[ ص: 63 ]  942 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تركه مالك البعير الذي اشتكى إليه أنه يجيعه ، ويدئبه في العمل بترك أخذه إياه بعلفه . 
 5842  - حدثنا  الربيع المرادي ،  حدثنا  أسد بن موسى  ، حدثنا  مهدي بن ميمون ،  حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب  ، عن الحسن بن سعد - مولى الحسن بن علي -   . 
عن  عبد الله بن جعفر  قال : أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه ، وأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس ، وكان أحب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف ، أو حائش نخل ، فدخل حائط رجل من الأنصار ، فإذا جمل ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم ، فمسح سرو رأسه ، وذفراه ، فشكا ، فقال : من رب هذا الجمل ؟ فجاء فتى من الأنصار ، فقال : هو لي يا رسول الله ، فقال : أولا تتقي الله في البهيمة التي ملكك الله تعالى ، شكا إلي أنك تجيعه ، وتدئبه في العمل   . 
 [ ص: 64 ] وكان ما في هذا الحديث من ذفرى البعير هو ما بعد أذنيه ، ومعنى السرو المذكور فيه : هو أسرى ما فيه وأعلاه ، فأضاف ذلك إليه بقول راويه أي : مسح بيده على ذفراه ، وعلى سرو ما فيه ليكون ذلك سببا لسكونه . 
وكان في هذا الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب ذلك البعير بعد وقوفه على تشكيه إليه أنه يجيعه ويدئبه في العمل : ألا تتقي الله في البهيمة التي ملكك الله إياها . يعني : أخذته بإعلافه بما يخرجه من مالكي بني آدم في مماليكهم الذين يجيعونهم . 
 [ ص: 65 ] وهذه مسألة من الفقه اختلف أهل الفقه فيها ; فطائفة منهم تقول : من كانت له دابة يجيعها لم يؤخذ بإعلافها ، ولكن يؤمر بذلك ، ولا يجبر عليه ، ويؤمر بتقوى الله تعالى في ذلك ، وتركه إجاعتها ، وممن كان يقول ذلك منهم :  أبو حنيفة  ، وأصحابه . 
وطائفة منهم تقول : بل يجبر على ذلك ، ويؤخذ به ، ويحبس فيه كما يفعل به ، فيمن يملكه من بني آدم ممن تدعو الضرورة إلى ذلك منه ، وقد كان  أبو يوسف  يقول بهذا القول بأخرة . 
واحتج أهل هذا القول الأخير لقولهم هذا بإجماعهم ، وإجماع مخالفيهم على الأخذ بالإنفاق على المملوكين الآدميين . 
فكان من الحجة لمخالفيهم في ذلك : أن الآدميين تجب لهم الحقوق كما تجب عليهم الحقوق ، فمن ذلك : أن المماليك الآدميين يجنون الجنايات ، فيؤخذون بها ، فلما كانت الحقوق تجب عليهم أيضا يجب لهم على من تجب لهم عليه ، وكانت إليها ، ثم لا تجب عليهم الحقوق بجناياتهم ، فكانوا كذلك أيضا في تركه وجوب الحقوق لهم على مالكيهم ، ولكنهم بخلاف من سواهم من الناس يؤمرون فيهم بتقوى الله عز وجل ، وبترك التضييع لهم ، وإن كان ما على مالكيهم في التجاوز ما على غير مالكيهم فيه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					