[ ص: 224 ]  249 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إذنه للعباس بن عبد المطلب  في البيتوتة بمكة  ليالي منى من أجل السقاية 
 1564  - حدثنا فهد بن سليمان  ، قال : حدثنا  أبو بكر بن أبي شيبة  ، قال : حدثنا  أبو أسامة   وعبد الله بن نمير  ، عن  عبيد الله بن عمر  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، { أن العباس  استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة  ليالي منى من أجل سقايته ، فأذن له   } . 
 1565  - حدثنا  أحمد بن شعيب  ، قال : حدثنا  إسحاق بن إبراهيم  ،  [ ص: 225 ] قال : حدثنا  عيسى بن يونس  ، قال : حدثنا  عبيد الله  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  قال { رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب  أن يبيت بمكة  أيام منى من أجل سقايته   } . 
 1566  - حدثنا  ابن أبي داود  ، قال : حدثنا  مسدد  ، قال : حدثنا  يحيى بن سعيد  ، عن  عبيد الله بن عمر  قال حدثني  نافع   - ولا أعلمه إلا عن  ابن عمر   - أن { العباس  استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت ليالي منى بمكة  من أجل السقاية ، فأذن له   } . 
قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس  البيتوتة بمكة  ليالي منى من أجل السقاية لاحتياجها إليه في إقامتها  [ ص: 226 ] للناس ، ففي ذلك ما قد دل أن من سواه من الناس ممن لا حاجة بالسقاية إليه في ذلك بخلافه . 
قال قائل : فقد رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما كان يفعله في تلك الليالي ما يخالف هذا ، وذكر . 
 1567  - ما قد حدثنا  محمد بن علي بن داود البغدادي  ، قال : حدثنا  إبراهيم بن محمد بن عرعرة  ، قال : دفع إلي  معاذ بن هشام  كتابا ولم أسمعه منه ، وقال : سمعته من  أبي  ، عن  قتادة  ، عن أبي حسان  ، عن  ابن عباس  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور البيت  كل ليلة من ليالي منى   } . 
 [ ص: 227 ] فكان جوابنا له بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن هذا الحديث عندنا مخالف للحديث الأول ؛ لأن الذي في الحديث الأول إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس  البيتوتة بمكة  لحاجة السقاية إلى ذلك منه . 
والدليل على منع غيره من مثل ذلك ممن لا حاجة بالسقاية إليه ، والذي في حديث  ابن عباس  زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت  في كل ليلة من ليالي منى ، وليس في ذلك بيتوتته صلى الله عليه وسلم بمكة ؛ لأنه قد يجوز أن يكون صلى الله عليه وسلم يزور البيت  ، ثم يرجع فيبيت في ليلته تلك بمنى  فيكون ممن قد بات بها . 
وفي ذلك ما قد دل على أنه إنما أريد من الحاج البيتوتة بمنى  ليالي منى ، ولم يرد منهم أن لا يبرحوا عن منى في تلك الليالي ، ألا ترى أنه جائز لهم أن يخرجوا منها في الليل حتى يأتوا مكة  فيطوفون بالبيت   [ ص: 228 ] طواف الزيارة ، ثم يرجعون إليها فيبيتون بها ، ولا يكونون بذلك متخلفين عن البيتوتة بها ، وكذلك المتعارف في البيتوتات ، ألا ترى أن من حلف أن لا يبيت في هذا المنزل هذه الليلة ، فأقام فيه أقل من نصفها ، ثم خرج عنه إلى غيره ، فأقام فيه بقيتها حتى أصبح : أنه لم يحنث في يمينه ؛ لأنه لم يبت فيه ، وأنه لو كان أقام فيه أكثر من نصفها ، ثم خرج إلى غيره ، فأقام فيه بقيتها حتى أصبح أنه قد حنث ؛ لأنه قد بات فيه . 
هكذا المتعارف ، ألا ترى أن من لقي رجلا في الليل قبل أن يمضي نصفه أنه جائز أن يقول له : أين تبيت الليلة ؟ وأنه لو لقيه بعد أن مضى نصفه أنه جائز أن يقول له : أين بت الليلة ؟ فكذلك ما ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من زيارته البيت  في كل ليلة من ليالي منى هو عندنا - والله أعلم - على أنه يرجع منه إلى منى قبل أن يمضي نصف الليل ، فيكون بها حتى يصبح فيها ، فيكون بذلك بائتا فيها ، فاتفق بحمد الله ونعمته هذا الحديث ومعنى الحديث الأول ولم يختلفا ، والله عز وجل نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					