[ ص: 355 ] 765 - باب بيان مشكل ما روى بعض الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رد شهادة المحدود في الإسلام .
4866 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17070مروان بن معاوية الفزاري ، عن
يزيد بن أبي زياد الشامي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، قال : قالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664591nindex.php?page=treesubj&link=15989_15993_15996_16146_16151_16152_27107_33547_33549لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا مجلود حدا ، ولا ذي غمر لأخيه ، ولا مجرب عليه شهادة زور ، ولا القانع مع أهل البيت لهم ، ولا الظنين في ولاء ، ولا قرابة .
[ ص: 356 ] [ ص: 357 ] فتأملنا هذا الحديث فوجدنا فيه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه : لا تجوز شهادة مجلود حدا .
ووجدنا
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي قد كان يذهب هذا المذهب حتى كان يقول في المجلود في الخمر : إنه لا تقبل شهادته وإن تاب .
كما أجاز لنا
محمد بن سنان الشيزري ، عن
محمود بن خالد ، عن
عمر بن عبد الواحد ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=15989_15993_15996_16146_16151_16152_27107_33547_33549لا تجوز شهادة محدود في الإسلام ، ولا معلوم منه شهادة زور ، ولا ظنين في ولاء ، ولا قرابة ، ولا خائن ، ولا خائنة ، ولا ذي غمر على أخيه ، ولا خصم ، ولا مريب .
وكانت ألفاظ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي في هذه الحكاية هي ألفاظ هذا الحديث غير ما في آخره من ذكر الخصم والمريب ، فوقفنا بذلك على أنه أخذ قوله هذا من ذلك الحديث إما عن
يزيد الذي حدث به عنه
مروان ، أو ممن هو أعلى منه ممن فوق
يزيد ، وهو
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، ولم نجد له على قوله : إنه لا تجوز شهادة مجلود حدا من أهل العلم موافقا غير
الحسن بن صالح بن حي ، فإنا وجدنا عنه مما ذكره
حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عنه أنه كان يقول : إذا ضرب القاضي رجلا في حد لم تجز شهادته أبدا ، وإن تاب ، وهذا القول مما يخالفهما فيه
[ ص: 358 ] فقهاء الأمصار سواهما .
ثم تأملنا ما اختلفا وفقهاء الأمصار فيه من هذا المعنى ، فوجدنا أشياء مما قد حرمها الله - عز وجل - وتوعد عليها وغلظ العقوبات فيها من الزنى ومن السرقة ، وكانت العقوبات فيها كفارات لمصيبها ، منها قطع أيدي السراق ، ومنها إقامة حد الزنى على الأبكار من الزناة ، وهي الجلد ، وعلى الثيب منهم وهي الرجم .
ووجدنا أهل العلم لا يختلفون في قبول شهادة المقطوعين في السرقات إذا تابوا ، ولا في قبول شهادة الزناة الأبكار المحدودين إذا تابوا ، وفي ذلك ما قد دل على أن سائر المحدودين فيما سوى الزنى والسرقة كذلك أيضا ، غير ما قد أخرجه كتاب الله - عز وجل - من ذلك في حد القذف بقوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ، فأبانهم - عز وجل - ممن سواهم وألزمهم الفسق الذي جعله وصفا لهم ، وأعقب ذلك بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم .
وكان أهل العلم قد اختلفوا في قبول شهادتهم بعد التوبة مما قد كان هذا حكمهم ، فقال بعضهم : يزول ذلك عنهم بالتوبة ، ويرجعون إلى قبول الشهادة ، وقال بعضهم : يزول الفسق عنهم الذي عليه الوعيد ، ولا تقبل لهم شهادة أبدا ، وكان ممن ذهب إلى القول الأول أكثر
أهل الحجاز ، وممن ذهب إلى القول الثاني بعض
أهل الحجاز ، وكثير ممن سواهم .
[ ص: 359 ] فأما فقهاء الأمصار الذين دارت عليهم الفتيا كمالك ومن سواه من
أهل الحجاز ، فيقبلون شهادتهم بعد التوبة ، وكذلك كان
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول في هذا .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة والثوري وأصحابهما ، فكانوا لا يقبلونها أبدا ، ويجعلون حكمهم في ردها منهم بعد التوبة كحكمهم في ردها منهم قبل التوبة .
وقد تعلق
الحجازيون والذين قبلوا شهادتهم بعد التوبة بما قد رووه عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب مما كان قاله
لأبي بكرة ، بعد حده إياه فيما كان منه في
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة .
كما حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_28312_33512أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لأبي بكرة : إن تبت قبلت شهادتك أو تب تقبل شهادتك .
[ ص: 360 ] قال : فتأملنا هذا الحديث فوجدناه قد دخل في إسناده ما يدفع أن يكون فيه حجة لمن احتج به على مخالفه .
كما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري يقول :
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_28312_33512زعم أهل العراق أن شهادة القاذف لا تجوز ، فأشهد لأخبرني nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لأبي بكرة : تب ، تقبل شهادتك ، أو إن تتب قبلت شهادتك ، قال : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة يحدث به هكذا مرارا ، ثم سمعته يقول : شككت فيه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : أخبرني ، فلما قمت سألت ، فقال لي
عمر بن قيس وحضر المجلس معي : هو
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قلت
لسفيان : أشككت فيه حين أخبرك أنه
سعيد ، قال : لا ، غير أنه قد كان دخلني الشك .
[ ص: 361 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر : فكان
عمر المذكور في هذا الحديث ، الذي استثبت
[ ص: 362 ] به
سفيان فيه هو
عمر بن قيس ، وهو عند أهل الرواية غير ثبت فيها ، وإذا كان كذلك لم يكن ما ثبت من قد شك في حديث يكون ذلك قطعا لشكه فيه ، ثم قد وجدنا هذا الحديث قد رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري من هو من أهل الثقة في روايته والقبول لها ، وهو
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد .
كما قد حدثنا
هارون بن كامل ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16442عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، أنه بلغه
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15989_28312_31411_33512أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب استتاب أبا بكرة فيما قذف به nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة ، فأبى أن يتوب ، وزعم أن ما قال حق وأقام على ذلك ، وأصر عليه ، فلم يكن تجوز له شهادة .
وتعلقوا في ذلك أيضا .
بما قد حدثنا
فهد بن سليمان ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم الفضل بن دكين nindex.php?page=showalam&ids=15974وسعيد بن أبي مريم قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17023محمد بن مسلم الطائفي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12397إبراهيم بن ميسرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_28312_33512شهد على المغيرة أربعة ، فنكل زياد فجلد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب الثلاثة واستتابهم ، فتاب اثنان وأبى أبو بكرة أن يتوب ، فكانت تقبل شهادتهما حين تابا ، وكان أبو بكرة لا تقبل شهادته ; لأنه أبى أن يتوب [ ص: 363 ] وكان مثل النضو من العبادة .
فقال الذين تعلقوا بالحديث الأول : هذا الحديث لا طعن فيه ، ولا يسع أحدا التخلف عن القول به ، وكان من الحجة لمخالفيه عليه بتوفيق الله - عز وجل - وعونه ، أن سعيد بن المسيب لم يأخذ هذا عن
عمر سماعا منه ، وإنما أخذه عنه بلاغا ; لأن
سعيدا وإن كان قد رأى
عمر فإنه لا يصح له عنه سماع هذا منه ، والدليل على أن الحديث لم
[ ص: 364 ] يكن عند
سعيد بالقوي ، أنه قد كان يذهب إلى خلاف ما فيه .
كما قد حدثنا
محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج بن منهال ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب أنهما قالا :
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_33512القاذف إذا تاب ، توبته فيما بينه وبين ربه - عز وجل - ، ولا تقبل شهادته .
