[ ص: 422 ]  71 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام مما رواه  ابن عباس  في رؤية هلال رمضان 
 480  - حدثنا  يوسف بن يزيد  ، حدثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق  ، حدثنا  إسماعيل بن جعفر  ، عن محمد بن أبي حرملة  ، قال : أخبرني {  كريب   : أن أم الفضل بنت الحارث  بعثته إلى معاوية  بالشام   . فقال : قدمت إلى الشام  فقضيت حاجتها ، واستهل علي شهر رمضان ، وأنا بالشام  فرأينا الهلال ليلة الجمعة ، ثم قدمت المدينة  في آخر الشهر فسألني  ابن عباس  عن أشياء ، ثم ذكر الهلال قال : متى رأيت الهلال ؟ قلت : رأيته ليلة الجمعة . قال : أنت رأيته ؟ قلت : نعم . ورآه الناس . فصاموا وصام معاوية  ، قال : لكنا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه . فقلت : ألا تكتفي برؤية معاوية  وصيامه ؟ قال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم   } . 
 481  - وحدثنا  أحمد بن شعيب  ، أخبرنا  علي بن حجر  ، حدثنا  إسماعيل بن جعفر  بإسناده مثله ، غير أنه قال : فقلت : أو لا تكتفي برؤية  [ ص: 423 ] معاوية  وأصحابه مكان : وصيامه   . 
ففي هذا الحديث عن  ابن عباس  أنه لم يكتف برؤية أهل بلد غير بلده الذي كان به ، وإخباره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك . 
فسأل سائل فقال : أيضاد هذا ما روي عن  ابن عباس  سواه في هذا المعنى ، وذكر ما : 
 482  - حدثنا  أحمد بن شعيب  ، أخبرنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي  ، حدثنا  حسين يعني الجعفي  ، عن  زائدة  ، عن  سماك  ، عن  عكرمة  ، عن  ابن عباس  قال : { جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبصرت الهلال ، فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  عبده ورسوله ، قال : نعم . قال : يا بلال  ، أذن في الناس فليصوموا غدا   } . 
 [ ص: 424 ] 
 483  - وما قد حدثنا  إسحاق بن إبراهيم بن يونس  ، حدثنا  هارون بن عبد الله يعني الحمال  ، حدثنا  حسين بن علي  ، عن  زائدة  ، عن  سماك  ، عن  عكرمة  ، عن  ابن عباس  قال : { شهد أعرابي عند النبي صلى الله عليه وسلم على رؤية الهلال ، فأمر بلالا  أن ينادي في الناس ليصوموا غدا   } . 
 484  - وما قد حدثنا  أحمد بن شعيب  ، أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة  ، حدثنا  الفضل بن موسى ، وهو السيناني  ، عن  سفيان  ، عن  سماك  ، عن  عكرمة  ، عن  ابن عباس  قال : { جاء أعرابي إلى النبي عليه السلام فقال : رأيت الهلال فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  عبده ورسوله ، قال : نعم . قال : فنادى النبي عليه السلام : أن صوموا   } . 
 [ ص: 425 ] 
 485  - وحدثنا  ابن مرزوق  ، حدثنا  روح بن عبادة  ، عن  شعبة  ، عن  سفيان  ، عن  سماك  ، عن  عكرمة   : { أن أعرابيا شهد عند النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى الهلال فقال : أتشهد أن لا إله إلا الله ، وأنمحمدا  رسول الله . قال : نعم . فأجاز شهادته   } ، ولم يذكر  ابن عباس   . 
فكان جوابنا في ذلك أن كل واحد من هذين الحديثين غير مضاد للآخر ، وأن حديث عكرمة  هو على استعمال شهادة الواحد من المسلمين على رؤية هلال رمضان . 
وحديث كريب  فيه إخباره  ابن عباس  برؤية هلال شهر رمضان في وقت قد فات استعمال الصيام بتلك الرؤية ، وليس فيه عن  ابن عباس  أنه لو كان ذلك اتصل به في حال قدرته على استعمال ذلك الخبر في الصوم يستعمله ، ولما فاته ذلك رجع إلى انتظار ما يكون في آخر الشهر من الهلال ، مما يدل على أوله متى كان ، فكان جائزا أن يمضي ثلاثون يوما على ما قد كان من الرؤية التي حكاها له كريب  ، فيعلم بذلك بطلان ما حكاه له كريب  ، فيصوم ثلاثين يوما على رؤيته هو ، وكان جائزا أن يراه بعد مضي تسعة وعشرين يوما على ما حدث به كريب  ، فيقضي يوما لاستعماله ما في حديث عكرمة   . 
وهذا المعنى الذي صححنا عليه هذين الحديثين يوافق ما ذهب إليه  [ ص: 426 ]  أبو حنيفة  وأصحابه من قبول شهادة الواحد على هلال شهر رمضان ، ولا يقبلون في هلال الفطر إلا ما يقبلونه في سائر الحقوق من البينات التي يقبلونها فيها ، ويقولون : إن صام الناس بشهادة واحد على رؤية هلال رمضان ، فمضت ثلاثون يوما ، ولم يروا الهلال أنهم يصومون يوما آخر ، وأن ذلك بخلاف الحكم في ذلك لو شهدت بينة مقبولة عند الإمام ، يجوز له الحكم بها في غير ذلك على رؤية الهلال ، فأمرهم بالصوم فصاموا ثلاثين يوما ، ولم يروا الهلال أنه يأمرهم بالإفطار والخروج من الصيام ، ويجعلون الصيام بشهادة الواحد صيام احتياط ، ويجعلون الصيام بالبينة المقبولة المحكوم بها في غير ذلك من الأشياء صياما بحجة ، ويكون حكم الناس كأنهم رأوه جميعا . 
فبان بما ذكرنا أن لا تضاد في شيء مما وصفناه في هذا الباب عن  ابن عباس  ، عنه عليه السلام . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					