[ ص: 401 ]  464 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حمل رؤوس القتلى المقتولين نكالا من بلد إلى بلد ، ومن ناحية إلى ناحية من الإباحة ، وما روي عن أبي بكر  رضي الله عنه مما يخالف ذلك . 
 2957  - حدثني محمد بن أحمد بن خزيمة البصري  ، قال : حدثنا  العباس بن محمد الدوري  ، قال : حدثنا  يحيى بن معين  ، قال : حدثنا حسين الأشقر  ، عن ابن قابوس  ، عن أبيه  ، عن  جده  ، عن  علي  رضي الله عنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم برأس مرحب    . 
 2958  - حدثنا فهد بن سليمان  ،  ومحمد بن سليمان الباغندي  ، قالا : حدثنا يوسف بن مبارك الكوفي  ، قال : حدثنا  حفص بن غياث  ، عن  أشعث  ، عن  عدي بن ثابت  ، عن  البراء  قال : لقيت خالي معه الراية ، فقلت له : أين تذهب ؟ فقال : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن  [ ص: 402 ] آتيه برأسه   . 
 2959  - حدثنا فهد  ، قال : حدثنا  أبو سعيد الأشج  ، قال : حدثنا  حفص بن غياث  ، ثم ذكر بإسناده مثله . 
 2960  - وحدثنا عبيد بن رجال  ، وهارون بن محمد العسقلاني  ، قالا : حدثنا  مؤمل بن إهاب  ، قال : حدثنا  ضمرة  ، قال : حدثني  [ ص: 403 ] يحيى بن أبي عمرو السيباني  ، عن عبد الله بن الديلمي  ، عن أبيه  قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم برأس الأسود العنسي  الكذاب ، فقلت : يا رسول الله ، قد عرفت من نحن ، فإلى من نحن ؟ قال : إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم   . 
فتأملنا هذه الآثار ، فوجدنا فيها إتيان علي  رسول الله صلى الله عليه وسلم برأس مرحب  ، وهو كان أحد أعدائه ، فسبق علي  رضي الله عنه به إليه ، فلم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه . 
ووجدنا فيها أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خال البراء  أن يأتيه برأس الذي تزوج امرأة أبيه بعد أبيه من الموضع الذي فيه . 
ووجدنا فيها إتيان الديلمي  وأصحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم برأس العنسي  [ ص: 404 ] الكذاب  ، وإنما كان إتيانهم به إليه من اليمن  ليقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على نصر الله - عز وجل - عليه ، وعلى كفاية المسلمين شأنه ، وكان كتاب الله - عز وجل - قد دل على شيء من هذا بقوله : الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة   - إلى قوله - وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين  ، وبقوله في آية المحاربين : أن يقتلوا أو يصلبوا  ، وكان ذلك عندنا - والله أعلم - ليشتهر في الناس إقامة نكال الله عز وجل إياهم عليهم ، فكان مثل ذلك إظهار رؤوس من قتل على ما فعل عليه المحمولة رؤوسهم في الآثار التي رويناها في ذلك ليقف الناس على النكال الذي نزل بهم . 
فإن قال قائل : فقد روي عن أبي بكر  رضي الله عنه ما يخالف هذا ، وذكر ما حدثنا  يونس  ، قال : أنبأنا  ابن وهب  ، قال : أخبرني  عمرو بن الحارث  ، عن  بكر بن سوادة  ، أن  علي بن رباح  حدثه ، أن  عقبة بن عامر  قال : جئت  أبا بكر الصديق  رضي الله عنه بأول فتح من الشام  ، وبرؤوس ، فقال : ما كنت أصنع بهذه شيئا   . 
حدثنا  بحر بن نصر  ، قال : حدثنا  يحيى بن حسان  ، قال : حدثنا  ابن لهيعة  ، عن  يزيد بن أبي حبيب  ، عن  علي بن رباح  ، عن  عقبة بن عامر  ، أن  عمرو بن العاص  ، وشرحبيل بن حسنة  ، بعثاه إلى  أبي بكر الصديق  رضي الله عنه برأس يناق بطريق الشام  ، فلما قدم عليه أنكر ذلك أبو بكر  رضي الله عنه ، فقال له عقبة   : يا خليفة  [ ص: 405 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم يصنعون ذلك بنا ، فقال أبو بكر  رضي الله عنه : أفاستنان بفارس  والروم  ، لا تحملوا إلي رأسا ، إنما يكفي الكتاب والخبر   . 
حدثنا  أحمد بن شعيب  ، قال : حدثنا  عمرو بن علي  ، قال : حدثنا  عبد الرحمن بن مهدي  قال : أنبأنا  ابن المبارك  ، عن  سعيد بن يزيد  ، عن  يزيد بن أبي حبيب  ، ثم ذكر بإسناده مثله . 
قال : فهذا أبو بكر  قد أنكر حمل الرؤوس إليه ، فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن أبا بكر  ، وإن كان قد أنكر ذلك ، فقد كان حاملوه شرحبيل بن حسنة  ، وعمرو بن العاص  ، وعقبة بن عامر  بحضرة من كان معهم من أمرائه على الأجناد ، منهم يزيد بن أبي سفيان  ، ومن سواه ممن كان خرج لغزو الشام  من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم ينكروا ذلك عليهم ، ولم يخالفوهم عليه ، فدل ذلك على متابعتهم إياهم عليه ، ولما كان ذلك كذلك ، وكانوا مأمونين على ما فعلوا ، فقهاء في دين الله عز وجل ، كان ما فعلوا من ذلك مباحا لما رأوا فيه من إعزاز دين الله وغلبة أهله الكفار به ، وكان ما كان من أبي بكر  في ذلك من كراهته إياه قد يحتمل أن يكون لمعنى قد وقف عليه في ذلك ، يعني عن ذلك الفعل ، وقد كان رأيه رضي الله عنه معه التوفيق ، وكان مثل هذا من بعد يرجع فيه إلى رأي الأئمة الذين يحدث مثل هذا في إبانهم ، فيفعلون في ذلك ما يرونه صوابا ، وما يرونه من حاجة المسلمين إليه ،  [ ص: 406 ] ومن استغنائهم عنه ، وقد كان من  عبد الله بن الزبير  في رأس المختار  لما حمل إليه ترك النكير في ذلك ، ومعه بقايا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في ذلك على مثل ما كانوا عليه . 
كما حدثنا  يونس  ،  وبحر  جميعا قالا : حدثنا  يحيى بن حسان  ، قال : حدثنا  أبو أسامة  ، عن  الأعمش  ، عن شمر بن عطية  ، عن هلال بن يساف  قال : حدثني البريد  الذي قدم برأس المختار  على  عبد الله بن الزبير  قال : فلما وضعته بين يديه قال : ما حدثني كعب  بحديث إلا وجدته كما حدثني إلا هذا ، فإنه حدثني أنه يقتلني رجل من ثقيف  ، وها هو هذا قد قتلته  ، قال  الأعمش   : وما يعلم أن أبا محمد ، يعني : الحجاج  ، مرصد له بالطريق ، والله عز وجل نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					