الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 384 ] 211 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : لن يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه

1356 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة الرعيني ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لن يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه .

قال أبو جعفر : فقال قائل : في هذا الحديث ما يوجب أن يكون بعد شرائه أباه مملوكا له حتى يعتقه ، وأهل العلم الذين تدور عليهم الفتيا في الأمصار لا يقولون هذا مع استقامة هذا الحديث فيهم ، ففي ذلك دليل على توهينهم إياه ورغبتهم عنه .

[ ص: 385 ] فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - أن الذي توهمه في هذا الحديث ليس كما توهمه فيه ؛ إذ كان قد يجوز أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم - : فيشتريه فيعتقه ، أي : فيشتريه فيعتقه شراؤه إياه .

فقال : فهل من دليل على ذلك ؟ فكان جوابنا له بتوفيق الله عز وجل : دليلنا على ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال : كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يشركانه . فلم يكن ذلك على معنى تهويدهما إياه ولا تنصيرهما إياه تهويدا وتنصيرا يستأنفانه فيه ، ولكن يكون كذلك سبب منهما يوجب ذلك فيه .

فمثل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : فيشتريه فيعتقه . ليس على عتاق يستأنفه فيه بعد شرائه إياه ، ولكن سببه منه الذي لا يجوز معه بعد ملكه إياه بقاء ملكه فيه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية