[ ص: 14 ] 725 - باب بيان مشكل الواجب فيما اختلف فيه أهل العلم في الرجل يشتري السلعة فيفلس ، أو يموت وعليه ديون ، هل يكون بائعها أحق بها من غرمائه أم لا ؟
4600 - حدثنا الحسين بن نصر ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن محمد يعني : ابن عمرو بن حزم أنه أخبره أنه سمع عمر بن عبد العزيز يحدث ، أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يحدث ، أنه سمع أبا هريرة يحدث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من أفلس بمال قوم فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به .
[ ص: 15 ]
4601 - وحدثنا يونس ، حدثنا ابن وهب أن مالكا أخبره ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أيما رجل أفلس فأدرك رجل ماله بعينه فهو أحق به من غيره .
[ ص: 16 ]
4602 - وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا وهب بن جرير وبشر بن عمر قالا : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال في الرجل إذا أفلس : فوجد رجل متاعه بعينه ، فهو أحق به ، وفي حديث بشر : من الغرماء .
4603 - وحدثنا إبراهيم ، حدثنا بشر بن عمر ، حدثنا شعبة ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن محمد بن حزم ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، قال أبو جعفر : هكذا قال : عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .
4604 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، أخبرني عبد الرحمن بن خالد القطان ، وإبراهيم بن الحسن المقسمي ، واللفظ له ، قال : حدثنا حجاج بن محمد ، قال : قال ابن جريج ، أخبرنا ابن أبي حسين أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، أخبره أن عمر بن عبد العزيز حدثه [ ص: 17 ] عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يعدم إذا وجد عنده المتاع بعينه وعرفه ، أنه لصاحبه الذي باعه .
قال أبو جعفر : وقد كنا نقول في هذا الحديث : إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فوجد رجل ماله بعينه ، أن ذلك قد يحتمل أن يكون أريد به الودائع والعواري ، وأشباههما ، التي ملك واجدها قائم فيها ، ليست الأشياء المبيعات التي ليست لواجدها حينئذ ، وإنما هي أشياء قد كانت له ، فزال ملكه عنها كما يقول أبو حنيفة وأصحابه في ذلك ، وقد كان بعض الناس ممن يذهب في ذلك مذهب مالك ومن تابعه على قوله في ذلك يحتج علينا في ذلك .
4605 - كما قد حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب أن مالكا أخبره ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي [ ص: 18 ] ابتاعه ، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به ، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء .
وكنا لا نرى ذلك حجة له علينا في خلافنا إياه الذي ذكرنا لانقطاع هذا الحديث حتى 4606 - حدثنا حامد بن محمد المروزي أبو أحمد ، حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، عن عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري ، قال : وكان هذا من علماء نيسابور وثقاتهم ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقوي بذلك هذا الحديث [ ص: 19 ] في قلوبنا لما اتصل لنا إسناده ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قد ذكرنا .
وقد كان بعض الناس قبل ذلك احتج علينا في هذا الباب بما .
4607 - حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي ، حدثنا عبد الله بن عبد الجبار الخبائري ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن موسى بن عقبة ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أيما رجل باع سلعة فأدرك سلعته بعينها عند رجل قد أفلس ولم يقبض من ثمنها شيئا ، فهي له ، وإن كان قضاه من ثمنها شيئا فما بقي فهو أسوة الغرماء .
فكنا لا نرى ذلك حجة له علينا لفساد رواية إسماعيل بن عياش ، عن غير الشاميين ، ثم وجدناه من رواية إسماعيل ، عن الشاميين الذين لا يتكلم في رواية إسماعيل عنهم .
4608 - كما حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن [ ص: 20 ] عبد الجبار ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثل حديثه الذي قبل هذا ، وزاد فيه : وأيما امرؤ هلك وعنده مال امرئ بعينه اقتضى منه شيئا ، أو لم يقتض ، فهو أسوة الغرماء .
فلم يسع عندنا خلاف هذا الحديث لمن بلغه ووقف عليه من هذه الوجوه المقبولة خلافه ، ورجعنا في هذه المعاني المروية فيه إلى ما كان مالك يقوله فيها ، وعذرنا من خالفها في خلافه إياها ، إنما كان ذلك منه ، لأنها لم تتصل به هذا الاتصال ولو اتصلت به هذا الاتصال وقامت عنده كمثل ما قامت عندنا ، لما خالفها ولرجع إليها وقال بها ، كما قد رأيناه فعل في أمثالها .
وأما الشافعي فقد كان يقول : إذا أفلس بعدما قضى البائع بعض الثمن الذي ابتاع به تلك السلعة أنه يكون في حصة ما قضاه أسوة [ ص: 21 ] الغرماء ، ويكون أحق بالباقي منها منهم ، والذي في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفع ذلك ويخالفه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حجة الله على جميع خلقه ، وكان أيضا مع ذلك يسوي بين حكم إفلاسه وبين حكم موته ، فيجعل صاحب السلعة فيهما أحق بها من سائر الغرماء ، وقد فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، وجعل الحكم فيهما مختلفا على ما قد ذكرناه في حديث الزبيدي ، عن الزهري ، وفي حديث عبد الرزاق ، عن مالك ، عن الزهري .
وكان الشافعي يحتج فيما ذهب إليه من التسوية في ذلك بين الإفلاس والموت بما قد .
4609 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، قال : حدثني أبو المعتمر بن عمرو بن رافع ، عن ابن خلدة الزرقي ، وكان قاضيا أنه قال : جئنا إلى أبي هريرة في صاحب لنا أفلس ، فقال : هذا الذي قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما رجل مات أو أفلس ، فصاحب المتاع أحق بمتاعه .
[ ص: 22 ]
4610 - وبما قد حدثنا يونس ، حدثني محمد بن إدريس حين ذاكرته مسألة الذي يبيع السلعة ثم يموت أو يفلس ، فيجد الرجل سلعته بعينها ، فقال لي : هو أحق بها في الموت والتفليس ، ثم قال : حدثني ابن أبي فديك ، قال : أخبرني ابن أبي ذئب ، ثم ذكر مثل حديث محمد ، عن ابن أبي فديك .
قال أبو جعفر : وهذا الحديث إنما رجع إلى أبي المعتمر الذي لا يعرف ولا يدرى من هو ، ولا سمعنا له ذكرا إلا في هذا الحديث ، ومن هذه سبيله فليس ممن يجوز أن يحتج به في هذا المعنى ، مع أنه لو كان ثابتا لكان حديث الزهري ، عن أبي بكر ، عن أبي هريرة أولى منه ، لأنه قد روته الأئمة الذين تقوم الحجة برواياتهم ، والذين لا يجب أن يعارض ما رووا بمثل ما روى أبو المعتمر الذي لا يعرف [ ص: 23 ] ولا يدرى من هو ، ولو تدبر حديث أبي المعتمر لوقف على أن لا حجة فيه ، لأن فيه : أيما رجل أفلس أو مات ، فقد يحتمل أن يكون ذلك على الشك ، فيعود الحديث إلى أن لا يدرى ما فيه مما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، هل هو في التفليس أو في الموت ، وما وجدنا أحدا من أهل العلم أخذ بكل ما في هذا الحديث ، إلا مالك بن أنس ، فأما من سواه فقد ذكرنا أقوالهم في هذا الباب ، ونسأل الله التوفيق .


