[ ص: 441 ] 75 - باب بيان مشكل ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : { من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر }
503 - حدثنا يزيد بن سنان ، وبكار قالا : حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : { قال رجل : يا رسول الله ، أيؤاخذ أحدنا بما عمل في الجاهلية ، فقال : من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في الإسلام ، أخذ بالأول والآخر } .
504 - حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا الثوري ، عن منصور ، والأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، عن رسول الله عليه السلام مثله .
[ ص: 442 ]
505 - حدثنا بكار ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، حدثنا الأعمش ، ومنصور ، ثم ذكر بإسناده مثله .
506 - حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور البالسي أبو علي ، حدثنا الهيثم بن جميل ، حدثنا زائدة بن قدامة ، وجرير بن عبد الحميد ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود قال : قال الناس : يا رسول الله ، ثم ذكر مثله سواء .
فسأل سائل فقال : هل يلتئم هذا الحديث والحديث الذي رويتموه عن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر :
507 - ما قد حدثنا فهد قال : حدثنا يوسف بن بهلول ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، حدثنا ابن إسحاق ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس ، عن حبيب بن أبي أوس قال : حدثني عمرو بن العاص حديثه من فيه ، فذكر قصة إسلامه قال : { فقلت : يا رسول الله ، أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم ، ولا أذكر ما أستأنف ؟ قال : يا عمرو ، بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله ، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها } .
[ ص: 443 ] فكان جوابنا له عن ذلك بتوفيق الله أن هذين الحديثين ملتئمان غير مختلفين ولا متضادين ، وذلك أن قول رسول الله عليه السلام في حديث ابن مسعود عندنا - والله أعلم - من أحسن في الإسلام هو على معنى من أسلم في الإسلام ومن ذلك قوله تعالى : من جاء بالحسنة فله خير منها فكانت الحسنة المرادة في ذلك هي الإسلام ، فكان من جاء بالإسلام مجبوبا عنه ما كان منه في الجاهلية ، وموافقا لما في حديث عمرو أن { الإسلام يجب ما كان قبله } ، ومن لزم الكفر في الإسلام كان قد جاء بالسيئة في الإسلام ، ومنه قول الله تعالى : ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها فكانت عقوبة تلك السيئة عليه منضافة إلى عقوبات ما قبلها من سيئاته كانت في الجاهلية ، فاتفق بحمد الله حديثا رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذان ذكرناهما ، ولم يختلفا .


