[ ص: 432 ]  596 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم ما بين الخطبة يوم الجمعة وبين الدخول في الصلاة : هل هو موضع كلام أو موضع سكوت ؟ 
 3828  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ،  ومحمد بن سليمان بن الحارث الباغندي  ، قالا : حدثنا  أبو الوليد الطيالسي  ، قال : حدثنا  أبو عوانة  ، عن  المغيرة  ، عن زياد بن كليب  ، عن  إبراهيم  ، عن  علقمة  ، عن قرثع  ، عن  سلمان  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تدرون ما يوم الجمعة ؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم ، ثم قال : تدرون ما يوم الجمعة ؟ قلت : الله عز وجل ورسوله أعلم ، قال : قلت في الثالثة أو الرابعة : هو اليوم الذي جمع فيه أبوك أو أبوكم ، قال : لكني أخبرك بخبر يوم الجمعة : ما من مسلم يتطهر ، ثم يمشي إلى المسجد ، ثم ينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كانت كفارة ما بينه وبين يوم الجمعة التي قبلها ، ما اجتنبت المقتلة   . 
 [ ص: 433 ] قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث الحض على الإنصات بين الخطبة للجمعة وبين صلاة الجمعة ، وقد ذهب إلى ذلك قوم ، منهم :  أبو حنيفة  ، وقد خالفهم في ذلك أكثر أهل العلم ، منهم :  أبو يوسف  ، ومحمد بن الحسن  ، فلم يروا بالكلام بين الخطبة وبين صلاة الجمعة بأسا ، فتأملنا ما روي في هذا الباب سوى هذا الحديث . 
 [ ص: 434 ] 
 3829  - فوجدنا  إبراهيم بن منقذ العصفري  قد حدثنا ، قال : حدثنا  أبو عبد الرحمن المقرئ  ، قال : حدثنا  جرير بن حازم   ( ح ) ، ووجدنا هارون بن محمد العسقلاني  قد حدثنا ، قال : حدثنا  شيبان بن فروخ الأبلي  ، قال : حدثنا  جرير بن حازم  ، ثم اجتمعا ، فقالا : حدثنا  ثابت البناني  ، عن  أنس بن مالك  رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما نزل عن المنبر ، وقد أقيمت الصلاة ، فيعرض له الرجل ، فيحدثه طويلا ، ثم يتقدم إلى الصلاة   . 
فكان في هذا الحديث كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخطبة للجمعة وبين صلاة الجمعة ، فتأملنا ذلك ، هل يخالف الحديث الأول أم لا ؟ فوجدناه محتملا أن يكون ما في الحديث الأول على ما هو أفضل وأكثر ثوابا ، ليس على أنه كالسكوت في الخطبة للجمعة ; لأن السكوت في الخطبة للجمعة فرض ، والكلام فيها لغو ، وأن يكون السكوت فيما بين الخطبة وبين الجمعة ليس كذلك ، ولا له من الوجوب ما للسكوت في  [ ص: 435 ] الخطبة ، ولكنه محضوض عليه ، ومباح تركه ، ويكون كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تسهيلا على الناس ، وإن كان غيره أفضل منه ، كما توضأ مرة ، والوضوء مرتين أفضل منه ، والوضوء ثلاثا ثلاثا أفضل منهما ، فترك الأفضل ، واستعمل ما هو دونه ; إعلاما منه صلى الله عليه وسلم لأمته أن ذلك مباح لهم غير محظور عليهم ، فثبت بتصحيح هذين الحديثين ما قد ذكرناه فيما صححناهما . 
فقال قائل : فقد روي فيما كان الناس عليه في هذا المعنى في زمن عمر  رضي الله عنه ، فذكر ما قد حدثنا  يونس  ، قال : أخبرنا  ابن وهب  ، قال : أخبرني  يونس  ، عن  ابن شهاب  ، قال : أخبرني ثعلبة بن أبي مالك القرظي  ، أن جلوس الإمام على المنبر يقطع الكلام ، وكلامه يقطع الكلام ، وقال : إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه على المنبر حتى يسكت المؤذن ، فإذا قام عمر  على المنبر لم يتكلم أحد حتى يقضي خطبتيه كليهما ، ثم إذا نزل عمر  عن المنبر ، وقضى خطبتيه تكلموا   . 
 [ ص: 436 ] قال : فهذا يدل على أن الذي كانوا عليه جميعا في ذلك هو الكلام . 
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن ذلك محتملا أن يكون ذلك أيضا على التوسعة التي ذكرنا ، لا على ما سواها ليقتدي بهم الناس ، وإن كان غير ما كانوا يفعلونه من ذلك أفضل منه وأعظم أجرا ، والله نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					