[ ص: 178 ]  310 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستثناء في الأيمان إن شاء الله 
 1920  - حدثنا  المزني  ، قال : قرأنا على  الشافعي  ، عن  سفيان  ، عن  أيوب  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من حلف بيمين فقال : إن شاء الله فقد استثنى   . 
 1921  - حدثنا  يونس  ، قال : أخبرنا  ابن وهب  ، قال : أخبرني  سفيان بن عيينة  ، عن  أيوب بن موسى  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . 
هكذا أملاه علينا ، ثم سمعته بعد ذلك مذاكرة يذكره عن سفيان  نفسه ، فقلت له : إنما كنت أمليته علينا عن ابن وهب  عن سفيان  ،  [ ص: 179 ] فقال : وقد سمعته من سفيان  ، فقلت له : فإنه ليس في كتابك عن سفيان  ، فقال : قد علمت ذلك ، وقد كان عندي كتاب آخر عن سفيان  هذا الحديث فيه ، فاحترق . 
فعقلنا بذلك أن أيوب  راوي هذا الحديث هو  أيوب بن موسى   . 
 1922  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال : حدثنا  أبو الوليد الطيالسي  ، قال : حدثنا  حماد بن سلمة  ، عن  أيوب  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا حلف ثم قال : إن شاء الله ، فهو بالخيار   . 
 1923  - حدثنا  ابن أبي داود  ، قال : حدثنا  أبو الوليد  ثم ذكر بإسناده مثله غير أنه قال : فقال : إن شاء الله فقد استثنى . 
 [ ص: 180 ] قال  أبو جعفر   : وأيوب هذا هو أيوب السختياني  والله أعلم . 
 1924  - حدثنا  يونس  ، قال : أخبرنا  ابن وهب  ، قال : أخبرني  عمرو بن الحارث  ، عن كثير بن فرقد  أنه حدثه أن  نافعا  حدثهم ، عن  عبد الله بن عمر  رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من حلف على يمين فقال إن شاء الله فله ثنيا   . 
فقال قائل : فقد رويت هذا الحديث على ما رويته وأنت تقول : إن الاستثناء المذكور فيه هو الموصول باليمين لا المقطوع منها ، فما دليلك على ما قلت من ذلك ؟ 
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن هذا الحديث إنما دار على  عبد الله بن عمر  ، وقد روينا عنه من قوله . 
 [ ص: 181 ] ما قد حدثنا أبو بشر الرقي  ، قال : حدثنا  شجاع بن الوليد  ، عن  موسى بن عقبة  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  رضي الله عنهما ، قال : من حلف بيمين فقال في إثرها : إن شاء الله ، فإنه إن لم يفعل ما حلف عليه ، لم يحنث   . 
وما قد حدثنا فهد  ، قال : حدثنا  إسماعيل بن موسى المعروف بابن بنت السدي  ، قال : حدثنا  ابن أبي الزناد  ، عن  أبيه  ، عن  سالم  ، عن  ابن عمر  رضي الله عنهما ، قال : لا حنث في يمين موصول في آخرها إن شاء الله   . 
فاستحال عندنا أن يكون  عبد الله بن عمر  مع فضله وورعه وعلمه يرد ما عمه النبي صلى الله عليه وسلم إلى خاص ، إلا بما يجب له به رده . 
فقال هذا القائل : فقد روي عن عبد الله بن عباس  ما يخالف ما رويته عن  ابن عمر  فيه . 
 [ ص: 182 ] وذكر ما قد حدثنا  يزيد بن سنان  ، قال : حدثنا  يزيد بن هارون  ، قال : حدثنا  سفيان بن حسين  ، عن يعلى بن مسلم  ، عن  سعيد بن جبير  ، عن  ابن عباس  في حديث أصحاب الكهف : واذكر ربك إذا نسيت  ، قال  ابن عباس   : إذا قلت شيئا فلم تقل إن شاء الله فقل إذا ذكرت : إن شاء الله   . 
فكان جوابي له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الذي ذكره عن  ابن عباس  لا يخالف ما ذكرناه عن  ابن عمر  ؛ لأن الذي ذكرناه عن  ابن عمر  في الأيمان ، والذي ذكره عن  ابن عباس  في الأشياء التي يقول الرجل : إنه يفعلها في المستأنف مما يجب أن يرد فعله لها إلى مشيئة الله عز وجل ؛ لأنه قد يجوز أن يموت قبل ذلك ، أو يقطعه عنه قاطع ، فإن لم يفعل ذلك متعمدا كان غير محمود في تركه إياه ، وإن لم يفعله ناسيا له قاله إذا ذكره فلحق بكلامه الأول . 
 [ ص: 183 ] وقد قامت الحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يوجب في الأيمان ما قاله  ابن عمر  فيها ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيرا منها ، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه أو ليكفر عن يمينه ، ويأتي الذي هو خير ، على ما قد روي في ذلك مما سنذكره بعد في موضعه من كتابنا هذا إن شاء الله . 
فعقلنا بذلك أن إلحاقه الأشياء بإن شاء الله في يمينه المتقدمة ؛ لأنه لو كان مستطيعا لذلك لما احتاج إلى الحنث والكفارة أو إلى الكفارة والحنث ، ولكان يقول : إن شاء الله ، فيعود إلى حكمه لو كان قالها موصولة بيمينه ، وفي ذلك دليل بين فيما قاله  ابن عمر  فيه ، فأما المراد في حديث  ابن عباس  فمنه ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة سليمان بن داود  صلى الله عليه وسلم . 
 1925  - كما قد حدثنا  الربيع المرادي  ، قال : حدثنا شعيب بن الليث  ، قال : حدثنا  الليث  ، عن  جعفر بن ربيعة  ، عن  عبد الرحمن بن هرمز  أنه قال : 
سمعت  أبا هريرة  رضي الله عنه يأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال سليمان بن داود  صلى الله عليه وسلم : لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين امرأة ، كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ، فقال له صاحبه : قل إن شاء الله ، فلم يقل إن شاء الله ، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة شق رجل ، والذي نفس محمد  بيده لو قال : إن شاء الله ، لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون   . 
 [ ص: 184 ] 
 1926  - حدثنا  أبو أمية  قال : حدثنا  سليمان بن حرب  ، قال : حدثنا  حماد بن زيد  ، قال : حدثنا  أيوب  ، عن  محمد  ، عن  أبي هريرة  ، قال : كان لسليمان بن داود  ستون امرأة ، فقال : أطوف عليهن الليلة ، فتحمل كل امرأة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله عز وجل ، فطاف عليهن فلم تحمل منهن إلا واحدة ، فولدت نصف إنسان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما لو كان استثنى لحملت كل امرأة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله   . 
قال  أبو جعفر   : وترك سليمان بن داود  صلى الله عليه وسلم في ذلك أن يقول : إن شاء الله ، بعد تلقين الذي لقنه إياها قد يكون على قاطع قطعه عن ذلك ، أو على تقصير سمعه لذلك ممن لقنه إياه . 
 [ ص: 185 ] وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستثناء في الأيمان  أبو هريرة  كما رواه عنه  ابن عمر   . 
 1927  - حدثنا  أحمد بن شعيب  ، قال : أخبرنا نوح بن حبيب  ، قال : أخبرنا  عبد الرزاق  ، قال : حدثنا  معمر  ، عن  ابن طاوس  ، عن  أبيه  ، عن  أبي هريرة  رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين فقال : إن شاء الله فقد استثنى   . 
ووجه ذلك عندنا - والله أعلم - كالوجه الذي ذكرتموه في حديث  ابن عمر  ، والله نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					