[ ص: 19 ]  795 - باب بيان مشكل ما روي في منع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  عمر بن الخطاب  عن العود في صدقته ، هل ذلك بكل الوجوه حتى لا تصلح له بوجه منها ، أو على خاص من الوجوه ؟ 
 5020  - حدثنا  محمد بن علي بن داود البغدادي  ، قال : حدثنا  خلف بن هشام المقرئ  ، قال : حدثنا  علي بن مسهر  ، عن  عبيد الله بن عمر  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، عن  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - قال : حملت على فرس في سبيل الله - عز وجل - وكنا إذا حملنا في سبيل الله أتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدفعناه إليه ، فيضعه حيث أراه الله - عز وجل - فجئت بفرسي ، فدفعتها إليه ، فحمل عليها رجلا من أصحابه فوافقته يبيعها في السوق ، فأردت أن أشتريها منه ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له ، فقال : لا تشتريها ، ولا تعد في شيء من صدقتك   . 
 [ ص: 20 ] 
 5021  - وحدثنا  المزني  ، قال : حدثنا  الشافعي  ، عن  مالك بن أنس  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر   : أن  عمر بن الخطاب  حمل على فرس في سبيل الله ، فوجده يباع ، فأراد أن يبتاعه ، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فقال : لا تبتعه ولا تعد في صدقتك   . 
 5022  - وحدثنا  المزني  ، قال : حدثنا  الشافعي  ، قال : حدثنا  سفيان  ، عن  زيد بن أسلم  ، عن  أبيه  ، عن  عمر   - رضي الله عنه - : أنه أبصر فرسا تباع في السوق ، وكان تصدق بها ، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أشتريه ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تشتريه ولا شيئا من نتاجه   . 
 [ ص: 21 ] 
 5023  - حدثنا  المزني  ، قال : حدثنا  الشافعي  ، قال : أخبرنا  عبد الوهاب بن عبد المجيد  ، قال : سمعت  يحيى بن سعيد  ، يقول : أخبرني  نافع  ، عن  ابن عمر   : أن عمر  تصدق بفرس له في زمن رسول الله ، وأنه وجده يباع ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : لا تشتريه ، ولا تقربنه   . 
قال  أبو جعفر   : ففي هذه الآثار نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر  عن ابتياع صدقته ، وأن ذلك عود منه فيها فاحتمل أن يكون ذلك يوقع الكراهة لملكها من الوجوه كلها ، واحتمل أن يكون على الكراهة لملكها من بعض الوجوه دون بعض ، فنظرنا في ذلك . 
 5024  - فوجدنا  إبراهيم بن أبي داود  قد حدثنا قال : حدثنا  عبد الله بن صالح  ، قال : حدثني  الليث  ، قال حدثني  عقيل  ، عن  ابن  [ ص: 22 ] شهاب  ، قال : أخبرني  سالم بن عبد الله بن عمر :  أن  ابن عمر  كان يحدث أن  عمر   - رضي الله عنه - تصدق بفرس في سبيل الله ، فوجده يباع بعد ذلك ، فأراد أن يشتريه ، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأمره في ذلك ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تعد في صدقتك   . 
فبذلك كان  ابن عمر  يترك أن يبتاع شيئا تصدق به ، أو يرثه ، إلا جعله صدقة ، ففي هذا ما قد دل أن  ابن عمر  كان يرى أن رجوع الصدقة إلى المتصدق بها بالميراث مكروه له احتباسها في ملك ، حتى يردها إلى الصدقة . 
ثم نظرنا : هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدفع هذا القول أم لا . ؟ 
 5025  - فوجدنا  يونس  قد حدثنا ، قال : حدثنا  علي بن معبد  ، قال : حدثنا  عبيد الله بن عمرو  ، عن  عبد الكريم بن مالك  ، عن  عمرو بن شعيب  ، عن  أبيه  ، عن  جده   : أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله  [ ص: 23 ] ، إني أعطيت أمي حديقة ، وإنها ماتت ، ولم تترك وارثا غيري ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وجبت صدقتك ، ورجعت إليك حديقتك   . 
فكان في هذا إباحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمتصدق ملك صدقته بالميراث ، وإباحته ذلك له ، وفيما روينا قبله منعه عمر  من ابتياع صدقته ، فوجب بتصحيح هذه الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تكون إعادة المتصدق صدقته بالابتياع ، وبما أشبهه من الأشياء التي تكون منه ، كالقبول لها في هبة له ، أو في صدقة عليه ، أو فيما سوى ذلك من وجوه التمليكات ، مكروها له ، وأن إعادة الله - عز وجل - إياها إلى ملكه بتوريث له إياها عن من تصدق بها عليه ، غير مكروه له ، إذ لم يكن ذلك بارتجاعه إياها ، وإنما كان ذلك بإعادة الله - عز وجل - إياها إليه . 
وقد روي أيضا في الرجوع في الصدقة بالابتياع لها نهي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير عمر  عن مثل ذلك أيضا . 
 5026  - كما قد حدثنا علي بن شيبة  ، قال : حدثنا  يزيد بن  [ ص: 24 ] هارون  ، قال : حدثنا  سليمان التيمي  ، عن  أبي عثمان النهدي  ، عن عبد الله بن عامر  ، عن  الزبير بن العوام   - رضي الله عنه - : أنه حمل على فرس في سبيل الله - عز وجل - فنزا فرسا أو مهرا ، فأراد شراءها ، فنهي عنها   . 
 5027  - وكما حدثنا  أبو أمية  ، قال : حدثنا  سريج بن النعمان  ، قال : حدثنا  حماد  ، عن  عاصم الأحول  ، عن  أبي عثمان النهدي  ، عن  ابن عباس   : أن  الزبير  حمل على فرس في سبيل الله فوجد فرسا يباع من ضئضئها - يعني ولد ولدها - فنهي أن يشتريها   . 
قال  أبو جعفر   : فاختلف سليمان  وعاصم  في الرجل الذي حدث أبو عثمان  بهذا الحديث عنه كما ذكرنا في اختلافهما فيه ، وقد روي  [ ص: 25 ] عن  أسامة بن زيد  مثل ذلك أيضا . 
 5028  - كما حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال : حدثنا  وهب بن جرير  ، قال : حدثنا  شعبة  ، عن  الحكم  ، عن  عبد الله بن معقل  ، عن  أسامة  أو  زيد   : أنه حمل على فرس في سبيل الله - عز وجل - فأراد أن يشتري فلوها ، فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم   - . 
 5029  - وكما حدثنا  محمد بن علي بن داود  ، قال : حدثنا ليث بن داود  ، قال : حدثنا  شعبة  ، عن  الحكم بن عتيبة  ، عن يحيى بن الجزار  ، عن  عبد الله بن معقل  ، عن  أسامة بن زيد  أو  زيد بن حارثة  ، ثم ذكر مثله . 
 [ ص: 26 ] فزاد ليث بن داود  ، عن  شعبة  على  وهب بن جرير  في إسناد هذا الحديث بين الحكم  وبين عبد الله بن معقل  يحيى بن الجزار  ، ففي حديثي الزبير  وأسامة  كراهة ما ولد الفرس المتصدق به ككراهة الفرس بعينه ، فقد بان بحمد الله - عز وجل - ونعمته أن لا تضاد في شيء مما رويناه في هذا الباب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن لكل معنى مذكور فيه وجه ، يتوجه فيه غير الوجه الذي يتوجه فيه ما يظن من لا علم له أنه يخالفه ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					