[ ص: 366 ]  587 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوادي الذي مروا به في غزوة تبوك أنه واد ملعون 
 3746  - حدثنا  محمد بن إسماعيل الصائغ  ، وفهد بن سليمان  جميعا ، قالا : حدثنا  مسلم بن إبراهيم الأزدي  ، قال : حدثنا  حماد بن سلمة  ، قال : حدثنا  علي بن زيد  ، قال : قال لي  الحسن   : سل عبد الله بن قدامة بن صخر العقيلي  عن هذا الحديث ، قال : فلقيته عند باب الإمارة ، فذكرت ذلك له ، فقال : زعم  أبو ذر  أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فأتوا على واد ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس ، إنكم بواد ملعون ، فركب فرسه ، فدفع ، ودفع الناس ، ثم قال : من كان قد اعتجن عجينة فليظفرها بعيره ، ومن كان طبخ قدرا فليكفأها   . 
 [ ص: 367 ] 
 3747  - وحدثنا  علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة  ، قال : حدثنا  عفان بن مسلم  ، قال : حدثنا  حماد بن سلمة  ، ثم ذكر مثل حديث محمد  وفهد  ، عن مسلم  ، عن حماد  بإسناده ومتنه . 
 3748  - وحدثنا  محمد بن علي بن داود  ، قال : حدثنا  عفان بن مسلم  ، قال : حدثنا  مبارك بن فضالة  ، قال : سمعت  الحسن  يقول : حدثني عبد الله بن قدامة السعدي   - قال : وكان السعدي  امرأ صدق - ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على مساكن ثمود  ، فقال : اخرجوا اخرجوا ، فإنه واد ملعون ; خشية أن لا تخرجوا حتى يصيبكم كذا وكذا   . 
 3749  - وحدثنا  علي بن عبد الرحمن  ، قال : حدثنا  عفان  ، ثم ذكر بإسناده مثله . 
وقد روي عن سبرة الجهني  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره الناس  [ ص: 368 ] فيما كانوا عجنوا من ماء ذلك الوادي ، مثل الذي روي عنه في حديث  أبي ذر  الذي روينا . 
 3750  - كما حدثنا  محمد بن عبد الله بن عبد الحكم  ، قال : حدثني حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة  ، قال : حدثني أبي  ، عن أبيه  ، عن جده  ، قال : لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر  ، قال لأصحابه : من عمل من هذا الماء طعاما فليلقه ، فمنهم من عجن عجينا ، ومنهم من حاس الحيس ، وألقوه   . 
 3751  - وكما قد حدثنا  ابن أبي داود  ، وفهد بن سليمان  ، قالا : حدثنا  يحيى بن صالح الوحاظي  ، قال : حدثنا عبد العزيز بن الربيع بن سبرة الجهني  ، قال : سمعت أبي  يحدث عن أبيه  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم حين نزل الحجر  ، قال لمن كان معه : من كان منكم عجن عجينا ، أو حاس حيسا من هذا الماء فليلقه   . 
 [ ص: 369 ] 
 3752  - وكما حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن معبد بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة  ، قال : حدثني إبراهيم بن سبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة  ، قال : حدثني عمي حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة  ، عن أبيه  ، عن جده  ، قال : لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر  ، قال لأصحابه : من عمل من هذا الماء طعاما ، فليلقه ، فمنهم من عجن العجين ، ومنهم من حاس الحيس ، فألقوه   . 
قال  أبو جعفر   : فكان ذلك عندنا - والله أعلم - محتملا أن يكون الله عز وجل لما غضب على أهل ذلك الوادي كان من عقوبته إياهم أن جعل ماءهم ما يضرهم ويضر أمثالهم من المتعبدين ; عقوبة لهم على الأشياء التي غضب على أهل ذلك الوادي من أجلها ، وخوفا على من سواهم أن يكون ذلك عقوبة لهم على ذنوبهم التي قد سلفت منهم ; لأنهم جميعا ذوو ذنوب ، وإن كانت ذنوبهم مختلفة ، والعقوبات عليها مختلفة ، فأمرهم صلى الله عليه وسلم فيما عجنوه بذلك الماء أن لا يأكلوه ، وأباحهم أن يطعموه إبلهم التي لا تعبد عليها ولا ذنوب لها ،  [ ص: 370 ] ثم تأملنا سرعته في ذلك الوادي حتى جاوزه ، فكان ذلك عندنا - والله أعلم - ليقتدوا به ، فيسرعوا لسرعته حتى يخرجوا من ذلك الوادي ; خوفا منه عليهم أن يؤخذوا بذنوبهم هناك ، كما أخذ من تقدمهم من أهل ذلك الوادي بذنوبهم هناك . 
ثم تأملنا ما في الحديث من وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادي باللعن ، فكان ذلك عندنا - والله أعلم - على إرادته بذلك أهل الوادي الذين كان منهم ما غضب عز وجل عليهم من أجله ، فلعنهم لذلك . 
وذكر الوادي بتلك اللعنة ، والمراد أهله دونه ، كما قال عز وجل : وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون   . لأن القرية ما كانت تصنع شيئا ، وإنما أهلها هم الذين كانوا يصنعون ما أهلكوا به ، ثم أعقب ذلك عز وجل بما دل على مراده إياهم بذلك ، لا قريتهم بقوله عز وجل : ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه   . يعني بذلك : رسوله إليهم صلى الله عليه وسلم ، وكما قال عز وجل حكاية عن قائليه : واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها   . يريد : أهل القرية ، وأهل العير ، فمثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لذلك الوادي : هذا واد ملعون هو على أهله لا على الوادي نفسه ، والله أعلم ، وإياه نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					