[ ص: 219 ]  827 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله لسعد لما عاده في مرضه الذي كان عاده فيه لما قال له سعد : أميت أنا من مرضي هذا في الدار التي هاجرت منها ؟ فقال له : " إني أرجو ليرفعنك الله حتى ينفع بك قوم ، ويضر بك آخرون " 
 5221  - حدثنا  يونس بن عبد الأعلى  ، قال : حدثنا  سفيان بن عيينة  ، عن  الزهري  ، عن  عامر بن سعد بن أبي وقاص  ، عن  أبيه   - رضي الله عنه - قال : مرضت عام الفتح مرضا أشرفت منه على الموت ، فأتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني ، فقلت : يا رسول الله ، إن لي مالا كثيرا ، أفأتصدق بمالي كله ؟ قال : " لا " ، قلت : فبالشطر ، قال : " لا " ، قلت : فالثلث ، قال : الثلث ، والثلث كثير ، إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس ، إنك لن تنفق نفقة إلا أجرت عليها ، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك " ، قلت : يا رسول الله ، أخلف عن هجرتي ؟ قال : " إنك لن تخلف بعدي ، فتعمل عملا تريد به وجه الله ، إلا ازددت به رفعة ودرجة ،  [ ص: 220 ] ولعلك أن تخلف بعدي حتى ينتفع بك أقوام ، ويضر بك آخرون ، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم ، ولا تردهم على أعقابهم ، لكن البائس سعد بن خولة   " يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة    . 
 5222  - حدثنا  يونس  ، قال : أخبرنا  عبد الله بن وهب  ، أن  مالكا  حدثه ، عن  ابن شهاب  ، عن  عامر بن سعد بن أبي وقاص  ، عن أبيه  سعد بن أبي وقاص  ، أنه قال : أتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي ، فقلت : يا رسول الله ، قد بلغ بي الوجع ما ترى ، وأنا ذو مال ، ولا يرثني إلا ابنة لي  ، ثم ذكر الحديث ، إلا أنه قال : الثلث والثلث كثير أو كبير  . 
قال  أبو جعفر   : فاختلف سفيان  ومالك  في هذا الحديث في السفرة التي كان مرض سعد  فيها ، فقال سفيان   : هي عام الفتح ، وقال مالك   : هي حجة الوداع . 
 [ ص: 221 ] فأردنا أن ننظر إلى حقيقتها ، أي السفرتين كانت 
 5223  - فوجدنا  محمد بن علي بن داود البغدادي  قد حدثنا ، قال : حدثنا  عفان بن مسلم  ، قال : حدثنا  وهيب بن خالد  ، قال : حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم  ، عن عمرو القاري  ، عن أبيه  ، عن جده عمرو القاري   : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة  فخلف سعدا  مريضا حين خرج إلى حنين ، فلما قدم من الجعرانة  معتمرا دخل عليه وهو وجع مغلوب ، فقال سعد   : يا رسول الله ، إن لي مالا ، وإني أورث كلالة ، أفأوصي بمالي كله ، أو أتصدق به ، قال : " لا " . قال : فأوصي بثلثيه ، قال : " لا " . قال : فأوصي بثلثه ، قال " نعم ، وذلك كبير " . قال : أي يا رسول الله ، أفميت أنا بالدار التي خرجت منها مهاجرا ؟ قال : إني أرجو أن يرفعك الله فينكأ بك أقوام ، وينفع بك آخرون ، يا عمرو بن القاري   : إن مات سعد  بعدي ، فادفنه هاهنا " يعني : نحو طريق المدينة  ، وأشار بيده هكذا   . 
 [ ص: 222 ] ففي هذا الحديث ما يوجب القضاء لابن عيينة  على مالك  في اختلافهما في السفرة التي كان فيها مرض سعد  الذي قال له فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال له في هذا الحديث ، وأنها عام الفتح لا حجة الوداع .
ثم طلبنا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : " ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ، ويضر بك آخرون " ما هو . ؟ 
فوجدنا  يحيى بن عثمان بن صالح  قد حدثنا ، قال : حدثنا  حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي  ، قال : أخبرنا  عبد الله بن وهب  ، عن  عمرو بن الحارث  ، عن  بكير بن الأشج  ، قال : سألت  عامر بن سعد  عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد   - رضي الله عنه - وعسى أن تبقى حتى ينفع بك أقوام ، ويضر بك آخرون . قال عامر   : أمر سعد  على العراق  ، فقتل أقواما على الردة ، فأضرهم ، واستتاب قوما كانوا يسجعون سجع مسيلمة الكذاب  ، فتابوا فانتفعوا به   . 
وكان مثل هذا مما لم يقله عامر  رأيا ولا استنباطا ; لأن مثله لا يقال بالرأي ، ولا بالاستنباط ، ولكنه قاله توقيفا ; لأن مثله لا يقال إلا بالتوقيف ، وعسى أن يكون سمعه من أبيه ، أو ممن سواه ممن يصلح أخذ مثله عنه ، ولا يجوز أن يكون الذي أخذه عنه أخذه إلا من الجهة التي يؤخذ مثله من مثلها ، إما سماعا من رسول الله ، وإما سماعا ممن سمعه منه ، فبان بذلك معنى ما ذكرناه في الحديث الأول الذي لم يتبين فيه معناه ، والله نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					