[ ص: 198 ] 181 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله في أبي موسى : لقد أوتي من مزامير آل داود - صلى الله عليه وسلم - ..
1158 - حدثنا بكار بن قتيبة قال : حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قراءة أبي موسى فقال : لقد أوتي هذا من مزامير آل داود .
[ ص: 199 ]
1159 - حدثنا بكار قال : حدثنا حسين بن مهدي قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله .
1160 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث أن ابن شهاب أخبره أن أبا سلمة أخبره أن أبا هريرة حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع قراءة أبي موسى الأشعري فقال : لقد أوتي هذا من مزامير آل داود .
1161 - حدثنا أبو أمية قال : حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني قال : حدثنا شريك بن عبد الله النخعي ، عن مالك بن مغول ، عن ابن بريدة ، عن أبيه . [ ص: 200 ] وعن أبي إسحاق رفعه إلى سلمة بن قيس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على أبي موسى الأشعري وهو يقرأ فقال : لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود .
1162 - حدثنا محمد بن علي بن داود قال : حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال : حدثنا عبد الرحيم بن سليمان قال : أخبرنا قنان بن عبد الله النهمي ، عن عبد الرحمن بن عوسجة ، عن البراء ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمع أبا موسى يقرأ القرآن فقال : لكأن أصوات هذا من أصوات آل داود .
[ ص: 201 ] قال أبو جعفر : ففيما روينا من هذه الأحاديث إضافة ما أوتيه أبو موسى من صوته إلى مزمار من مزامير آل داود ، فأضيفت المزامير في ذلك إلى آل داود لا إلى داود - صلى الله عليه وسلم - . فسأل سائل عن المعنى في ذلك .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه أن الله عز وجل ذكر داود - صلى الله عليه وسلم - في كتابه فقال : ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه إلى قوله جل وعز : اعملوا آل داود شكرا .
فكان الذي يقوله أهل العلم في تأويل قوله : يا جبال أوبي معه . -
ما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى بن ميمون ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد .
وما حدثنا ابن أبي مريم قال : حدثنا الفريابي قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : يا جبال أوبي معه - قال : سبحي .
[ ص: 202 ] وأما أهل العربية فمنهم من كان يذهب في ذلك بأن المراد أوبي معه ارجعي معه من الإياب ، منهم أبو عبيدة معمر بن المثنى كما قد حدثناه ولاد النحوي ، عن أبي جعفر المصادري عنه ، ويجعل ذلك من الآيات من الأنبياء .
ومنهم الفراء يحيى بن زياد فقال في ذلك : [ ص: 203 ] معنى أوبي سبحي ، ثم ذكر بعد ذلك عن بعضهم أنه كان يقول فيه بمثل الذي ذكرناه عن أبي عبيدة ، وكان ما يقوله أهل العلم مما يوافقهم عليهم من يوافقهم عليه من أهل العربية أولى .
ولما كان ذلك كذلك ، وكان التسبيح سببه داود عليه السلام ، وكانت تلك الأشياء مأمورة بالتسبيح معه - كان كل مسبح معه آلا له كقول الله عز وجل : أدخلوا آل فرعون أشد العذاب . فسماهم الله آلا له لاتباعهم إياه ، ولعملهم بعمله حتى استحقوا بذلك من العذاب مثل ما يستحقه هو بكفره .
ومنه قيل : آل محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فصلي عليهم معه بقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، أو كما صليت على آل إبراهيم على ما قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فيما نحن ذاكروه من بعد في كتابنا هذا في موضعه منه إن شاء الله .
فكان ما ذكر في الآل من المعنى من هذه المعاني إنما ذكر منهم لمكانهم ممن هم آل له ، ولما كانوا قد استحقوا ذلك به كان هو به في الاستحقاق لما استحقوه به فوقهم ، فمثل ذلك : لقد أوتي [ ص: 204 ] أبو موسى مزمارا من مزامير آل داود ، ومزاميرهم تسبيحهم الذي كان يكون منهم مما داود سببه . فمعقول أن داود - صلى الله عليه وسلم - سببه في ذلك أوكد من أسبابهم ، وأن ما أضيف من المزامير إليهم مضافة إليه - صلى الله عليه وسلم - ، وأن ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله : لقد أوتي أبو موسى مزمارا من مزامير آل داود في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : مزمارا من مزامير داود صلى الله عليه وسلم .
والله نسأله التوفيق .


