[ ص: 128 ] 671 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبوله الهدايا من ملوك الأعاجم واستئثاره بها ، وما روي مما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم في ذلك بخلاف من تولى أمور المسلمين بعده
4342 - حدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا ، عن إسرائيل ثوير يعني ابن أبي فاختة ، عن أبيه وهو أبو فاختة سعيد بن علاقة ، عن رضي الله عنه قال : علي كسرى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل منه ، وأهدت إليه الملوك فقبل منهم أهدى .
4343 - حدثنا ، حدثنا علي بن عبد الرحمن ، حدثنا يحيى بن معين ، حدثنا زيد بن الحباب مندل بن علي ، عن ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله رضي الله عنهما قال : ابن عباس المقوقس صاحب [ ص: 129 ] مصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدحا من زجاج ، وكان يشرب فيه أهدى .
4344 - وحدثنا فهد ، حدثنا معلى بن راشد ، حدثنا عمارة بن زاذان الصيدلاني ، عن ، عن ثابت رضي الله عنه أنس بن مالك ذي يزن أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة بثلاثين قلوصا ، أو ثلاثين بعيرا أن ملك ، قال عمارة : فحدثني رجل عن ، عن ثابت أنه قد لبسها . أنس
[ ص: 130 ]
4345 - وحدثنا فهد ، حدثنا ، حدثنا أبو غسان عمارة بن زاذان ، عن ، [ ص: 131 ] عن ثابت البناني رضي الله عنه أنس بن مالك ذي يزن أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة قد أخذت بثلاثة وثلاثين بعيرا ، أو ثلاثة وثلاثين جملا أن ملك .
4346 - وحدثنا فهد ، حدثنا قال : سمعت محمد بن كثير الصنعاني ، عن معمرا قال : أخبرني الزهري ، عن كثير بن العباس بن عبد المطلب قال : العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة بيضاء أهداها إليه فروة بن نفاثة الجذامي شهدت حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا .
[ ص: 132 ]
4347 - وحدثنا فهد ، حدثنا ، حدثنا أبو نعيم دلهم يعني ابن صالح ، حدثني حجير أو فلان بن حجير ، عن ، عن عبد الله بن بريدة أبيه أن صاحب الحبشة أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خفين ساذجين ، فلبسهما ، ومسح عليهما .
[ ص: 133 ]
4348 - وحدثنا ، حدثنا يونس ، عن علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل رضي الله عنه قال : ابن عمر فيروز ، فلبست الإزار ، فأغرقني طولا وعرضا ، فسحبته ، ولبست الرداء ، فتقنعت به ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : " يا ، ارفع الإزار ; فإن ما مس التراب إلى أسفل الرجل من الكعبين من الإزار في النار " ، قال عبد الله بن عمر عبد الله بن محمد : فلم أر أحدا قط أشد تشميرا لإزاره من عبد الله بن عمر كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من حلل السيراء مما أهدى إليه .
[ ص: 134 ]
4349 - وحدثنا ، أنبأنا يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن يونس بن يزيد قال : حدثني ابن شهاب عبد الرحمن بن عبد القاري حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية ، يعني بكتابه معه إليه ، فقبل كتابه وأكرم حاطبا ، وأحسن نزله ، ثم سرحه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة شهباء بسرجها ، وجاريتين ، إحداهما أم إبراهيم ، وأما الأخرى فوهبها لجهم بن قيس العبدري ، وهي أم زكريا بن جهم ، الذي كان خليفة على عمرو بن العاص مصر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث [ ص: 135 ] وسمعت يونس يقول : قال لي هارون بن عبد الله القاضي : يا أبا موسى ، لقد سمعنا عندكم هاهنا شيئا ما سمعناه قبل قدومنا عليكم ، فقلت له : وما هو ؟ قال : حديث عن ابن وهب ، عن يونس ، عن قال : أخبرني ابن شهاب ، وإنما الذي كنا نعرفه من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري ، عن ابن شهاب عبد الرحمن بن عبد هو ما كان يحدثه عن عروة عنه ، أو عمن سواه عنه ، منهم حميد بن عبد الرحمن ، فقلت له : هو كما سمعت ، أخبرناه ، ثم حدثته هذا الحديث ، قال عبد الله بن وهب : وداره دار العيزار التي عند الشرط . أبو جعفر
قال : وقد زعم غير واحد من أهل العلم بالتاريخ أن أبو [ ص: 136 ] جعفر عبد الرحمن بن عبد قد كان حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأدخلنا حديثه في المسند لذلك .
4350 - وحدثنا موسى بن الحسن المعروف بالسقلي ، حدثنا محمد بن عباد المكي ، حدثنا ، عن حاتم بن إسماعيل بشير بن المهاجر ، عن ، عن عبد الله بن بريدة قال : أبيه إبراهيم ، وأما الأخرى فأعطاها حسان بن ثابت الأنصاري أهدى أمير القبط لرسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين أختين قبطيتين وبغلة ، فأما البغلة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركبها ، وأما إحدى الجاريتين فتسراها فولدت له .
قال : فكان في هذه الآثار قبول رسول الله صلى الله عليه وسلم هدايا من ذكرت هداياه إليه في هذه الآثار ، واستئثاره بها وتركه ردها إلى أموال المسلمين . أبو جعفر
[ ص: 137 ] فسأل سائل عن المعنى في ذلك ، وفي مخالفته بين نفسه وبين من سواه من أمته في هذا المعنى ، على ما قد ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب .
فكان جوابنا له في ذلك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان الله عز وجل اختصه في أموال أهل الحرب بخاصة تخالف بينه وبين غيره من أمته ، فقال عز وجل فيما أنزل من كتابه عليه : وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصوصا بذلك ، وبهذا المعنى كان رضي الله عنه حاج عمر بن الخطاب العباس وعليا بما حاجهما به فيما كانا خاصما إليه فيه .
4351 - كما حدثنا يزيد بن سنان قالا : حدثنا وأبو أمية ، حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، عن مالك بن أنس ، عن ابن شهاب قال : مالك بن أوس بن الحدثان يقول عمر بن الخطاب لعلي : هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ، ما تركنا صدقة ؟ فقالا : نعم ، قال : فإن الله عز وجل خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخص بها أحدا من الناس ، فقال : والعباس وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير ، فكان الله عز وجل أفاء على رسوله بني النضير ، فوالله ما استأثر بها عليكم ، ولا أخذها دونكم ، فكان صلى الله عليه وسلم يأخذ منها نفقة بيته ، أو نفقته ونفقة أهله سنة ، ويجعل ما بقي أسوة المال ، ثم أقبل على أولئك الرهط - يعني ، عثمان ، [ ص: 138 ] وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام رضي الله عنهم - فقال : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، هل تعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم وسعد بن أبي وقاص سمعت .
[ ص: 139 ]
4352 - وكما حدثنا حدثنا المزني ، ، عن الشافعي ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار سمع ابن شهاب ، يقول : سمعت مالك بن أوس بن الحدثان رضي الله عنه يقول : عمر بن الخطاب بني النضير كانت مما أفاء الله عز وجل على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب ، فكانت أموالهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله منها نفقة سنة ، وما بقي جعله في الخيل والكراع عدة في سبيل الله عز وجل إن أموال .
قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خصه الله بما خصه به من أموال المشركين مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فكان من [ ص: 140 ] ذلك ما جاء من هدايا المشركين مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فاستأثر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك ، فكان من سواه من أمته في مثله بخلاف ذلك ، فكان منه صلى الله عليه وسلم فيمن استأثر بشيء منه ما قد ذكرناه في الآثار التي ذكرناها في الباب الذي قبل هذا الباب . أبو جعفر
فقال قائل : فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رده لهدايا المشركين وقوله : " إنا لا نقبل زبد المشركين " ، يعني رفدهم ، وذكر في ذلك .
4353 - ما قد حدثنا أبو أيوب الأردني المعروف بابن خلف ، حدثنا ، حدثنا خلف بن هشام البزار ، عن حماد بن زيد ، عن أبي التياح ، الحسن عياض بن حمار قال : وكان حرمي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية ، فأهدى له هدية فردها ، وقال : إنا لا نقبل زبد المشركين عن .
[ ص: 141 ] [ ص: 142 ]
وما قد حدثنا أبو أيوب ، حدثنا حدثنا خلف ، ، عن حماد بن زيد قال : ابن عون : ما زبد المشركين ؟ قال : رفدهم الحسن . سألت
4354 - وما قد حدثنا فهد قالا : حدثنا وابن أبي داود ، حدثنا عمرو بن مرزوق ، عن عمران وهو القطان ، عن قتادة ، عن يزيد بن عبد [ ص: 143 ] الله بن الشخير عياض بن حمار قال : أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة أو قال : هدية ، فقال لي : " أسلمت ؟ " فقلت : لا ، قال : إني قد نهيت عن زبد المشركين .
4355 - وما قد حدثنا ، حدثنا ابن أبي داود حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو ، حدثنا عبد الوارث بن سعيد ، عن أبو التياح الحسن عياض بن حمار وكان حرمي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بناقة ، فلما رآها قال : " يا عياض ، ما هذه ؟ " قال : أهديتها لك ، قال : " قدها " ، فقادها ، فقال : " ردها " ، فردها ، قال : " يا عياض ، هل أسلمت بعد ؟ " ، قال : لا ، فلم يقبلها ، وقال : إن الله تعالى حرم علينا زبد المشركين ، قال : والعرب تسمي الهدية الزبد أن .
[ ص: 144 ] وقال أبو عبيدة : الحرمي يكون من أهل الحرم ، ويكون الصديق ، يقال له : حرمي .
قال هذا القائل : ففي هذه الآثار قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدايا المشركين ما قاله فيها ، وإعلامه عياضا أن الله تعالى قد نهاه عن قبولها ، وهذا خلاف ما رويتموه في هذا الباب من قبول رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قبله منها .
فكان جوابنا له في ذلك : أنه قد يحتمل أن يكون الله تعالى نهاه عن قبول زبد المشركين في حال وإباحة ذلك في حال أخرى ، وكان منعه إياه من ذلك قبل إنزاله عز وجل عليه : وما أفاء الله على رسوله منهم ... الآية التي تلونا في هذا الباب ، ثم أنزل عليه هذه الآية ، فجعل لهم من أموالهم ما صار بغير إيجاف منه عليه بخيل ولا ركاب ، فكان ما صار إليه من هداياهم كما قدر عليهم من أموالهم سوى ذلك بغير إيجاف عليه بخيل ولا ركاب ، فقبلها لذلك . والله أعلم بما كان ذلك عليه في الحقيقة ، وإياه نسأله التوفيق .