[ ص: 442 ]  779 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يحتج به من ذهب إلى إطلاق بيع المدبر . 
 4918  - حدثنا  يزيد بن سنان  ، قال : حدثنا عبد الحميد بن موسى  ، قال : حدثنا  عبيد الله بن عمرو  ، عن  عبد الكريم وهو الجزري  ، عن  عطاء  ، عن  جابر بن عبد الله   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل قد دبر غلاما له ، فاحتاج فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الصدقة عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول   . 
 4919  - وحدثنا روح بن الفرج  ، قال : حدثنا  عمرو بن خالد  ، قال : حدثنا  عبيد الله بن عمرو  ، عن  عبد الكريم الجزري  ، عن  عطاء  ، عن  جابر   : أن رجلا أعتق عبده عن دبر منه ، فاحتاج مولاه فأمره  [ ص: 443 ] ببيعه ، فباعه بثمان مائة درهم ، فقال : أنفقها على عيالك ، فإنما الصدقة عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول   . 
قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إطلاقه للمدبر لهذا العبد بيعه ، وقد روي هذا الحديث ، عن  عطاء بن أبي رباح  من غير هذين الوجهين . 
 4920  - كما قد حدثنا أحمد بن داود  ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن المبارك  ، قال : حدثنا  يزيد بن زريع  ، عن  حسين المعلم  ، عن  عطاء  ، عن  جابر بن عبد الله   : أن رجلا من الأنصار أعتق غلاما له عن دبر منه ، فاحتاج ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله  بثمان مائة درهم ، فدفعها إليه النبي صلى الله عليه وسلم   . 
 4921  - وكما حدثنا  محمد بن علي بن داود  ، قال : حدثنا  داود بن  [ ص: 444 ] عمرو  ، قال : حدثنا  حسان بن إبراهيم  ، عن إبراهيم الصائغ  ، عن  عطاء  ، قال : أخبرني  جابر بن عبد الله   : أن رجلا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم له مملوك ، فأعتقه على ذلك النحو ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : من يشتريه مني ، فباعه ودفع ثمنه إلى صاحبه   . 
 4922  - كما حدثنا محمد بن سنان  ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي  ، قال : حدثنا  شعيب بن إسحاق  ، عن  الأوزاعي  ، عن  عطاء بن أبي رباح  ، قال : سمعت  جابر بن عبد الله  يقول : كان لرجل عبد ، فجعل له العتق بعد موته ، وكان قليل الشيء ، فباع رسول الله صلى الله عليه وسلم العبد ، ثم دفع إليه ثمنه ، وقال : أنت إلى ثمنه أحوج ، والله - عز وجل - أغنى   . 
قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تولى بيع ذلك المدبر ، فاحتمل أن يكون ذلك كان لمعنى في الرجل الذي باعه  [ ص: 445 ] عليه من الأحوال التي تقصر بمالكي العبيد عن التبسط في عبيدهم بالتدبير وبما سواه ، فباعه عليه لذلك ، وهكذا وجدنا هذا الحديث من رواية عطاء  ، عن جابر  ، وقد رواه عن جابر  أيضا مجاهد   . 
 4923  - كما قد حدثنا علي بن شيبة  ، قال : حدثنا  يزيد بن هارون  ، قال : أخبرنا  محمد بن إسحاق  ، عن  عبد الله بن أبي نجيح  ، عن  مجاهد  ، عن  جابر بن عبد الله  ، قال : كان بالمدينة  رجل من بني عذرة ، فأعتق غلاما له قبطيا ، يدعى : أبا المذكر  عن دبر منه ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له حاجة ، فأمره أن يبيعه ، فباعه بثمان مائة درهم من نعيم النحام    . 
 4924  - وكما حدثنا  ابن أبي داود  ، قال : حدثنا  يوسف بن عدي  ، قال : حدثنا  المحاربي  ، عن  محمد بن إسحاق  ، عن  ابن أبي نجيح  ، عن  مجاهد   [ ص: 446 ] عن  جابر بن عبد الله  ، قال : كان لرجل من بني عذرة عبد فأعتقه عن دبر منه ، وكان ذا حاجة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان لأحدكم حاجة فليبدأ بنفسه ، ثم أمره فباعه من نعيم بن عبد الله  بثمان مائة درهم   . 
 4925  - وكما حدثنا  أبو أمية  ، قال : حدثنا  الحسين بن محمد المروزي  ، قال : حدثنا  جرير بن حازم  ، عن  عبد الله بن أبي نجيح  ، عن  مجاهد  ، عن  جابر بن عبد الله  أن رجلا من الأنصار  ، يكنى : أبا مذكر  ، أعتق عبدا له عن دبر ، وليس له مال غيره ، فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فباعه من نعيم بن عبد الله النحام  بثمان مائة درهم ، ودعاه فرد عليه الثمن ، وقال : إنما يعتق من له فضل ، وإلا فإنما يعود على نفسه   . 
