الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 225 ] 441 - باب بيان مشكل ما اختلف فيه أهل العلم في الجار من هو وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد كشف ذلك .

2797 - حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا شبابة بن سوار ، قال : حدثنا شعبة .

حدثنا علي ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي عمران الجوني عبد الملك بن حبيب ، عن طلحة بن عبد الله ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله ، إن لي جارين فإلى أيهما أهدي ؟ قال : إلى أقربهما منك بابا .

[ ص: 226 ]

2798 - حدثنا علي ، قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، قال : حدثنا عبد السلام ، يعني : ابن حرب ، عن يزيد بن عبد الرحمن ، عن أبي العلاء الأودي ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما بابا ، فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا ، وإذا سبق أحدهما فأجب الذي يسبق .

2799 - حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا خالد بن أبي يزيد ، قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، قال : حدثنا أبو عمران الجوني ، عن يزيد بن بابنوس ، عن عائشة رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله .

[ ص: 227 ] قال أبو جعفر : فكان فيما قد روينا ما قد دل على أن الجيران يتباينون في القرب ممن يجاورونه ، وفي البعد منه ؛ لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم بالقرب ممن هم له جيران ، وأن له من الجيران من هو أبعد منه منهم ،

وفي ذلك ما قد نفى ما قد رواه بعض الناس عن أبي حنيفة ، مما أخذناه عن الحجاج بن عمران مناولة وإجازة عن صفوان بن المغلس ، عن أبي سليمان الجوزجاني ، عن محمد بن الحسن ، عن بعض أصحاب أبي حنيفة ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة رحمه الله قال : جيران الرجل الذين يستحقون وصيته لجيرانه : هم الذين حول داره ممن لو باع داره وكانوا مالكين لما يسكنون من ذلك استحقوها بالشفعة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رويناه عنه قد جعل [ ص: 228 ] بعضهم أقرب إليه من غيره منهم ، وجميعهم باسم الجوار له ؛ ولأن ما في هذه الرواية يوجب تساويهم في الجوار ، وما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفي ذلك ، ويوجب اختلافهم في القرب والبعد في الجوار .

وفي ذلك أيضا ما ينفي سببا كان الربيع أجازه لنا عن الشافعي في كتابه في الوصايا : أن أقصى جيران الرجل الموصي بجيرانه من كان بينه وبين داره التي يسكنها أربعون دارا ، كذلك من كل جانب من جوانبها ؛ لأن ذلك قد عاد إلى توقيت ما ليس له ذكر في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتوقيت فلا يلزم إلا بالتوقيف ، ولما انتفى هذان القولان .

ولم نجد عند أهل العلم في الجوار ما هو بعد ذلك إلا ما قد روي فيه عن أبي يوسف ، وعن محمد بن الحسن رحمهما الله ، فإن سليمان بن شعيب قد حدثنا ، قال : حدثنا أبي ، قال : سمعت أبا يوسف يقول : كل مدينة يتجاور أهلها بالقبائل ، فكل أهل قبيل جيران ، وكل أهل مدينة يتجاورون بالدروب ، فكل أهل درب جيران ، وكل أهل مدينة يتجاورون بالمساجد ، فكل أهل مسجد جيران ، فكان مما أخذنا عن الحجاج بن عمران ، عن صفوان ، عن أبي سليمان ، عن محمد ، عن أبي يوسف ، وعن محمد من رأيه مثل هذا القول أيضا ، كان هذا القول أولى الأقوال فيه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية