حضور الجماعة ، وهو في ذلك كمن لا ضر به ، فكان من رسول الله - عليه السلام - ما قد عقلنا أن حضور الجماعات واجب على المطيقين له ، وأن ذلك مما يخاطب به جميع أهله قبل سقوط فرضه عمن سقط عنه بقيام غيره به . 
وفي حديث  أبي هريرة  الذي رويناه ، وفي غيره مما قد رويناه في هذا الباب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك القول له أن رأى في الناس رقة : وهي القلة ، فلم تكن تلك الجماعة التي حضرت لتلك الصلاة هي الجماعة المطلوبة لحضور مثلها ، فكان ذلك الوعيد الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					