 4926  - وكما حدثنا  أبو أمية  ، قال : حدثنا  الحسين بن محمد  ، قال : حدثنا  جرير بن حازم  ، عن  أيوب  ، عن  عمرو بن دينار  ، عن جابر  مثل ذلك ، غير أنه قال : قال  جابر   : عبدا قبطيا يقال له : يعقوب  ، مات عام أول   . 
 [ ص: 447 ] قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تولى بيع ذلك المملوك ، فقد يحتمل : أن يكون ذلك للمعنى الذي قد ذكرناه في حديث عطاء  ، عن جابر   . 
ثم نظرنا هل روى هذا الحديث عن جابر  غير من ذكرنا . 
فوجدنا  محمد بن المنكدر  قد رواه أيضا ، عن جابر   . 
 4927  - كما قد حدثنا  ابن أبي داود  ، قال : حدثنا  المقدمي  ، قال : حدثنا سعيد بن سلمة   . 
قال  أبو جعفر   : وهو ابن أبي الحسام  ، قال : حدثنا  محمد بن المنكدر  ، عن  جابر بن عبد الله   : أن رجلا أعتق عبدا له ليس له مال غيره ، فرده النبي صلى الله عليه وسلم في الرق ، فباعه وأعطاه ثمنه   . 
ثم نظرنا : هل رواه عن جابر  غير من ذكرنا . ؟ 
 [ ص: 448 ] 
 4928  - فوجدنا أحمد بن داود  قد حدثنا ، قال : حدثنا  محمد بن يحيى بن أبي عمر  ، قال : حدثنا  سفيان   . 
 4929  - ووجدنا أحمد  قد حدثنا ، قال : حدثنا  مسدد  ، قال : حدثنا  حماد بن زيد  جميعا ، عن  عمرو بن دينار  ، عن  جابر بن عبد الله  أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر منه ، لم يكن له مال غيره ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بن النحام  عبدا قبطيا ، مات عام أول بثمان مائة درهم   . 
 [ ص: 449 ] فكان في هذا الحديث ، أيضا مثل ما في الأحاديث التي قبله ، وكان محتملا لما احتملته الأحاديث التي قبله . 
ثم نظرنا : هل رواه عن جابر  غير من ذكرنا . 
 4930  - فوجدنا  إبراهيم بن مرزوق  قد حدثنا ، قال : حدثنا  أبو حذيفة  ، قال : حدثنا  سفيان الثوري  ، عن  أبي الزبير  ، عن  جابر   : أن رجلا من الأنصار  يقال له : أبو فاطمة  ، أعتق غلاما له عن دبر منه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل له من مال غيره ؟ فقالوا : لا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن النحام  ختن  عمر بن الخطاب  بثمان مائة درهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنفقها على نفسك ، فإن كان فضل فعلى أهلك ، فإن كان فضل فعلى أقاربك ، فإن كان فضل ، فاقسم هاهنا وهاهنا ، يمينا وشمالا   . 
 [ ص: 450 ] 
 4931  - ووجدنا  يزيد بن سنان  قد حدثنا ، قال : حدثنا  عمرو بن خالد  ، قال : حدثنا  زهير بن معاوية  ، قال : حدثنا  أبو الزبير  ، عن  جابر  ، قال : أعتق رجل من الأنصار  غلاما له عن دبر منه ، فقال عمرو   : أرى أن زهيرا  ، قال : يقال له : أبو مذكور  ، لم يكن له مال غيره ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعتقت غلامك عن دبر منك ؟ قال : نعم ، قال : من يشتريه مني ، فابتاعه النحام  بثمان مائة درهم ، فدفعها إليه ، فقال : أنفق على نفسك ، فإن فضل عنك شيء فعلى أهلك ، فإن فضل شيء فعلى ذوي قرابتك ، فإن فضل شيء ، فهكذا وهكذا   . 
 4932  - ووجدنا  يونس  قد حدثنا ، قال : حدثنا  ابن وهب  ، قال : حدثنا  ابن لهيعة   والليث  ، عن  أبي الزبير  ، عن  جابر  ، ثم ذكر مثله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 4933  - ووجدنا  يزيد بن سنان  قد حدثنا ، قال : حدثنا  محمد بن  [ ص: 451 ] عبد الله الأنصاري  ، قال : حدثنا عزرة بن ثابت  ، عن  أبي الزبير  ، عن  جابر   : أن النبي صلى الله عليه وسلم باع مدبرا بثمان مائة درهم ، ودفع ثمنه إلى مولاه ، وقال : إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه   . 
