[ ص: 97 ] 948 - باب بيان مشكل ما روي عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة التي واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخلفين عنها بإحراق بيوتهم ، أي الصلوات هي؟
5865 - حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص .
عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم آمر رجالا لا يشهدون الصلاة أن أشعل عليهم بيوتهم نارا .
[ ص: 98 ] .
5866 - وحدثنا الحسين بن نصر ، قال : حدثنا الفريابي ، حدثنا إسرائيل ، حدثنا أبو إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .
5867 - وحدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .
قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث ، وما فيه ، من هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق على هؤلاء القوم الذين كانوا يتخلفون عن الصلاة ، فبدأنا بطلب تلك الصلاة ، أي الصلوات هي ؟
5868 - فوجدنا يزيد بن سنان قد حدثنا قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أحرق على رجال بيوتهم يتخلفون عن الجمعة .
[ ص: 99 ]
5869 - ووجدنا فهد بن سليمان قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو غسان ، حدثنا زهير بن معاوية ، حدثنا أبو إسحاق : أنه سمع أبا الأحوص يذكر عن عبد الله بن مسعود : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم .
5870 - ووجدنا إبراهيم بن أبي داود قد حدثنا قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، حدثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
[ ص: 100 ] قال أبو جعفر : فوقفنا بحديث زهير هذا على أن الصلاة التي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوعيد في التخلف عنها مما ذكرنا في الحديث الأول هي الجمعة ، وكان ذلك عندنا - والله أعلم - أن الفرض في إتيان الجمعة ما قد بينه الله تعالى في كتابه بقوله : يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع . ثم وكد ذلك توكيدا دل به أن الذي يسعون إليه هو الصلاة بقوله : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله . وأطلق لهم بعد الصلاة ما كان حظره عليهم قبلها ، ولما كان ذلك كذلك ، وكان من الفرض لها ما كان مما ذكرنا ، وكان ذلك الفرض من الفروض التي لا يقوم بها الخاصة عن العامة كغسل الموتى والصلاة عليهم ومواراتهم في قبورهم ; لأن ذلك وإن كان في أصله فرضا ، فإن بعض الناس إذا فعله سقط الفرض الذي كان فيه على بقيتهم ، وكان السعي إلى الجمعة حتى تقضى بخلاف ذلك ; لأنه لا يسقط ذلك الفرض عن أحد بفعل غيره إياه ، فدل ذلك أن الوعيد الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ذكرنا كان بهذا المعنى [ ص: 101 ] فقال قائل : فكيف صارت العقوبة على ما في هذا الحديث إحراق بيوت أهلها ؟
فكان جوابنا له في ذلك : أنه قد يحتمل أن يكون أراد صلى الله عليه وسلم بذلك أن يجعله نكالا لهم ، ويحتمل أن يكون ذلك كان في الأحكام ، ثم نسخت ، فمن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مانعي الزكاة : " فإنا آخذوها وشطر أموالهم عزمة من عزمات ربنا " . ومن قوله في سرقة حريسة [ ص: 102 ] الجبل : " إن فيها غرم مثلها ، وجلدات نكال " .
وقد أجمع أهل العلم أن ذلك مما قد نسخ ، وردت العقوبات على ترك ما يكون بالأبدان من الأشياء المحرمة على الأبدان دون الأموال ، فاحتمل أن يكون ما كان من وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحراق بيوت هؤلاء المتخلفين عن الصلاة عقوبة لهم على تخلفهم ، والخبر الذي فيه العقوبات على أهل الوجوب بالأشياء التي تفعل بالأبدان ترد إلى الأموال ، ثم نسخ ذلك وأشكاله مما قد ذكرنا - والله أعلم - بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .


