[ ص: 13 ]  80 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام في : من أصبح جنبا في يوم من شهر رمضان هل يصوم ذلك اليوم أم لا ؟ 
 535  - حدثنا  يونس  ، أخبرنا  ابن وهب  أن  مالكا  أخبره ، عن  سمي مولى أبي بكر  أنه سمع  أبا بكر بن عبد الرحمن  يقول : كنت أنا  وأبي  عند مروان بن الحكم  ، وهو أمير المدينة  فذكر أن  أبا هريرة  يقول : من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم فقال مروان   : أقسمت عليك لتذهبن إلى أم المؤمنين  عائشة   وأم سلمة  تسألهما عن ذلك ، قال : فذهب عبد الرحمن  وذهبت معه حتى دخلنا على  عائشة  ، فسلم عليها عبد الرحمن  ، ثم قال يا أم المؤمنين إنا كنا عند مروان  فذكر له أن  أبا هريرة  يقول : من أصبح جنبا أفطر ذلك اليوم ، فقالت  عائشة   : بئسما قال  أبو هريرة  يا عبد الرحمن  ، أترغب عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ، فقال : لا والله ، فقالت : فأشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ، ثم يصوم ذلك اليوم قال : ثم خرجنا حتى دخلنا على  أم سلمة  فسألتها ، عن ذلك فقالت : كما قالت  عائشة  ، فخرجنا حتى جئنا مروان  فذكر له عبد الرحمن  ما قالتا ، فقال مروان   : أقسمت عليك يا أبا محمد  لتركبن دابتي فإنها بالباب فلتذهبن إلى  أبي هريرة  فإنه بأرضه بالعقيق  فلتخبرنه ذلك ، فركب عبد الرحمن  وركبت معه حتى أتينا  أبا هريرة  فتحدث معه عبد الرحمن   [ ص: 14 ] ساعة ، ثم ذكر ذلك له فقال  أبو هريرة   : لا علم لي بذلك إنما أخبرنيه مخبر    . 
 536  - حدثنا الحسن بن بكر بن عبد الرحمن المروزي  ، حدثنا  يعقوب بن إبراهيم بن سعد  ، حدثنا  أبي  ، عن  ابن إسحاق  ، حدثنا عبد الله بن أبي سلمة مولى بني تيم  ، عن  عراك بن مالك الغفاري   - والنعمان بن أبي عياش الأنصاري ، ثم الزرقي  قال كلاهما : حدثني عن  أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي  قال : جلست مع  أبي هريرة  فسأله رجل عن الصائم إذا أصبح وهو جنب ، فقال له  أبو هريرة   : فلا صيام له ، فقال أبو بكر   : قد ذكرت ذلك لأبي  عبد الرحمن بن الحارث  فذكر ذلك أبي لمروان بن الحكم  ، وهو أمير المدينة  فقال له مروان   : لتأتين  عائشة   وأم سلمة  زوجي النبي  [ ص: 15 ] صلى الله عليه وسلم فلتسألهما عن هذا من أمر رسول الله عليه السلام ، فإنه لا أحد أعلم بهذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه ، قال : فخرج أبي وخرجت معه حتى دخلنا على  أم سلمة  ، فسألها عن ذلك ، فقالت : قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح وهو جنب من نكاح غير احتلام ، ثم يصوم ، قال : ثم خرجنا من عندها ، فجلسنا على باب  عائشة  ، فبعث إليها أبي ذكوان  مولاها فسألها عن ذلك ، فجاءه ذكوان  ، فقال : تقول لك : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح وهو جنب من نكاح غير احتلام ، ثم يصوم ، قال : فرجع أبي إلى مروان  فذكر ذلك له ، فقال : إني عزمت عليك لتأتين  أبا هريرة  حتى تخبره بهذا قال : فقال له أبي : يغفر الله لك أيها الأمير ، بلغتك حديثا عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر فتجيئه ، حتى إذا وجدت خلافه ، أمرتني أن أعرفه به ، قال : فقال له مروان   : عزمت عليك لتفعلن ، فخرج مروان  حاجا أو معتمرا ، فخرجنا معه حتى إذا كنا بذي الحليفة   - ولأبي هريرة  بها أرض هو فيها - قمنا إليه وأنا مع أبي ، فقال له أبي : يا  أبا هريرة  ، إني أخبرت الأمير أنك قلت : من أدرك الفجر وهو جنب فلا صيام له ، فأمرني أن أسأل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، ففعلت فحدثتني  أم سلمة   وعائشة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح وهو جنب من نكاح غير احتلام ، ثم يصوم قال : فقال  أبو هريرة   : لا أدري أخبرني بذلك الفضل بن عباس    . 
 537  - وحدثنا الحسن بن بكر  ، حدثنا  يعقوب  ، حدثنا  أبي  ، عن  [ ص: 16 ]  ابن إسحاق  ، حدثني الحارث بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام  ، عن  أبيه  مثل حديث عبد الله بن أبي سلمة  ، عن عراك  والنعمان   . 