قال  أبو جعفر   : ففي أحاديث سفيان  وزهير  والليث  وابن لهيعة  كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحوال مولى ذلك العبد ، أله مال غيره ؟ أو ليس له مال غيره ، وبيعه إياه لما وقف على أن لا مال له غيره ، ففي هذا ما يدل : أن أحواله في تدبيره عبده إذا كان له مال غيره خلاف تدبيره إياه ، وليس له مال غيره ، ولم يكن ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لاختلاف الأحوال في ذلك ، وقد روي عن عطاء  ما يدل أن مذهبه كان كذلك . 
كما حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي  ، قال : حدثني  أسباط بن محمد  ، قال : حدثنا  عبد الملك  ، عن  عطاء  في رجل أعتق جارية ، عن دبر أيطؤها ، قال : نعم ، قال : أيبيعها ، قال : لا إلا أن يحتاج إلى ثمنها   . 
 [ ص: 452 ] قال  الشيخ   : فمن يطلق بيعه عن غير حاجة منه إلى ثمنه ، كان هذا الحديث حجة عليه . 
وقد روي عن عطاء  ، عن جابر   : أن المبيع من ذلك المدبر ، إنما هو خدمته لا رقبته . 
 4934  - كما حدثنا  إسحاق بن إبراهيم  ، قال : حدثنا محمد بن طريف الكوفي  ، قال : حدثنا  محمد بن فضيل  ، قال : حدثنا  عبد الملك  ، عن  عطاء  ، عن  جابر بن عبد الله   : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببيع خدمة المدبر  ، فكان في هذا الحديث ، أن الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعه من المدبر ، خدمته لا رقبته . 
فقال قائل : أفيجوز أن يقال في هذا باعه وإنما آجره . 
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - : أن هذا مما قد يجوز أن يذكر بالبيع ، وإنما يراد منه الإجارة ، كما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 [ ص: 453 ] 
 4935  - ما قد حدثناه  يزيد  ، قال : حدثنا  أبو عاصم  ، قال : حدثنا  ابن جريج  ، قال : حدثني  أبو الزبير  ، عن  جابر بن عبد الله  ، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن بيع بياض الأرض لتحترث ، يبيع الرجل أرضه ، فنهى رسول الله عن ذلك  . 
 4936  - ومما قد حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال : حدثنا  أبو داود الطيالسي  ، عن سليم بن حيان  ، عن  سعيد بن مينا  ، عن  جابر بن عبد الله  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : من كان له فضل ماء ، أو فضل أرض ، فليزرعها ولا يبيعها  ، قال سليم   : فقلت له : يعني : الكراء ، قال : نعم ، قال : ففي هذا الحديث ذكر الإجارة  [ ص: 454 ] المنهي عنها بالبيع ، فكما جاز في هذا أن يطلق عليها اسم البيع ، احتمل أن يكون بيع خدمة المدبر أيضا كانت كذلك من إطلاق اسم البيع عليها ، وقد كشفنا عن حديث جابر  هذا فوجدنا جابرا  لم يأخذه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما أخذه عن رجل غيره ممن لا يعلم أهو من أصحابه أم من غيرهم ، وفي ذلك ما يمنع الاحتجاج به . 
 4937  - كما حدثنا  أحمد بن شعيب  ، قال : حدثنا  محمد بن بشار  ، قال : حدثنا  محمد ، يعني : ابن جعفر غندرا  ، قال : حدثنا  شعبة  ، عن  عمرو  ، قال : سمعت  جابرا  ، عن رجل من قومه  أنه أعتق مملوكا له عن دبر ، فدعا به النبي صلى الله عليه وسلم فباعه   . 
 [ ص: 455 ] ثم وجدنا هذه القصة قد روي أنها كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في مدبر ، قد كان مات مولاه . 
 4938  - كما حدثنا فهد بن سليمان  ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني  ، قال : حدثنا  شريك  ، عن  سلمة بن كهيل  ، عن  عطاء   وأبي الزبير  ، عن  جابر  أن رجلا دبر مملوكا له ، ثم مات وعليه دين ، فباعه النبي صلى الله عليه وسلم في دينه   . 
 [ ص: 456 ] 
 4939  - وكما حدثنا  أبو أمية  ، قال : حدثنا أبو نعيم  ، قال : حدثنا  شريك  ، ثم ذكر بإسناده مثله . 
 4940  - وكما قد حدثنا  محمد بن علي بن داود  ، قال : حدثنا  خلف بن هشام  ، قال : حدثنا  شريك  ، عن  سلمة بن كهيل  ، عن  عطاء  ، عن  جابر بن عبد الله  ، قال : مات ختن  لعمر بن الخطاب  ، وعليه دين ، وله مدبر ، فباعه النبي صلى الله عليه وسلم في دينه   . 
