5342 - حدثنا أحمد بن أبي عمران ، قال : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد
5343 - وحدثنا ابن أبي عمران أيضا ، قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن جعفر الوركاني ، قالا : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن ، وأصغى سمعه ، وحنى جبهته ، ينتظر متى يؤمر بنفخ ، فينفخ ؟ " قالوا : يا رسول الله ، كيف نقول ؟ قال : " قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله نتوكل .
[ ص: 379 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أخذ أبو صالح إياه ، عن أبي سعيد .
5344 - وقد حدثناه أبو أمية ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب الحراني ، قال : حدثنا موسى بن أعين ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله .
[ ص: 380 ] قال : فكان في هذا الحديث : أخذ أبي صالح إياه عن أبي هريرة لا عن أبي سعيد .
5345 - وقد حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب ، قال : حدثنا موسى بن أعين ، عن عمران - وهو البارقي - عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله .
[ ص: 381 ]
5346 - وحدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن عمار الدهني ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .
ففي هذا الحديث : أخذ عطية إياه عن أبي سعيد .
5347 - وقد حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا أسباط بن محمد ، عن مطرف ، عن عطية ، عن ابن عباس في قوله - عز وجل - : فإذا نقر في الناقور قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن ؟ ... وذكر بقية الحديث .
[ ص: 382 ]
5348 - وحدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا أبو غسان - مالك بن إسماعيل - قال : حدثنا ذواد بن علبة ، عن عطية ، عن ابن عباس - قال أبو غسان ، وقال غيره : عن أبي سعيد - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : كيف أنعم ؟ " ثم ذكر مثله .
ففيما رويناه أن الصور قرن ينفخ فيه .
5349 - وقد حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبي ، قال : حدثنا أسلم - قال أبو جعفر : وهو العجلي - عن بشر بن شغاف ، حدثه عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن أعرابيا سأله : ما الصور ؟ قال : قرن ينفخ فيه .
[ ص: 383 ] قال أبو جعفر : فوافق ما في هذا الحديث ما في الأحاديث التي رويناها قبله ، وتأملنا ما في كتاب الله - عز وجل - من ذكره - عز وجل - الصور فيه ، فوجدنا فيه قوله - عز وجل - في سورة يس ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون ، وكان في هذه الآية ما قد دل على أن النفخ في الصور ، أعاد إليهم أرواحهم حتى عادوا ينسلون بعدما قد كانوا موتى لا أرواح لهم ، فاحتمل أن يكون ما كان من النفخ في الصور سببا لعود أرواحهم إليهم حتى عادوا كذلك ، وهكذا يقول أهل الآثار .
فأما أهل اللغة ، منهم : أبو عبيدة معمر بن المثنى ، فكان يقول في ذلك : ما قد حدثنا ولاد النحوي ، قال : حدثنا المصادري ، عن أبي عبيدة يوم ينفخ في الصور ، قال جماعة : صورة ، مثل قولهم : سورة ، وسور ، قال العجاج
فرب ذي سرادق محجور سرت إليه في أعالي السور
ومنها سورة المجد : أعاليه .قال جرير :
لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع
[ ص: 384 ]
وما ذكره علي بن عبد العزيز في رواية الأثرم في هذا الكتاب : ونفخ في الصور ، جمع صورة ، فخرجت مخرج : بسرة ، وبسر ، لم تحمل على : ظلمة وظلم ، ولو كانت [كذلك] لقيلت : صور ، فخرجت الواو بالفتحة كسورة المدينة ، والجميع سور .
وما ذكره الفراء في كتابه في " معاني القرآن ومشكل إعرابه " ، قال : وقد يقال : إن الصور قرن ، ويقال : هو جمع الصور ينفخ في الصور في الموتى - والله أعلم - بصواب ذلك .
وفي الآية التي تلونا من سورة " يس " ما قد دل أنهم كانوا في أجداثهم لا أرواح في أبدانهم ، حتى أعاد الله إليها أرواحهم بما شاء أن يعيدها إليهم به ، وفي سورة النمل : ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين ، فكان في هذه الآية : أن ذلك النفخ في الصور كان وهم أحياء ، فماتوا بذلك ، وكذلك ما في سورة الزمر من قوله - عز وجل - : ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، ثم قال - عز وجل - : ثم نفخ فيه أخرى ، فدل ذلك أن المنفوخ فيه شيء واحد لا أشياء مختلفة ، وفي ذلك ما قد دل على صواب ما قال أهل الآثار مما قد ذكرناه عنهم في هذا الباب ، وعاد ما قد تلونا من آي القرآن في هذا الباب في " الصور " ما استدللنا [ ص: 385 ] به في بعضها : أن الناس كانوا أمواتا حينئذ ، فردت إليهم أرواحهم بذلك ، وهو ما تلونا من ذلك من سورة " يس " ، وكان في بعضها ما قد دل أنهم كانوا أحياء فماتوا بذلك على ما تلونا من سورة " النمل " ، ومن سورة " الزمر " .
وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على المعنى الذي استدللنا عليه بما في هاتين السورتين .
5350 - كما حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا أبي ، قال : سمعت النعمان بن راشد ، يحدث عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تخيروني على موسى ، فإن الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أول من يفيق ، فإذا موسى - صلى الله عليه وسلم - باطش بجانب العرش ، فلا أدري : أصعق فيمن كان صعق ، فأفاق قبلي ، أو كان فيمن استثنى الله - عز وجل . -
5351 - وكما حدثنا يزيد ، قال : وكما حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا حجاج بن إبراهيم ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن [ ص: 386 ] محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ينفخ في الصور ، فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ، ثم ينفخ فيه أخرى ، فأكون أول من يرفع رأسه ، فإذا موسى - صلى الله عليه وسلم - آخذ قائمة من قوائم العرش ، فلا أدري : أكان فيمن استثنى الله - عز وجل - أو رفع قبلي .
ففي هذين الحديثين : أن النفخ في الصور كان وهم أحياء ، فماتوا بذلك ، ثم أحياهم الله - عز وجل - بالنفخة الثانية فيه ، وكان فيما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قد دل على أن الصور هو القرن المذكور في هذه الآثار ، لا ما سواه مما قد ذكره من ذهب إلى أنه الصور ، والذي نرى والله أعلم ، حمل عليه ما ذكرنا من الصور هو على ما في الآية التي تلونا من سورة " يس " ; لأن المنفوخ فيهم حينئذ كانوا أمواتا ، فنفخ فيهم الروح ، وما في الاثنتين الأخريين على نفخ كان في الصور ، والناس أحياء فماتوا بذلك ، فذلك مستحيل أن يكون أريد به الصور ، والله أعلم بما أراد في ذلك مما أنزله في كتابه ، ومما قاله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - والله نسأله التوفيق .