وكما حدثنا
أحمد بن داود ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14840عبيد الله بن محمد التيمي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، ثم ذكر بإسناده وبمتنه مثله .
فدل ذلك : أن الأولى كان عند
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ترك قبول شهادة القاذف وإن تاب ، وعقلنا أن ما حدث به عنه عن
عمر لم يكن صحيحا عنده ; لأنه يستحيل عندنا أن يكون مع جلالة
عمر - رضي الله عنه - وعظم قدره عنده يقول هذا القول لا سيما بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا ينكرونه عليه ، ولا يخالفونه فيه ، ثم يتركه إلى خلافه .
وقال قائل ممن يذهب إلى قبول شهادة القاذف بعد توبته : قد
[ ص: 365 ] روي هذا القول عن
عطاء وطاوس ومجاهد .
وذكر ما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=13382إسماعيل ابن علية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_33512في القاذف إذا تاب ، قال : تقبل شهادته ، وقال : كلنا يقوله
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
وذكر غيره في ذلك .
ما قد حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12391إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12063أبو عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_28995_33512قلت : nindex.php?page=showalam&ids=16568لعطاء : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ، قال : إذا تاب قبلت شهادته .
[ ص: 366 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - وعونه : أنه قد خالفهم في ذلك من هو أجل منهم ، وهو
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، ووافقه على ذلك مثله ممن قد قضى للخلفاء الراشدين المهديين وهو
شريح .
كما قد حدثنا
أحمد بن داود ، قال : حدثنا
إسماعيل بن سالم ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11814الشيباني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_33512لا تجوز شهادته إذا تاب ، يعني : القاذف ، توبته فيما بينه وبين ربه .
وخالفهم في ذلك من هو مثلهم أو فوقهم ، وهو
الحسن البصري ، ولما اختلفوا في ذلك هذا الاختلاف نظرنا فيما اختلفوا فيه من ذلك فوجدناهم لا يختلفون في القذف : أنه لا يمنع من قبول شهادة القاذف قبل أن يحد فيها .
ألا ترى أن رجلا لو شهد على رجل بالزنى وحده ، ثم شهد بشهادة وظاهره العدل في شهادته ، وهو يقول : ما شهدت عليه إلا بحق أن شهادته مقبولة وأنه إذا حد فيها ، ثم جاء فشهد بشهادة سواها وهو مقيم على شهادته تلك أن شهادته مردودة ، وإن كان الحد الذي
[ ص: 367 ] أقيم عليه طهارة له ، إن كان كاذبا في شهادته ، ولما كانت الشهادة غير مردودة بما قد جعل فيه قاذفا بظاهره ، ومردودة بإقامة العقوبة عليه فيها ، وهو الحد الذي حد فيها ، وكانت التوبة إن كانت منه بعد ذلك فإنما هي من القول الذي كان منه في الشهادة التي شهد بها ، ولم ترد شهادته بذلك القول وإنما ردت بغيره وهو الجلد ، وكان الجلد مما لا توبة فيه ، وإنما التوبة فيما قد تقدمه من الشهادة التي كان فيها قاذفا ، ولم تكن مسقطة للشهادة ، وإنما الذي أسقط الشهادة الحد الذي كان بعدها ، وكانت الشهادة بعد الجلد وقبل الجلد بمعنى واحد ، فلما كانت لا تمنع من قبول الشهادة ، وكان الذي يمنع من قبول الشهادة سواها مما هو مفعول بالشاهد ، وكانت توبته إنما تكون من أفعاله ومن أقواله لا مما فعل به كان رد شهادته بعدها على حكمه الذي كان عليه قبلها ; لأن الذي ردت به شهادته هو مما لا توبة فيه ، وإنما التوبة في غيره . وفيما ذكرنا دليل صحيح على ثبوت قول الذين ذهبوا إلى رد الشهادة بعد التوبة ممن ذكرنا ، والله نسأله التوفيق .