ففيما روينا : أن هذا البيع من النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المدبر ، إنما كان بعد موت مولاه في الدين الذي كان على مولاه ، وقد قال جماعة من أهل المدينة  ، منهم :  مالك بن أنس   : إن المدبر يباع بعد موت مولاه في دين مولاه ، وهم يمنعون مولاه من بيعه في حياته ، فإن كان الحديث إنما كان على ما في حديث شريك  هذا ، فليس فيه ما يوجب إطلاق بيع المدبر في حياة مولاه ، وبعد هذا فهذا اضطراب شديد قد وقع في هذا الباب مما يحتج من يطلق بيع المدبر باضطراب بعض الأحاديث بأقل من هذا القدر ، قال في حديث بروع   : إنه قد اضطرب  [ ص: 457 ] عنده ; لأن بعض الناس يقول فيه معقل بن سنان  ، وبعضهم يقول فيه معقل بن يسار  ، وإن كنا ما وجدناه عن معقل بن يسار  في رواية أحد ، وإذا كان هذا عنده اضطرابا كان ما ذكرناه في حديث المدبر بالاضطراب أولى ، وكان إذ وسعه فيما قال في حديث بروع  تركه ، والأخذ بغيره ، كان من منع من بيع المدبر في حياة مولاه بالاضطراب الذي روي فيه لمن منع من ذلك أوسع . 
ولقد وجدنا عن  جابر بن عبد الله  ، وهو الذي روى الحديث : ما يدل على أن مذهبه كان أن لا يباع المدبر . 
كما قد حدثنا  يحيى بن عثمان  ، قال : حدثنا  نعيم بن حماد  ، قال : حدثنا  ابن المبارك  ، قال : أخبرنا  ابن جريج  ، قال : أخبرنا  أبو الزبير  أنه سمع  جابر بن عبد الله  يقول في أولاد المدبرة : إذا مات مولاها ، لا يراهم إلا أحرارا ، وولدها ذلك منها كأنه عضو منها  ، فهذا جابر  يقول هذا ، وفي ذلك من قوله ما قد دل على أن المدبرة  [ ص: 458 ] ليست معتقة بوصية ; لأن الموصى بعتقها إذا ولدت ولدا في حياة مولاها لا يجب عتاقه معها بعد موت مولاها ، ففي ذلك ما قد دل أن للتدبير عملا فيمن دبر في حياة مولاه ليس مع الموصى بعتقه ذلك العمل للوصية بعتقه ، وقد وكد هذا المعنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قد رويناه فيه إنما الصدقة عن ظهر غنى ، ففي ذلك ما يوجب عمل التدبير في المدبر في حياة مولاه ، ولا ينكر بيع من هذه سبيله ، وقد وجدنا عن  عثمان بن عفان  وعبد الله بن عمر  ما يدل على المنع من بيع المدبر . 
كما حدثنا  الربيع المرادي  ، قال : حدثنا شعيب بن الليث  ، قال : حدثنا  الليث  ، عن  يزيد بن أبي حبيب  ، عن  أبي النضر  ، عن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة  ، بطن من بطون جهينة  ، أنه قال : أنكح سيد جدتي جدتي عبدا له ، ثم أعتقها عن دبر ، وقد ولدت أولادا قبل أن يعتقها وولدت أولادا بعد عتقها عن دبر ، ثم توفي سيدها ، فخاصمت إلى  عثمان   - رضي الله عنه - فقضى : أن ما ولدت قبل أن تدبر عبيد ، وما ولدت بعد التدبير معها يعتقون بعتاقها   . 
وكما حدثنا فهد  ، قال : حدثنا  أبو نعيم  ، قال : حدثنا  سفيان  ، عن  عبيد الله  ، عن  نافع   [ ص: 459 ] عن  ابن عمر  ، قال : ولد المدبرة بمنزلتها   . 
وكما حدثنا  يحيى بن عثمان  ، قال : حدثنا  نعيم  ، قال : حدثنا  ابن المبارك  ، قال : حدثنا  عبيد الله  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، قال : المعتقة عن دبر ولدها بمنزلتها ، يعتقون بعتقها ، ويرقون برقها   . 
ففي هذا الحديث من عثمان  وابن عمر  ما قد دل على أن مذهبهما كان في المدبرة المذهب الذي ذكرناه عن جابر  فيها ، وهذا القول في المنع من بيع المدبرة قد قال به من فقهاء الأمصار  أبو حنيفة  وابن أبي ليلى  والثوري  وأئمة الحجاز  كمالك  وذويه ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					