[ ص: 453 ]  546 - باب بيان مشكل ما اختلف القراء فيه من قراءتهم لقد كان لسبإ  هل هو مما يدخله الإعراب ، فيكون كما قرأه من قرأه : لقد كان لسبإ في مسكنهم  أو بخلاف ذلك من ترك دخول الإعراب إياه ، فيكون كما قرأه من قرأه : لقد كان لسبإ في مسكنهم  
 3378  - حدثنا  الربيع بن سليمان المرادي  ، قال : حدثنا  أسد بن موسى  ، قال : حدثنا  عبد الله بن لهيعة  ، قال : حدثنا ابن هبيرة  ، عن علقمة بن وعلة السبائي  ، عن  ابن عباس  ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ  ما هو ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو رجل ولد عشر قبائل ، فسكن اليمن  ستة ، والشام  أربعة ، فأما اليمانيون  ، فمذحج  وكندة  ، والأزد  والأشعرون  ، وأنمار   [ ص: 454 ] وحمير  عربا كلها ، وأما الشاميون  ، فلخم  وجذام  وعاملة  وغسان    . 
 3379  - وحدثنا محمد بن سليمان بن هشام الخزاز أبو جعفر  ، قال : حدثنا  أبو أسامة حماد بن أسامة  ، عن الحسن بن الحكم النخعي  ، قال : حدثنا أبو سفرة النخعي   - هكذا هي في كتابي - وهكذا حفظتها عن محمد بن سليمان  ، والناس يقولون : هو أبو سبرة النخعي  ، عن فروة بن مسيك الغطفاني  ، هكذا حدثناه ، وأهل العلم بالنسب يقولون : الغطيفي ، وهو حي من مراد  ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل  [ ص: 455 ] منهم ؟ قال : بلى ، ثم بدا لي فقلت : يا رسول الله ، لا بل أهل سبأ  ، فهم أعز وأشد قوة ، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذن لي في قتال سبأ  ، ولما خرجت من عنده أنزل الله عز وجل في سبأ  ما أنزل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما فعل الغطفاني ؟ فأرسل إلى منزلي ، فوجدني قد سرت فردني ، فلما أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قال : ادع القوم ، فمن أجابك منهم فاقبل ، ومن لم فلا تعجل عليه حتى تحدث إلي ، فقال رجل من القوم : يا رسول الله ، وما سبأ  ؟ أأرض هي أو امرأة ؟ قال : ليست بأرض ولا امرأة ، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب ، فأما ستة ، فتيامنوا ، وأما أربعة ، فتشاءموا ، فأما الذين تشاءموا ، فلخم  وجذام  وغسان  وعاملة ،  وأما الذين تيامنوا : فالأزد  وكندة  وحمير  والأشعريون  وأنمار  ومذحج  ، فقال رجل : يا رسول الله ، وما أنمار  ؟ قال : هم الذين منهم خثعم    . 
 [ ص: 456 ] قال  أبو جعفر   : ولما تأملنا ذلك وجدنا في حديث محمد بن سليمان   : لا بل أهل سبأ  ، فعلمنا بذلك أن المراد بسبأ  أرض فيها المنتسبون إلى سبأ  ، ووجدنا ما هو فوق ذلك ، وهو قول الله في كتابه في حكايته عن الهدهد في قوله لسليمان  صلى الله عليه وسلم : وجئتك من سبإ بنبإ يقين  إني وجدت امرأة تملكهم  ، فكان ذلك أيضا قد وكد أنهم سكان أرض تدعى سبأ  ، واحتمل أن تكون سميت سبأ  كما سميت القبائل في البلدان ، فقيل : همدان  للقبيلة التي نزلتها همدان  ، وقيل : مراد  للقبيلة التي نزلتها مراد  ، وقيل : حمير  للقبيلة التي نزلتها حمير  في أشباه ذلك ، فيحتمل أن يكون قيل : سبأ  للقبيلة التي نزلها من يرجع بنسبه إلى سبأ  ، فإن كان الاسم للأرض وجب أن لا يجرى ، وإن كان لسكانها ؛ لأنهم يرجعون بأنسابهم إلى سبأ  الرجل الذي ولدهم فهم قبيلة ، فوجب أن يجرى فعاد الاختيار إلى قراءة من قرأها : لقد كان لسبأ لا إلى قراءة من قرأ : لقد كان لسبإ  ، ثم نظرنا فيمن قرأها بإجراء الإعراب فيها ومن قرأها بترك إجراء الإعراب فيها من هم . ، 
فوجدنا أحمد بن أبي عمران  قد حدثنا ، قال : حدثنا  خلف بن  [ ص: 457 ] هشام  ، قال : قرأ  الأعمش   : من سبأ بخفض سبأ وتنوينه ،  وعاصم  كمثل ،  وحمزة  كمثل ،  ونافع  كمثل ، وابن محيصن  كمثل   . 
ووجدنا أحمد  قد حدثنا ، قال : حدثنا  خلف  ، قال : حدثنا  الخفاف  ، عن  سعيد  ، عن  قتادة   : من سبإ  كمثل ، ويجعله رجلا  ، قال  : وابن كثير  يقرأ : من سبأ  بنصب ،  وأبو عمرو  كمثل  . 
ووجدنا أحمد  قد حدثنا ، قال : حدثنا  خلف  ، قال : حدثنا  الخفاف  ، عن إسماعيل  ، عن  الحسن  كمثل ، ويجعلها أرضا   . 
ووجدنا أحمد  قد حدثنا قال : حدثنا  خلف  ، قال : حدثنا  الخفاف  ، يعني عن هارون  ، عن عبد الله بن أبي إسحاق  لا يصرفه كمثل   . 
ووجدنا ولادا النحوي  قد حدثنا ، قال : حدثنا المصادري  ، عن  أبي عبيدة   : لقد كان لسبأ في مساكنهم  فمن نون جعله أبا للقبيلة ، ومن لم ينون جعلها أرضا   . 
 [ ص: 458 ] ووجدنا  الفراء  قد ذكر عن  الرؤاسي  أنه سأل  أبا عمرو بن العلاء   : كيف لم تجر سبأ ؟ قال : لست أدري ما هو ، قال  الفراء   : وقد ذهب مذهبا إذ لم يدر ما هو ، وذكر أن العرب إذا سمت بالاسم المجهول تركوا إجراءه . 
قال  أبو جعفر   : وقد ذهب عن أبي عمرو  ما قد كان من النبي صلى الله عليه وسلم مما قد رواه عنه  ابن عباس  ، وفروة بن مسيك الغطفاني  ، فأما الاختيار عندنا في القراءة في هذا فهو قراءة أبي عمرو  ، ومن وافقه ممن ذكرنا موافقته إياه عليه ؛ لأنه وإن كان رجلا فقد عاد إلى أن صار قبيلة كما قيل : ثمود  ، وهو رجل فلم يجر ، ورد إلى القبيلة ، فمثل ذلك سبأ  لما رد إلى القبيلة كان مثل ذلك في انتفاء الجر عنه ، وكذلك كان أبو عبيد  يذهب إليه في ذلك كما ذكره لنا عبد العزيز  عنه ، والله نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					