[ ص: 280 ]  521 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جلود الميتة في طهارتها بالدباغ وفيما يخالف ذلك 
 3236  - حدثنا  أبو بكرة بكار بن قتيبة  ، قال : حدثنا  أبو عامر   ووهب بن جرير  ، قالا : حدثنا  شعبة  ، عن  الحكم  ، عن  ابن أبي ليلى  ، عن  عبد الله بن عكيم  ، قال : قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة  ، وأنا غلام شاب : أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب   . 
 [ ص: 281 ] 
 3237  - حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي  ، قال : حدثنا  شجاع بن الوليد السكوني  ، عن عبد الملك بن أبي غنية  ، عن  الحكم  ، فذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 3238  - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس  ، قال : حدثنا  أسباط بن محمد  ، عن  الشيباني  ، عن  الحكم  ، فذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
قال  أبو جعفر   : وكان ما في حديث  شعبة  من قول ابن عكيم   " قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة  ، وأنا غلام شاب "  [ ص: 282 ] تحقيق حضوره لذلك ، وسماعه إياه من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ما في حديث ابن أبي غنية   : جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما في حديث الشيباني   : كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد يحتمل أن يكون ذلك مما لم يحضره ابن عكيم  ، ويكون قوله : جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على معنى : كتب إلى قومنا ، كما قال النزال بن سبرة   : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 3239  - حدثنا فهد بن سليمان   وعبد الرحمن بن عمرو الدمشقي  قالا : حدثنا  أبو نعيم  ، قال : حدثنا  مسعر  ، عن عبد الملك بن ميسرة  ، عن النزال بن سبرة  ، قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا كنا وإياكم في الجاهلية ندعى بني عبد مناف  ، ونحن اليوم بنو عبد الله  ، وأنتم بنو عبد الله  ، يعني لقوم النزال    . 
هكذا في الحديث فلم يكن ذلك بسماع النزال  إياه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا بحضوره إياه من قوله ، وإنما هو بسماع قومه إياه منه ،  [ ص: 283 ] وبمحضرهم له من قوله ، وهذا جائز من كلام العرب ، وموجود مثله في كثير من الحديث . 
 3240  - حدثنا  يوسف بن يزيد  ، قال : حدثنا  نعيم بن حماد  ، قال : حدثنا  المعتمر بن سليمان  ، عن  خالد - يعني الحذاء -  ، عن  الحكم  ، قال : أتينا عبد الله بن عكيم  ، فدخل الأشياخ  وجلست بالباب ، فخرجوا ، فأخبروني عن  عبد الله بن عكيم  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة   : أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا بعصب ، كتب قبل أن يموت بشهرين   . 
قال  أبو جعفر   : فوقفنا بهذا الحديث على الوقت الذي كان فيه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكر فيه كتابه به ، ثم كشفنا عن حقيقة هذا الحديث . 
 [ ص: 284 ] 
 3241  - فوجدنا  عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي  قد حدثنا ، قال : حدثنا  محمد بن المبارك  ، قال : حدثنا صدقة بن خالد  ، عن يزيد بن أبي مريم  ، عن  القاسم بن مخيمرة  ، عن  عبد الله بن عكيم  ، قال : حدثني أشياخ من جهينة  ، قالوا : أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن لا تنتفعوا من الميتة بشيء   . 
فحقق ما في هذا الحديث أن ابن عكيم  لم يكن شهد ذلك من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا حضر قراءته على من ذكر فيه أنه قرئ عليه ، وكان هؤلاء الأشياخ من جهينة  لم يسموا لنا فنعرفهم ، ونعلم أنهم ممن يؤخذ مثل هذا عنهم لصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لأحوال فيهم سوى ذلك توجب قبول رواياتهم ، ولما لم نجد ذلك لهم لم تقم بهذا الحديث عندنا حجة . 
وكان حديث  ابن عباس  عن  ميمونة  الذي قد ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا في أمره إياهم بدباغ جلد الشاة التي ماتت لهم ، وقوله لهم عند ذلك : إنما حرم لحمها ، أولى منه لصحة مجيئه ، واستقامة طريقه ، وعدل رواته . 
 [ ص: 285 ] وقد روي أيضا عن  ابن عباس  هذا الحديث ، فذكر فيه أن الشاة كانت لسودة ابنة زمعة  ، وذكر فيه ما يدل على أن ذلك القول كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان لهم بعد إنزال الله عز وجل تحريم الميتة . 
 3242  - كما قد حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري  ، قال : حدثنا  يوسف بن عدي  ، قال : حدثنا  أبو الأحوص   ( ح ) وكما حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، قال : حدثنا  المقدمي  ، قال : حدثنا  أبو عوانة  ، قال صالح  في حديثه : عن  سماك بن حرب  ، وقال  ابن أبي داود  في حديثه ، قال : حدثنا  سماك بن حرب  ، ثم قالا جميعا في حديثيهما : عن  عكرمة  ، عن  ابن عباس  ، قال : ماتت شاة  لسودة ابنة زمعة  ، فقالت : يا رسول الله ، ماتت فلانة - تعني الشاة - ، قال : فلولا أخذتم مسكها ، فقالت : نأخذ مسك شاة قد ماتت ! ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما قال الله عز وجل : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه  الآية ، فإنه لا بأس بأن تدبغوه فتنتفعوا به ، قالت : فأرسلت ، فسلخت مسكها فدبغته ، فاتخذت منه قربة حتى تخرقت   . 
 [ ص: 286 ] ثم وجدنا عن  ابن عباس  في ذلك أيضا : 
 3243  - ما قد حدثنا  يونس  ، قال : حدثنا  سفيان  ، عن  زيد بن أسلم  ، عن عبد الرحمن بن وعلة  ، عن  ابن عباس  رضي الله عنهما ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أيما إهاب دبغ فقد طهر   . 
 [ ص: 287 ] 
 3244  - وما قد حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال : حدثنا  عثمان بن عمر بن فارس  ، قال : حدثنا  مالك  ، عن  زيد بن أسلم  ، عن ابن وعلة  ، عن  ابن عباس  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا دبغ الأديم فقد طهر   . 
 3245  - وما قد حدثنا  الربيع بن سليمان الجيزي  ، قال : حدثنا  سعيد بن أبي مريم  ، قال : حدثنا  أبو غسان  ، قال : حدثني  زيد بن أسلم  ، عن عبد الرحمن بن وعلة  ، أنه قال  لابن عباس   : إنا نغزو أرض المغرب  ، وإنما أسقيتنا جلود الميتة ، فقال  ابن عباس   : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيما مسك  [ ص: 288 ] دبغ فقد طهر   . 
 3246  - وما قد حدثنا  الربيع  أيضا ، قال : حدثنا إسحاق بن بكر بن مضر  ، قال : حدثنا  أبي  ، عن  جعفر بن ربيعة  ، أنه سمع  أبا الخير  يخبر عن ابن وعلة  أنه سأل  ابن عباس  ، فقال : إنا نغزو هذا المغرب  ولهم قرب يكون فيها الماء وهم أهل وثن ، فقال  ابن عباس   : الدباغ طهور ، فقال له ابن وعلة   : أعن رأيك أو عن شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : بل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  . 
 [ ص: 289 ] وفي ذلك ما يوجب إباحة جلود الميتة إذا دبغت ، وفي هذا الباب آثار قد رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هذه الآثار تجزئ عن بقيته ، والله عز وجل نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					