[ ص: 399 ]  281 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكر الفخذ هل هو من العورة أم لا 
 1695  - حدثنا  يوسف بن يزيد  ، قال : حدثنا حجاج بن إبراهيم  ، قال : حدثنا  إسماعيل بن جعفر  ، عن محمد بن أبي حرملة  ، عن  عطاء بن يسار   وسليمان بن يسار   وأبي سلمة بن عبد الرحمن  ، عن  عائشة  رضي الله عنها قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيته ، كاشفا عن فخذيه ، فاستأذن أبو بكر  فأذن له وهو على تلك الحال ، ثم استأذن عمر  ، فأذن له وهو كذلك ، فتحدث ثم استأذن عثمان  فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه ، قال : محمد   : ولا أقول ذلك في يوم واحد فدخل فتحدث فلما خرج قالت له  عائشة   : يا رسول الله ، دخل عليك أبو بكر  ، فلم تهش ولم تباله ، ثم دخل عمر  فلم تهش له ، ثم دخل عثمان  فجلست وسويت ثيابك ؟ ، فقال : ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة   } . 
 [ ص: 400 ] قال  أبو جعفر   : ففي هذا ما قد دل على أن الفخذ ليس من العورة ، وقد روي في هذا المعنى أيضا . 
 1696  - ما قد حدثنا فهد بن سليمان  ، قال : حدثنا  أحمد بن عبد الله بن يونس  ، قال : حدثنا  أبو معاوية  ، قال : حدثني عمرو بن مسلم صاحب المقصورة  ، عن  أنس بن مالك  ، قال : { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا من حوائط الأنصار  فإذا بئر في الحائط فجلس على رأسها ، ودلى رجليه ، وبعض فخذه مكشوف ، وأمرني أن أجلس على الباب ، فلم ألبث أن جاء أبو بكر  فأعلمته ، فقال : ائذن له وبشره بالجنة ، فدخل فحمد الله عز وجل ، ثم صنع كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم جاء عمر  فأعلمته ، فقال : ائذن له وبشره بالجنة ، فدخل فحمد الله عز وجل ، ثم صنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جاء علي  فأعلمته ، فقال : ائذن له وبشره بالجنة ، فدخل فحمد الله عز وجل وصنع كما صنع أصحابه ، ثم جاء عثمان  ، فقال : ائذن له وبشره بالجنة ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم غطى فخذه . قالوا : لم يا رسول الله ، غطيت فخذك حين جاء عثمان  ، قال : إني لأستحيي ممن تستحيي منه الملائكة   } . 
 [ ص: 401 ] قال  أبو جعفر   : فكان في مثل هذا الحديث أيضا مثل الذي في الحديث الذي قبله ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفخذ أنه من العورة . 
 1697  - كما حدثنا أحمد بن أبي عمران  ، قال : حدثنا  عبيد الله بن عمر القواريري  ، قال : حدثنا  يحيى بن سعيد  ، عن  ابن جريج  ، عن  حبيب بن أبي ثابت  ، عن عاصم بن ضمرة  ، عن  علي  رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الفخذ عورة   } . 
 [ ص: 402 ] 
 1698  - وكما حدثنا  علي بن معبد  ، قال : حدثنا إسحاق بن منصور  ، قال : حدثنا  إسرائيل  ، عن أبي يحيى  ، عن  مجاهد  ،  [ ص: 403 ] عن  ابن عباس  قال : { خرج النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأى فخذ رجل ، فقال : فخذ الرجل من عورته   } . 
 1699  - وكما حدثنا  بحر بن نصر  ، قال : حدثنا  عبد الله بن وهب  ، قال : أخبرني  حفص بن ميسرة  ، عن  العلاء بن عبد الرحمن  ، عن أبي كثير  ، عن محمد بن جحش  ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على معمر  بفناء المسجد كاشفا عن طرف فخذه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خمر فخذك يا معمر  ؛ إن الفخذين عورة   } . 
 [ ص: 404 ] 
 1700  - وكما حدثنا روح بن الفرج  ، قال : حدثنا  أبو مصعب الزهري  ، قال : حدثنا  ابن أبي حازم  ، عن  العلاء  ، عن أبي كثير مولى محمد بن جحش  ، عن محمد بن جحش  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله . 
 1701  - وكما حدثنا  علي بن معبد  ، قال : حدثنا إسحاق بن منصور  ، قال : حدثنا  الحسن بن صالح  ، عن  عبد الله بن محمد بن عقيل  ، عن عبد الله بن مسلم بن جرهد  ،  [ ص: 405 ] عن أبيه  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : { فخذ الرجل من عورته ، أو قال : من العورة   } . 
 1702  - وكما حدثنا فهد  ، قال : حدثنا  أبو نعيم  ، قال : حدثنا  حسن  ، عن  عبد الله بن محمد بن عقيل  ، عن عبد الله بن جرهد الأسلمي  ، عن أبيه  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله . 
 [ ص: 406 ] 
 1703  - وكما حدثنا  يونس بن عبد الأعلى  ، قال : أخبرنا  عبد الله بن وهب  ، قال : حدثني  مالك بن أنس  ، عن  أبي النضر  ، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد  ، عن أبيه  ، { عن جرهد وكان من أصحاب الصفة  ، أنه قال : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي وفخذي منكشفة ، فقال : خمر عليك ، أما علمت أن الفخذ عورة   } . 
 1704  - وكما حدثنا محمد بن خزيمة  ، قال : حدثنا  مسدد بن مسرهد  ، قال : حدثنا  يحيى بن سعد  ، عن  مسعر  ، قال : حدثنا  أبو الزناد  ، عن عمه زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد  ، { عن جده جرهد  ، قال : مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي بردة قد كشفت عن فخذي ، فقال : غط فخذك ، الفخذ عورة   } . 
 [ ص: 407 ] قال  أبو جعفر   : ففي هذه الآثار أن الفخذ عورة ، ولما اختلف في حكم الفخذ أنه عورة ، وفي أنه ليس بعورة فيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ذكرنا طلبنا الأولى من هذين المعنيين بالنظر الصحيح . 
فوجدنا الفخذ من المرأة من عورتها ، لا يحل لذي رحمها المحرمة منها ولا لغيره من الناس سوى زوجها النظر إليه منها ، كما لا يحل لهم النظر منها إلى فرجها ولا إلى بطنها ، وكان ذلك بخلاف صدرها وبخلاف رأسها وبخلاف ساقها ؛ لأن ذلك ينظر إليه ذوو الرحم المحرمة منها ، وإنما الممنوعون من النظر إلى ذلك منها سوى زوجها الأجنبيون منها . 
فعقلنا بذلك أن فخذها من عورتها ، كما فرجها وكما بطنها من عورتها ، لا كرأسها ولا كساقها ، ولا كصدرها اللاتي ليست  [ ص: 408 ] من عورتها ، وإذا كان ذلك كذلك في المرأة كان في الرجل أيضا كذلك ، وكان فخذه من عورته لا كما سواه من بدنه مما ليس من عورته . 
ثم نظرنا في ركبتيه هل حكمهما كحكم فخذه أو كحكم ساقه . 
 1705  - فوجدنا  أحمد بن عبد الرحمن بن وهب  ، وفهد بن سليمان  جميعا قد حدثانا ، قالا : حدثنا  سعيد بن كثير بن عفير  ، قال : حدثني  عبد الله بن وهب  ، قال : أخبرني  يونس بن يزيد  ، عن  ابن شهاب  ، قال : أخبرني  علي بن الحسين بن علي  ، أن  الحسين بن علي  أخبره ، أن {  عليا  رضي الله عنه ، قال : استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة  رضي الله عنه ، فأذن له فإذا هو يشرب فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يلومه فيما فعل بشارفي علي  ، وإذا حمزة  ثمل محمرة عيناه ، فنظر حمزة  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد النظر ثم نظر إلى ركبته ، ثم صعد النظر ، فنظر إلى سرته ثم صعد النظر ، فنظر إلى وجهه ثم ، قال : هل أنتم إلا عبيد لأبي ؟ فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل ، فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه القهقرى وخرج وخرجنا معه .   } 
 [ ص: 409 ] 
 1706  - ووجدنا  محمد بن علي بن زيد المكي  قد حدثنا ، قال : حدثنا  إبراهيم بن المنذر الحزامي  ، قال : حدثنا  عبد الله بن وهب  ، ثم ذكر بإسناده مثله . 
 1707  - ووجدنا عبيد بن رجال  قد حدثنا ، قال : حدثنا  أحمد بن صالح  ، قال : حدثنا عنبسة بن خالد  ، عن  يونس بن يزيد  ثم ذكر بإسناده مثله . 
قال  أبو جعفر   : فكان في هذا الحديث ما قد دل ، أن حكم الركبة كحكم الساق لا كحكم الفخذ . 
 1708  - ووجدنا  أبا أمية  قد حدثنا ، قال : حدثنا  روح بن عبادة  ، قال : حدثنا  زكريا بن إسحاق  ، قال : حدثنا  إبراهيم بن ميسرة  ، أنه سمع عمرو بن الشريد  يحدث ، عن أبيه  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم تبع رجلا من ثقيف حتى هرول في إثره حتى أخذ بثوبه ، فقال : ارفع إزارك فكشف الرجل ، عن ركبتيه ، فقال : يا رسول الله ، إني أحنف وتصطك ركبتاي ، فقال : رسول الله : صلى الله عليه وسلم : كل  [ ص: 410 ] خلق الله حسن ، فلم نر ذلك الرجل إلا وإزاره إلى نصف ساقيه حتى مات   } . 
قال  أبو جعفر   : فكان هذا الحديث كالحديث الذي قبله أيضا . 
 1709  - ووجدنا محمد بن سنان الشيزري  قد حدثنا ، قال : حدثنا  هشام بن عمار  ، قال : حدثنا صدقة بن خالد  ، قال : حدثنا  زيد بن واقد  ، عن  بسر بن عبيد الله  ، عن  عائذ الله أبي إدريس الخولاني  ، عن {  أبي الدرداء  رضي الله عنه ، قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر  آخذا عن طرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه ، فقال : أما صاحبكم فقد غامر فسلم ، فقال : إنه كان بيني وبين ابن الخطاب  ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي  [ ص: 411 ] وتحرز مني بداره ، فقال : يغفر الله لك أبا بكر   - مرتين - ثم إن عمر  قدم فأقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : رسول الله : صلى الله عليه وسلم : أيها الناس إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر  صدقت وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي ؟ مرتين   . قال  أبو جعفر   : فكان هذا الحديث كالذي قبله أيضا ووجدنا  أبا موسى الأشعري  قد روي عنه من كلامه كلام قد خلطه بوعيد لمن خالفه مما لا يجوز أن يكون قاله رأيا ؛ لأن الوعيد لا يكون فيما قد قيل بالرأي مما قد يجوز لغير قائله أن يقول بخلافه ما قد خالف هذا المعنى . 
كما حدثنا علي بن شيبة  ، قال : حدثنا  يزيد بن هارون  ، قال : حدثنا  حماد بن سلمة  ، عن حكيم الأثرم  ، عن أبي تميمة الهجيمي  ، قال : سمعت  أبا موسى الأشعري  يقول : لا أعرفن أحدا نظر من جارية إلا إلى ما فوق سرتها وأسفل من ركبتيها ،  [ ص: 412 ] لا أعرفن أحدا فعل ذلك إلا عاقبته   . قال  أبو جعفر   : فجاز لما قد ذكرنا أن يضاد بهذا الحديث الأحاديث التي ذكرناها قبله المخالفة له ، ثم عدنا إلى طلب الحكم في ذلك بالنظر الصحيح . فوجدنا الفخذ والساق عضوين موصولين أحدهما مركب على الآخر ، وكانا إذا نشطا بدا منهما كالفلكة ، وهما كعظمان أحدهما في الفخذ والآخر في الساق وتلك الفلكة هي الركبة ، وكان ما كان منها في الفخذ له حكم الفخذ في أنه عورة ، وكان ما كان منها في الساق له حكم الساق ، وليس هو بعورة ، ولكنه غير مقدور على تفصيله من العظم الذي في الساق ، ولا على مقدار كل واحد منه ، ومن العظم الذي في الساق إنما يريان كالشيء الواحد ، فكان الأولى في ذلك أن نحكم له بحكم العورة لا بحكم ما سواه . 
وأما السرة ففي حديث علي  ما قد دل أنها ليس من العورة ، وكذلك في حديث  أبي محذورة   . 
 1710  - الذي حدثناه  علي بن معبد  وعلي بن شيبة  ، قالا : حدثنا  روح بن عبادة  ، قال : حدثنا  ابن جريج  ، قال : أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة  ، أن  عبد الله بن محيريز  أخبره ،  [ ص: 413 ] عن  أبي محذورة  في حديث الأذان ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على ناصية  أبي محذورة  ، ثم أمرها على وجهه ، ثم بين ثدييه ثم على كبده ، ثم بلغت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرة  أبي محذورة    } . 
 1711  - وقد حدثنا  بكار بن قتيبة  أيضا ، قال : حدثنا  أبو عاصم  ، عن  ابن جريج  ، ثم ذكر بإسناده مثله ، فدل ذلك على أن السرة ليست من العورة ، وكان ذلك في السرة مما قد قامت الحجة فيه ، أنه أولى مما قاله أبو موسى  فيه ، وقد خالف أبا موسى  في ذلك أيضا ثلاثة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم الحسن بن علي  رضي الله عنه ، وعبد الله بن عمر  وأبو هريرة   . 
 [ ص: 414 ] 
 1712  - كما حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال : حدثنا  عثمان بن عمر  ، عن  ابن عون  ، عن { عمير بن إسحاق  ، قال : كنت مع الحسن بن علي  ، فلقيه  أبو هريرة  ، فقال : ادن مني حتى أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله منك فرفع ثوبه فقبل سرته   } . 
وكما حدثنا  بكار بن قتيبة  ، قال : حدثنا  أبو عاصم  ، قال : حدثنا  ابن عون  ، عن قدامة بن موسى  ، عن أبيه  ، قال : كان  عبد الله بن عمر  يأتينا في الجامع ، فأتانا وقد اتزرت أزرة الفتيان ، فعلق أصبعه في إزاري حتى طأطأه تحت السرة  ، فكان هذا هو الأولى في ذلك عندنا ، مما روي عن أبي موسى  مما يخالفه ؛ لأن السرة بالصدر أشبه منها بالعورة ، والله نسأله التوفيق . 
				
						
						