[ ص: 355 ] 765 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رَوَى بَعْضُ النَّاسِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَدِّ شَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْإِسْلَامِ .
4866 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14356الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12310أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17070مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ الشَّامِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةَ ، قَالَ : قَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664591nindex.php?page=treesubj&link=15989_15993_15996_16146_16151_16152_27107_33547_33549لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ وَلَا مَجْلُودٍ حَدًّا ، وَلَا ذِي غِمْرٍ لِأَخِيهِ ، وَلَا مُجَرَّبٍ عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ ، وَلَا الْقَانِعِ مَعَ أَهْلِ الْبَيْتِ لَهُمْ ، وَلَا الظَّنِينِ فِي وَلَاءٍ ، وَلَا قَرَابَةٍ .
[ ص: 356 ] [ ص: 357 ] فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ : لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَجْلُودٍ حَدًّا .
وَوَجَدْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيَّ قَدْ كَانَ يَذْهَبُ هَذَا الْمَذْهَبَ حَتَّى كَانَ يَقُولُ فِي الْمَجْلُودِ فِي الْخَمْرِ : إِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ تَابَ .
كَمَا أَجَازَ لَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْزَرِيُّ ، عَنْ
مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=15989_15993_15996_16146_16151_16152_27107_33547_33549لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَحْدُودٍ فِي الْإِسْلَامِ ، وَلَا مَعْلُومٍ مِنْهُ شَهَادَةُ زُورٍ ، وَلَا ظَنِينٍ فِي وَلَاءٍ ، وَلَا قَرَابَةٍ ، وَلَا خَائِنٍ ، وَلَا خَائِنَةٍ ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ ، وَلَا خَصْمٍ ، وَلَا مُرِيبٍ .
وَكَانَتْ أَلْفَاظُ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيِّ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ هِيَ أَلْفَاظَ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ مَا فِي آخِرِهِ مِنْ ذِكْرِ الْخَصْمِ وَالْمُرِيبِ ، فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَ قَوْلَهُ هَذَا مِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ إِمَّا عَنْ
يَزِيدَ الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ
مَرْوَانُ ، أَوْ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ مِمَّنْ فَوْقَ
يَزِيدَ ، وَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ، وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَلَى قَوْلِهِ : إِنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَجْلُودٍ حَدًّا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُوَافِقًا غَيْرَ
الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ ، فَإِنَّا وَجَدْنَا عَنْهُ مِمَّا ذَكَرَهُ
حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا ضَرَبَ الْقَاضِي رَجُلًا فِي حَدٍّ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ أَبَدًا ، وَإِنْ تَابَ ، وَهَذَا الْقَوْلُ مِمَّا يُخَالِفُهُمَا فِيهِ
[ ص: 358 ] فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ سِوَاهُمَا .
ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا اخْتَلَفَا وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى ، فَوَجَدْنَا أَشْيَاءَ مِمَّا قَدْ حَرَّمَهَا اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَتَوَعَّدَ عَلَيْهَا وَغَلَّظَ الْعُقُوبَاتِ فِيهَا مِنَ الزِّنَى وَمِنَ السَّرِقَةِ ، وَكَانَتِ الْعُقُوبَاتُ فِيهَا كَفَّارَاتٍ لِمُصِيبِهَا ، مِنْهَا قَطْعُ أَيْدِي السُّرَّاقِ ، وَمِنْهَا إِقَامَةُ حَدِّ الزِّنَى عَلَى الْأَبْكَارِ مِنَ الزُّنَاةِ ، وَهِيَ الْجَلْدُ ، وَعَلَى الثَّيِّبِ مِنْهُمْ وَهِيَ الرَّجْمُ .
وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْمَقْطُوعِينَ فِي السَّرِقَاتِ إِذَا تَابُوا ، وَلَا فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الزُّنَاةِ الْأَبْكَارِ الْمَحْدُودِينَ إِذَا تَابُوا ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ سَائِرَ الْمَحْدُودِينَ فِيمَا سِوَى الزِّنَى وَالسَّرِقَةِ كَذَلِكَ أَيْضًا ، غَيْرَ مَا قَدْ أَخْرَجَهُ كِتَابُ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ ذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ، فَأَبَانَهُمْ - عَزَّ وَجَلَّ - مِمَّنْ سِوَاهُمْ وَأَلْزَمَهُمُ الْفِسْقَ الَّذِي جَعَلَهُ وَصْفًا لَهُمْ ، وَأَعْقَبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=5إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
وَكَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ التَّوْبَةِ مِمَّا قَدْ كَانَ هَذَا حُكْمَهُمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَزُولُ ذَلِكَ عَنْهُمْ بِالتَّوْبَةِ ، وَيَرْجِعُونَ إِلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَزُولُ الْفِسْقُ عَنْهُمُ الَّذِي عَلَيْهِ الْوَعِيدُ ، وَلَا تُقْبَلُ لَهُمْ شَهَادَةٌ أَبَدًا ، وَكَانَ مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ
أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بَعْضُ
أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَكَثِيرٌ مِمَّنْ سِوَاهُمْ .
[ ص: 359 ] فَأَمَّا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ دَارَتْ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا كَمَالِكٍ وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ
أَهْلِ الْحِجَازِ ، فَيَقْبَلُونَ شَهَادَتَهُمْ بَعْدَ التَّوْبَةِ ، وَكَذَلِكَ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي هَذَا .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا ، فَكَانُوا لَا يَقْبَلُونَهَا أَبَدًا ، وَيَجْعَلُونَ حُكْمَهُمْ فِي رَدِّهَا مِنْهُمْ بَعْدَ التَّوْبَةِ كَحُكْمِهِمْ فِي رَدِّهَا مِنْهُمْ قَبْلَ التَّوْبَةِ .
وَقَدْ تَعَلَّقَ
الْحِجَازِيُّونَ وَالَّذِينَ قَبِلُوا شَهَادَتَهُمْ بَعْدَ التَّوْبَةِ بِمَا قَدْ رَوَوْهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِمَّا كَانَ قَالَهُ
لِأَبِي بَكْرَةَ ، بَعْدَ حَدِّهِ إِيَّاهُ فِيمَا كَانَ مِنْهُ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ .
كَمَا حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_28312_33512أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ : إِنْ تُبْتَ قَبِلْتُ شَهَادَتَكَ أَوْ تُبْ تُقْبَلْ شَهَادَتُكَ .
[ ص: 360 ] قَالَ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَاهُ قَدْ دَخَلَ فِي إِسْنَادِهِ مَا يَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنِ احْتَجَّ بِهِ عَلَى مُخَالِفِهِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15215الْمُزَنِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيَّ يَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_28312_33512زَعَمَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ لَا تَجُوزُ ، فَأَشْهَدُ لَأَخْبَرَنِي nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ : تُبْ ، تُقْبَلْ شَهَادَتُكَ ، أَوْ إِنْ تَتُبْ قَبِلْتُ شَهَادَتَكَ ، قَالَ : وَسَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ بِهِ هَكَذَا مِرَارًا ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : شَكَكْتُ فِيهِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ : أَخْبَرَنِي ، فَلَمَّا قُمْتُ سَأَلْتُ ، فَقَالَ لِي
عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ وَحَضَرَ الْمَجْلِسَ مَعِي : هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، قُلْتُ
لِسُفْيَانَ : أَشَكَكْتَ فِيهِ حِينَ أَخْبَرَكَ أَنَّهُ
سَعِيدٌ ، قَالَ : لَا ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ دَخَلَنِي الشَّكُّ .
[ ص: 361 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ
عُمَرُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، الَّذِي اسْتَثْبَتَ
[ ص: 362 ] بِهِ
سُفْيَانُ فِيهِ هُوَ
عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ ، وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الرِّوَايَةِ غَيْرُ ثَبْتٍ فِيهَا ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَا ثَبَتَ مَنْ قَدْ شَكَّ فِي حَدِيثٍ يَكُونُ ذَلِكَ قَطْعًا لِشَكِّهِ فِيهِ ، ثُمَّ قَدْ وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رَوَاهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ فِي رِوَايَتِهِ وَالْقَبُولِ لَهَا ، وَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=15124اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا
هَارُونُ بْنُ كَامِلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16442عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15124اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنُ شِهَابٍ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15989_28312_31411_33512أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَتَابَ أَبَا بَكْرَةَ فِيمَا قَذَفَ بِهِ nindex.php?page=showalam&ids=19الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ، فَأَبَى أَنْ يَتُوبَ ، وَزَعَمَ أَنَّ مَا قَالَ حَقٌّ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ ، وَأَصَرَّ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَكُنْ تَجُوزُ لَهُ شَهَادَةٌ .
وَتَعَلَّقُوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا .
بِمَا قَدْ حَدَّثَنَا
فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12180أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ nindex.php?page=showalam&ids=15974وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَا : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17023مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12397إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_28312_33512شَهِدَ عَلَى الْمُغِيرَةِ أَرْبَعَةٌ ، فَنَكَلَ زِيَادٌ فَجَلَدَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الثَّلَاثَةَ وَاسْتَتَابَهُمْ ، فَتَابَ اثْنَانِ وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يَتُوبَ ، فَكَانَتْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا حِينَ تَابَا ، وَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ; لِأَنَّهُ أَبَى أَنْ يَتُوبَ [ ص: 363 ] وَكَانَ مِثْلَ النِّضْوِ مِنَ الْعِبَادَةِ .
فَقَالَ الَّذِينَ تَعَلَّقُوا بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ : هَذَا الْحَدِيثُ لَا طَعْنَ فِيهِ ، وَلَا يَسَعُ أَحَدًا التَّخَلُّفُ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ ، وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِمُخَالِفِيهِ عَلَيْهِ بِتَوْفِيقِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَعَوْنِهِ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ لَمْ يَأْخُذْ هَذَا عَنْ
عُمَرَ سَمَاعًا مِنْهُ ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْهُ بَلَاغًا ; لِأَنَّ
سَعِيدًا وَإِنْ كَانَ قَدْ رَأَى
عُمَرَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهُ عَنْهُ سَمَاعُ هَذَا مِنْهُ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ
[ ص: 364 ] يَكُنْ عِنْدَ
سَعِيدٍ بِالْقَوِيِّ ، أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى خِلَافِ مَا فِيهِ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15698حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُمَا قَالَا :
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_33512الْقَاذِفُ إِذَا تَابَ ، تَوْبَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14840عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ وَبِمَتْنِهِ مِثْلَهُ .
فَدَلَّ ذَلِكَ : أَنَّ الْأَوْلَى كَانَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ تَرْكُ قَبُولِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَإِنْ تَابَ ، وَعَقَلْنَا أَنَّ مَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ عَنْ
عُمَرَ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا عِنْدَهُ ; لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ مَعَ جَلَالَةِ
عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَعِظَمِ قَدْرِهِ عِنْدَهُ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ لَا سِيَّمَا بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَا يُنْكِرُونَهُ عَلَيْهِ ، وَلَا يُخَالِفُونَهُ فِيهِ ، ثُمَّ يَتْرُكُهُ إِلَى خِلَافِهِ .
وَقَالَ قَائِلٌ مِمَّنْ يَذْهَبُ إِلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ بَعْدَ تَوْبَتِهِ : قَدْ
[ ص: 365 ] رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ
عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ .
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15215الْمُزَنِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=13382إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_33512فِي الْقَاذِفِ إِذَا تَابَ ، قَالَ : تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، وَقَالَ : كُلُّنَا يَقُولُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٌ nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٌ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ .
وَذَكَرَ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ .
مَا قَدْ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12391إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12063أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_28995_33512قُلْتُ : nindex.php?page=showalam&ids=16568لِعَطَاءٍ : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ، قَالَ : إِذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ .
[ ص: 366 ] فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ أَجَلُّ مِنْهُمْ ، وَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ مِثْلُهُ مِمَّنْ قَدْ قَضَى لِلْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَهُوَ
شُرَيْحٌ .
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هُشَيْمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11814الشَّيْبَانِيُّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شُرَيْحٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=10563_15970_15989_27107_33512لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إِذَا تَابَ ، يَعْنِي : الْقَاذِفَ ، تَوْبَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ .
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُمْ أَوْ فَوْقَهُمْ ، وَهُوَ
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْقَذْفِ : أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ فِيهَا .
أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَى وَحْدَهُ ، ثُمَّ شَهِدَ بِشَهَادَةٍ وَظَاهِرُهُ الْعَدْلُ فِي شَهَادَتِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : مَا شَهِدْتُ عَلَيْهِ إِلَّا بِحَقٍّ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَقْبُولَةٌ وَأَنَّهُ إِذَا حُدَّ فِيهَا ، ثُمَّ جَاءَ فَشَهِدَ بِشَهَادَةٍ سِوَاهَا وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى شَهَادَتِهِ تِلْكَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَرْدُودَةٌ ، وَإِنْ كَانَ الْحَدُّ الَّذِي
[ ص: 367 ] أُقِيمَ عَلَيْهِ طَهَارَةً لَهُ ، إِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِهِ ، وَلَمَّا كَانَتِ الشَّهَادَةُ غَيْرَ مَرْدُودَةٍ بِمَا قَدْ جَعَلَ فِيهِ قَاذِفًا بِظَاهِرِهِ ، وَمَرْدُودَةً بِإِقَامَةِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ فِيهَا ، وَهُوَ الْحَدُّ الَّذِي حُدَّ فِيهَا ، وَكَانَتِ التَّوْبَةُ إِنْ كَانَتْ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي الشَّهَادَةِ الَّتِي شَهِدَ بِهَا ، وَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ الْقَوْلِ وَإِنَّمَا رُدَّتْ بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْجَلْدُ ، وَكَانَ الْجَلْدُ مِمَّا لَا تَوْبَةَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا التَّوْبَةُ فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا قَاذِفًا ، وَلَمْ تَكُنْ مُسْقِطَةً لِلشَّهَادَةِ ، وَإِنَّمَا الَّذِي أَسْقَطَ الشَّهَادَةَ الْحَدُّ الَّذِي كَانَ بَعْدَهَا ، وَكَانَتِ الشَّهَادَةُ بَعْدَ الْجَلْدِ وَقَبْلَ الْجَلْدِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، فَلَمَّا كَانَتْ لَا تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ ، وَكَانَ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ سِوَاهَا مِمَّا هُوَ مَفْعُولٌ بِالشَّاهِدِ ، وَكَانَتْ تَوْبَتُهُ إِنَّمَا تَكُونُ مِنْ أَفْعَالِهِ وَمِنْ أَقْوَالِهِ لَا مِمَّا فُعِلَ بِهِ كَانَ رَدُّ شَهَادَتِهِ بَعْدَهَا عَلَى حُكْمِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا ; لِأَنَّ الَّذِي رُدَّتْ بِهِ شَهَادَتُهُ هُوَ مِمَّا لَا تَوْبَةَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا التَّوْبَةُ فِي غَيْرِهِ . وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى ثُبُوتِ قَوْلِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى رَدِّ الشَّهَادَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مِمَّنْ ذَكَرْنَا ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .