[ ص: 240 ]  829 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة القاعد متربعا ، هل هي مكروهة أم لا ؟ 
 5233  - حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، قال : حدثنا  يحيى بن عبد الحميد الحماني  ، قال : حدثنا  شريك  ، عن إبراهيم بن مهاجر  ، عن  مجاهد  ، عن مولى للسائب  ، عن السائب  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم غير متربع   " . 
 [ ص: 241 ] ففي هذا الحديث ما يدل على نقص صلاة القاعد متربعا عن  [ ص: 242 ] صلاة غيره قاعدا غير متربع ، فكان هذا الحديث عندنا ممن لا يحتج بمثله ; لأن مولى السائب  المذكور في إسناده لا يدرى من هو ، ولأن إبراهيم بن المهاجر  ليس بالقوي في روايته . 
فقال قائل : فقد روي عن  ابن مسعود  في كراهة التربع في الصلاة . 
فذكر ما قد حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني  ، قال : حدثنا الخصيب بن ناصح  ، قال : أخبرنا  عبد العزيز بن مسلم القسملي  ، عن  حصين  ، عن الهيثم بن شهاب  ، قال : قال  عبد الله   : لأن أجلس على رضفتين ، أحب إلي من أن أتربع في الصلاة   . 
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل وعونه - : أنه لا حجة له في هذا ; لأنه قد يحتمل أن يكون ذلك على التربع الذي لم يبح للمصلي في صلاته ، وهو التربع في القعود للتشهد . 
ثم نظرنا هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة متربعا غير الحديث الذي بدأنا بذكره في هذا الباب . ؟ 
 5234  - فوجدنا  إسحاق بن إبراهيم بن يونس  قد حدثنا ، قال :  [ ص: 243 ] حدثنا  هارون بن عبد الله   . 
 5235  - ووجدنا  أحمد بن شعيب  قد حدثنا ، قال : أخبرني  هارون بن عبد الله  ، ثم اجتمعا فقالا : قال : حدثنا  أبو داود الحفري  ، عن  حفص   - قال إسحاق   : وهو ابن غياث   - عن  حميد   - قال إسحاق  وهو الطويل - عن عبد الله بن شقيق  ، عن  عائشة  ، قالت : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى متربعا   . 
قال  أبو جعفر   : فكان هذا الحديث صحيح الإسناد غير مطعون في أحد من رواته ، فهو أولى من حديث مولى السائب  الذي لا يدرى من هو . ؟ 
وقد وجدنا عن  أم سلمة  وأم الدرداء  في ذلك مما قد حدثنا  ابن أبي داود  ، قال : حدثنا  يوسف بن عدي  ، قال :  [ ص: 244 ] حدثنا  عباد بن عباد المهلبي  ، عن  عاصم   وهشام بن حسان  ، عن  الحسن  ، عن  أمه   : أنها رأت  أم سلمة  تصلي متربعة من رمد كان بها   . 
وما قد حدثنا فهد  ، قال : حدثنا إسماعيل بن الوليد القعقاعي  ، قال : حدثنا هانئ بن عبد الرحمن  ، قال : حدثني  إبراهيم بن أبي عبلة  ، قال : رأيت  أم الدرداء  تصلي متربعة   . 
وكان هذا المذهب في هذا الباب بالقياس أولى ; لأنا قد رأينا الإيماء في الصلاة قد خولف فيه بين الإيماء للركوع وبين الإيماء للسجود ، ويجعل أحدهما أخفض من الآخر ; لأن كل واحد منهما بدل لشيء غير ما الآخر بدل منه . 
وكان مثل ذلك القعود البدل من القيام في الصلاة ، يكون خلاف القعود الذي هو من الصلاة خلاف ذلك ، وهو القعود للتشهد . 
وفيما ذكرنا من هذا يتثبت ما كان  أبو حنيفة  ، وأبو يوسف  ، ومحمد  ،  [ ص: 245 ] يقولونه في ذلك من أمرهم من عجز عن القيام في الصلاة الذي يبيح له عجزه أن يصلي قاعدا ، أنه يصلي متربعا بدلا من القيام الذي يقومه إذا كان عليه قادرا ، وخلاف ما يقول زفر في ذلك : إن قعوده الذي يكون منه فيها بدلا من قيامه الذي قد عجز عنه كقعوده فيها لتشهده فيها والله - عز وجل - نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					