[ ص: 287 ] 262 - باب بيان مشكل ما { روي من رسول الله صلى الله عليه وسلم من اكتتابه العهدة التي اكتتبها
للعداء بن خالد بن هوذة في بيعه إياه عبدا أو أمة بيع المسلم للمسلم ، لا داء ولا غائلة ولا خبثة } .
1605 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16382عبد العزيز بن معاوية بن عبد العزيز القرشي ، ثم العتابي أبو خالد ، قال : حدثنا
عباد بن ليث ، قال : حدثني {
عبد المجيد بن وهب ، قال : قال لي
العداء بن خالد بن هوذة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=678755nindex.php?page=treesubj&link=18527_24921_28379ألا أقرئك كتابا كتبه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : بلى ، فأخرج لي كتابا ، فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله ، اشترى منه عبدا أو أمة - شك عبد المجيد - بيع المسلم للمسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة } .
[ ص: 288 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : وقد كنا سمعنا قبل ذلك هذا الحديث من غير واحد حدثنا به عمن حدثه إياه
عباد هذا ، فمنهم :
1606 -
nindex.php?page=showalam&ids=11807أبو أمية حدثناه ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12404إبراهيم بن محمد بن عرعرة ، قال : حدثنا
عباد ... ثم ذكر بإسناده مثله
1607 - ومنهم
أحمد بن أبي عمران حدثناه ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12410إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال
عباد ... ثم ذكر بإسناده مثله .
1608 - ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=17362يزيد بن سنان حدثناه ، قال : حدثنا أخي
محمد بن [ ص: 289 ] سنان ، قال : حدثنا
عباد ... ثم ذكروا بإسناده مثله ، غير أنهم لم يقولوا في حديثهم : ولا غائلة .
فتأملنا هذا الحديث ، فوجدنا الأدواء معقولة أنها الأمراض ، ووجدنا الغوائل معقولة أنها غوائل المبيع من الأخلاق المذمومة التي يكون فيها من الإباق ومن السرقات وسائر الأحوال المذمومة التي يغتال بها من سواه . ومن ذلك قيل : قتل فلان فلانا قتل غيلة .
ومنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
لقد هممت أن أنهى ، عن الغيلة حتى ذكرت ، أن فارس والروم يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم } ، أي : ما يطرأ على أولادهم المحمولة بهم مما يكون إلى أمهاتهم من جماعهم إياهن وهن كذلك ، فسمي ذلك غيلا ؛ لأنه يأتي أولادهن من حيث لا يعلمون . وسنذكر ذلك بأسانيده ، وبما قاله أهل العلم فيه فيما بعد من كتابنا هذا ، إن شاء الله.
فمثل ذلك هذه الأشياء التي يغتال فيها المملوكون مالكيهم من الأجناس التي ذكرنا ، ووجدنا الخبثة قد قال الناس فيها قولين : أحدهما : أنه الشيء المذموم وهو سبي ذوي العهود الذين لا يحل استرقاقهم ، ولا يقع الإملاك بذلك عليهم ، هكذا كان
ابن أبي عمران يذكره لنا عن أهل العلم بذلك النوع ، ولا يحكي لنا خلافا فيه ، وأما غيره من أهل العلم بهذا النوع فكانوا يقولون : إن الخبثة هي الأشياء
[ ص: 290 ] الخبيثة .
ومن ذلك قول الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=26الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات ، ومنها قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58والذي خبث لا يخرج إلا نكدا . قالوا : فكل مذموم ، فهو خبيث ، وهذه الأشياء التي ذكرنا أنها الغوائل هي مذمومات مكروهات ، فكل شيء منها عندهم خبثة ، فكان من الحجة في ذلك لمن ذهب مذهب
ابن أبي عمران ، أن الغوائل كما ذكروا خبائث وهي غوائل ، وأن كل خبيث غائلة ، وليس كل غائلة خبيثا ، فكان رد السبي لا فعل للمملوكين فيه ، كما الأفعال المذمومات اللاتي ذكرنا في الغوائل أفعال لهم ، فكانت الغوائل كما ذكرنا ، وكانت الخبثة مما لا فعل للمملوكين فيه ، إنما هي فعل غيرهم فيهم ، ففرق في ذلك بين الغائلة والخبثة لهذا المعنى . وهذا عندنا أشبه من القول الآخر ، والله نسأله التوفيق .
[ ص: 287 ] 262 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا { رُوِيَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اكْتِتَابِهِ الْعُهْدَةَ الَّتِي اكْتَتَبَهَا
لِلْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ فِي بَيْعِهِ إِيَّاهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً بَيْعَ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ ، لَا دَاءَ وَلَا غَائِلَةَ وَلَا خِبْثَةَ } .
1605 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16382عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقُرَشِيُّ ، ثُمَّ الْعَتَّابِيُّ أَبُو خَالِدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبَّادُ بْنُ لَيْثٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي {
عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ لِي
الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=678755nindex.php?page=treesubj&link=18527_24921_28379أَلَا أُقْرِئُكَ كِتَابًا كَتَبَهُ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، فَأَخْرَجَ لِي كِتَابًا ، فَإِذَا فِيهِ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذَا مَا اشْتَرَى الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ ، اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً - شَكَّ عَبْدُ الْمَجِيدِ - بَيْعَ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ لَا دَاءَ وَلَا غَائِلَةَ وَلَا خِبْثَةَ } .
[ ص: 288 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ كُنَّا سَمِعْنَا قَبْلَ ذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ حَدَّثَنَا بِهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ إِيَّاهُ
عَبَّادٌ هَذَا ، فَمِنْهُمْ :
1606 -
nindex.php?page=showalam&ids=11807أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَاهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12404إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبَّادٌ ... ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
1607 - وَمِنْهُمْ
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَاهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12410إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ ، قَالَ
عَبَّادٌ ... ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
1608 - وَمِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=17362يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَاهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَخِي
مُحَمَّدُ بْنُ [ ص: 289 ] سِنَانٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبَّادٌ ... ثُمَّ ذَكَرُوا بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا فِي حَدِيثِهِمْ : وَلَا غَائِلَةَ .
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا الْأَدْوَاءَ مَعْقُولَةً أَنَّهَا الْأَمْرَاضُ ، وَوَجَدْنَا الْغَوَائِلَ مَعْقُولَةً أَنَّهَا غَوَائِلُ الْمَبِيعِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْمَذْمُومَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا مِنَ الْإِبَاقِ وَمِنَ السَّرِقَاتِ وَسَائِرِ الْأَحْوَالِ الْمَذْمُومَةِ الَّتِي يُغْتَالُ بِهَا مَنْ سِوَاهُ . وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ : قَتَلَ فُلَانٌ فُلَانًا قَتْلَ غِيلَةٍ .
وَمِنْهُ حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى ، عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ ، أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرَّ أَوْلَادَهُمْ } ، أَيْ : مَا يَطْرَأُ عَلَى أَوْلَادِهِمُ الْمَحْمُولَةِ بِهِمْ مِمَّا يَكُونُ إِلَى أُمَّهَاتِهِمْ مِنْ جِمَاعِهِمْ إِيَّاهُنَّ وَهُنَّ كَذَلِكَ ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ غَيْلًا ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي أَوْلَادَهُنَّ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ . وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ ، وَبِمَا قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَمِثْلُ ذَلِكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي يَغْتَالُ فِيهَا الْمَمْلُوكُونَ مَالِكِيهِمْ مِنَ الْأَجْنَاسِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، وَوَجَدْنَا الْخِبْثَةَ قَدْ قَالَ النَّاسُ فِيهَا قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ الشَّيْءُ الْمَذْمُومُ وَهُوَ سَبْيُ ذَوِي الْعُهُودِ الَّذِينَ لَا يَحِلُّ اسْتِرْقَاقُهُمْ ، وَلَا يَقَعُ الْإِمْلَاكُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، هَكَذَا كَانَ
ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ يَذْكُرُهُ لَنَا عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ النَّوْعِ ، وَلَا يَحْكِي لَنَا خِلَافًا فِيهِ ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا النَّوْعِ فَكَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّ الْخِبْثَةَ هِيَ الْأَشْيَاءُ
[ ص: 290 ] الْخَبِيثَةُ .
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=26الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=58وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا . قَالُوا : فَكُلُّ مَذْمُومٍ ، فَهُوَ خَبِيثٌ ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا الْغَوَائِلُ هِيَ مَذْمُومَاتٌ مَكْرُوهَاتٌ ، فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَهُمْ خِبْثَةٌ ، فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ لِمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ
ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، أَنَّ الْغَوَائِلَ كَمَا ذَكَرُوا خَبَائِثُ وَهِيَ غَوَائِلُ ، وَأَنَّ كُلَّ خَبِيثٍ غَائِلَةٌ ، وَلَيْسَ كُلُّ غَائِلَةٍ خَبِيثًا ، فَكَانَ رَدُّ السَّبْيِ لَا فِعْلَ لِلْمَمْلُوكِينَ فِيهِ ، كَمَا الْأَفْعَالُ الْمَذْمُومَاتُ اللَّاتِي ذَكَرْنَا فِي الْغَوَائِلِ أَفْعَالٌ لَهُمْ ، فَكَانَتِ الْغَوَائِلُ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَكَانَتِ الْخِبْثَةُ مِمَّا لَا فِعْلَ لِلْمَمْلُوكِينَ فِيهِ ، إِنَّمَا هِيَ فِعْلُ غَيْرِهِمْ فِيهِمْ ، فَفُرِّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْغَائِلَةِ وَالْخِبْثَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى . وَهَذَا عِنْدَنَا أَشْبَهُ مِنَ الْقَوْلِ الْآخَرِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .