[ ص: 263 ]  753 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القاتل في الحرب ، من يقتله من العدو ، هل يستحق بذلك سلبه أم لا ؟ 
 4785  - حدثنا  يونس بن عبد الأعلى  ، قال : أخبرنا  عبد الله بن وهب  أن  مالكا  حدثه ، عن  يحيى بن سعيد  ، عن عمر بن كثير بن أفلح  ، عن أبي محمد مولى أبي قتادة  ، عن  أبي قتادة بن ربعي  أنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين ، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة ، قال : فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين ، فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه ضربة ، حتى قططت الدرع ، فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ، ثم أدركه الموت ، فأرسلني ، فلقيت  عمر بن الخطاب  ، فقلت : ما بال الناس ؟ فقال : أمر الله - عز وجل . ثم إن الناس رجعوا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا له عليه بينة ، فله سلبه . فقمت ، فقلت : من يشهد لي ؟ ثم جلست ، ثم قال ذلك الثانية ، ثم قال ذلك الثالثة ، فقمت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لك يا أبا قتادة  ، فاقتصصت عليه القصة ، فقال رجل من القوم : صدق يا رسول الله ، وسلب ذلك القتيل عندي ، فأرضه منه يا رسول الله ، فقال  أبو بكر الصديق   : لا ، ها الله إذا لا يعمد إلى  [ ص: 264 ] أسد من أسد الله يقاتل عن الله ، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، فيعطيك سلبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق ، فأعطاه إياه ، فقال أبو قتادة   : فأعطانيه ، فبعت الدرع ، فابتعت به مخرفا في بني سلمة  ، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام   . 
 [ ص: 265 ]  [ ص: 266 ] فقال قائل : في هذا الحديث ، دليل على استحقاق القاتل سلب من قتله من العدو ، كان الإمام قال قبل ذلك : من قتل قتيلا فله سلبه . أو لم يكن قاله ; لأن في هذا الحديث من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قتل قتيلا له عليه بينة ، فله سلبه . فهذا يدل على قتل متقدم لذلك القول . 
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - وعونه : أنه يجوز أن يكون ذلك القول كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول كان تقدم منه قبل ذلك : من قتل قتيلا فله سلبه " . فقال ما قال في هذا الحديث ليعلم من  [ ص: 267 ] القاتلون ، فيدفع إليهم أسلاب قتلاهم . 
فنظرنا في ذلك : هل روي فيه شيء يدل عليه أم لا ؟ فوجدنا . 
 4786  - ما قد حدثنا  بكار بن قتيبة   وإبراهيم بن مرزوق  قالا : أخبرنا  أبو داود الطيالسي  ، قال : حدثنا  حماد بن سلمة  ، عن  إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة  ، عن  أنس بن مالك  ، قال : لما كان يوم حنين ، جاءت هوازن بكر  على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإبل والغنم والنساء والصبيان ، فانهزم المسلمون يومئذ ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا معشر المهاجرين  ، أنا عبد الله ورسوله ، يا معشر الأنصار  ، أنا عبد الله ورسوله " . فهزم الله المشركين من غير أن يطعن برمح ، أو يضرب بسيف ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ : من قتل مشركا فله سلبه . 
فقتل أبو طلحة  يومئذ عشرين ، فأخذ أسلابهم ، قال أبو قتادة   : يا رسول الله ، إني ضربت رجلا على حبل العاتق ، فأجهضت عنه ، وعليه درع له ، فانظر من أخذ الدرع ، فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، أنا أخذتها فأعطنيها ، وأرضه منها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئا إلا أعطاه ، أو سكت ، فقام عمر  ، فقال : لا والله ، لا يفيئه الله - عز وجل - على أسد من أسده ، ثم يعطيكها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق عمر    . 
 [ ص: 268 ] قال  أبو جعفر   : فكان في هذا الحديث ، ما قد دل على تقدم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل قتيلا فله سلبه " . لأن هذا القول إنما كان عند انهزام الناس وتفرقهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعند حاجته إلى رجوعهم إليه ، فقال ذلك تحريضا لهم على قتل المشركين ، وعلى رجوعهم إليه . 
وفي حديث أبي قتادة   : " من قتل قتيلا له عليه بينة ، فله سلبه " . بعد أن رجعوا إليه ، فدل ذلك أن قوله الثاني الذي في حديث أبي قتادة  إنما كان لقوله الأول الذي في حديث  أنس بن مالك   . 
وفي ذلك ما قد دل أن من قتل قتيلا في الحرب لا يستحق سلبه إذا لم يكن كان الإمام قال قبل ذلك : " من قتل قتيلا ، فله سلبه " . كما يقوله  أبو حنيفة  وأصحابه ، ومالك  وأصحابه في ذلك ، لا كما يقوله من خالفهما فيه ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					