[ ص: 285 ]  449 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقراعه بين المدعيين عنده في اليمين أيهما يبدأ به فيها 
 2857  - حدثنا  أحمد بن خالد بن يزيد الفارسي  ، قال : حدثنا  علي ابن المديني  ، قال : حدثنا  خالد بن الحارث  ، قال : حدثنا  سعيد ، وهو ابن أبي عروبة  ، عن  قتادة  ، عن  خلاس  ، عن  أبي رافع  ، عن  أبي هريرة  رضي الله عنه أن رجلين ادعيا دابة ، ولم يكن لواحد منهما بينة ، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستهما على اليمين   . 
 2858  - حدثنا عبيد بن رجال  ، قال : حدثنا  مؤمل بن إهاب  ،  [ ص: 286 ] قال : حدثنا  عبد الرزاق  ، عن  معمر  ، عن  همام بن منبه  قال : سمعت  أبا هريرة  يقول : اختصم قوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم أن يحلفوا ، فأسرع الفريقان في اليمين ، فأمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرع بينهم أيهم يحلف   . 
قال  أبو جعفر   : فتأملنا هذا الحديث ، فكان الذي بان لنا من وجهه الذي أريد به بتوفيق الله عز وجل : أن ذينك الخصمين كان بينهما شيء كان كل واحد منهما فيه مدعيا على صاحبه توجب له عليه اليمين فيها ، فتكافآ في ذلك ، فلم يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا منهما في أخذ اليمين له من صاحبه في دعواه عليه على صاحبه كراهة الميل إلى أحدهما دون الآخر ؛ لأن من سنته صلى الله عليه وسلم التعديل بين الخصمين ، وترك  [ ص: 287 ] الميل إلى أحدهما بمعنى : لا يميل به إلى الآخر منهما ، فرد ذلك إلى الإقراع بينهما ؛ لتكون أمورهما تجري على ما يكون عن تلك القرعة مما يوجب تقدم أحدهما على الآخر في أخذ حقه منه ، كمثل ما كان صلى الله عليه وسلم يفعل في أزواجه إذا أراد سفرا في الإقراع بينهن ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، وسنذكر ذلك وما روي فيه فيما بعد من كتابنا هذا في موضع هو أولى به من هذا الموضع إن شاء الله . 
ومن ذلك ما أمر به الخصمين اللذين أمرهما بالقسمة بالاستهام فيها وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم منا في كتابنا هذا ، وهكذا ينبغي للحكام فيما يستعملونه من أمور الناس في تقدمهم إليهم في خصوماتهم عندهم إذا احتاجوا إلى أن يقدموا بعضهم على بعض فيما لا يستطيعون استعماله فيهم معا ، أن يقرعوا بينهم فيه ، ثم يقدمون من قرع على سواه منهم ، حتى لا يقع في القلوب ميلهم إلى بعضهم دون بعض ، والله - تعالى - نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					