 538  - حدثنا علي بن شيبة  ، حدثنا  يزيد بن هارون  ، أخبرنا  عبد الله بن عون  ، عن  رجاء بن حيوة  ، عن يعلى بن عقبة  ، قال : أصبحت جنبا وأنا أريد الصوم ، فأتيت  أبا هريرة  فسألته ، فقال لي : أفطر ، فأتيت مروان  فسألته وأخبرته بقول  أبي هريرة  ، فبعث  عبد الرحمن بن الحارث  إلى  عائشة  ، فسألها ، فقالت : كان النبي عليه السلام يخرج لصلاة الفجر ورأسه يقطر من جماع ، ثم يصوم ذلك اليوم ، فرجع إلى مروان  فأخبره ، فقال ائت  أبا هريرة  فأخبره فأتاه فأخبره ، فقال : إني لم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثنيه  الفضل  ، عن النبي عليه السلام   . 
 539  - وحدثنا ابن خزيمة  ، حدثنا  حجاج بن منهال  ، حدثنا  حماد بن سلمة  ، أخبرنا  عبد الله بن عون  ، ثم ذكر بإسناده مثله . 
 [ ص: 17 ] ففيما روينا من هذه الآثار ما ذكره  أبو هريرة  فيها ، عن الفضل بن عباس  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في منعه من الصوم من أصبح جنبا ، وفيها إخبار  عائشة   وأم سلمة  مما يخالف ذلك في منعه . 
فقال قائل : من أين اتسع لكم أن تميلوا في هذه إلى ما روته  عائشة   وأم سلمة  عن النبي عليه السلام ، وتتركوا ما رواه  أبو هريرة  ، عن الفضل  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يخالفه دون أن تصححوهما جميعا ، فتجعلون حديث  عائشة   وأم سلمة  عنه عليه السلام إخبارا منهما عن حكمه ، كان في ذلك في نفسه ، وتجعلون حديث الفضل  عنه في حكم غيره من أمته حتى لا يضاد واحد من هذين المعنيين المعنى الآخر منهما . 
فكان جوابنا له في ذلك أنا قد وجدنا عنه ما قد دل على أن حكمه في نفسه كان في ذلك كحكم سائر أمته فيه ، وذلك : 
 540  - أن  يونس  قد حدثنا ، قال : أخبرنا  ابن وهب  أن  مالكا  أخبره ، عن  عبد الله بن معمر الأنصاري  ، عن أبي يونس مولى عائشة  ، عن  عائشة   : أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الباب ، وأنا أسمع : يا رسول الله إني أصبح جنبا وأنا أريد الصوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصوم فأغتسل وأصوم ، فقال الرجل : إنك لست مثلنا ، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله تعالى وأعلمكم بما أتقي   . 
 [ ص: 18 ] ولما وقفنا بذلك على استواء حكمه وحكم سائر أمته في ذلك ، عقلنا أن ذينك المعنيين قد كانا حكمين لله تعالى ، نسخ أحدهما الآخر ، وكان ما في حديث الفضل  منهما التغليظ ، وما في حديث  عائشة   وأم سلمة  التخفيف ، وقد ذكرنا فيما تقدم منا في كتابنا هذا أن النسخ بلا معصية لله تعالى رحمة من الله ، ورد التغليظ إلى التخفيف ، ولم يكن بحمد الله في شيء مما كان من أجله هذا النسخ معصية يكون معها التغليظ ، فجعلنا النسخ في هذا الحكم كان من التغليظ إلى التخفيف ، وكان في ذلك وجوب استعمال ما جاء في حديث  عائشة   وأم سلمة  دون ما في حديث الفضل  ، مع أنا قد وجدنا كتاب الله قد أوجب ذلك ، وهو قول الله تعالى فيه : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم  إلى قوله : إلى الليل  وكان في ذلك ما قد دل على إباحة إتيان النساء في الليل إلى طلوع الفجر ، ولا يكون الاغتسال الذي يوجبه ذلك الإتيان إلا في النهار ، وفي ذلك ما يبيح الصوم مع الجنابة ، وفيه موافقة ما في حديث  عائشة   وأم سلمة  عن رسول الله عليه السلام فيه . 
ومما قد روي عنه أيضا من حديث  عائشة   وأم سلمة  مما يوافق هذا المعنى : 
 [ ص: 19 ] 
 541  - ما قد حدثنا  بكار  ، حدثنا  أبو داود   وروح بن عبادة  قالا : حدثنا  شعبة  ، عن  الحكم  قال : سمعت  أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام  يحدث ، عن  أبيه  قال : دخلت على  عائشة  زوج النبي عليه السلام ، وأخبرتني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا ، ثم يغتسل ، ثم يغدو إلى المسجد ورأسه يقطر ، ثم يصوم ذلك اليوم ، فأخبرته مروان  فقال : ائت  أبا هريرة  فأخبره ذلك ، فقلت : إنه لي صديق فأعفني ، قال : عزمت عليك لتأتينه ، فانطلقت أنا وابني إلى  أبي هريرة  فأخبرته بذلك فقال  أبو هريرة   :  عائشة  أعلم مني  ، قال  شعبة   : وفي الصحيفة :  عائشة  أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم  . 
 542  - وما قد حدثنا  علي بن معبد  ، حدثنا  عبد الوهاب بن عطاء  ، أخبرنا  داود بن أبي هند  ، عن  الشعبي  ، عن عمر بن عبد الرحمن  ، عن أخيه  أبي بكر بن عبد الرحمن  أنه كان يصوم ولا يفطر ، فدخل على أبيه يوما وهو مفطر ، فقال له : ما شأنك اليوم مفطرا ، فقال : إني أصابتني جنابة فلم أغتسل حتى أصبحت ، فأفتاني  أبو هريرة  أن أفطر ،  [ ص: 20 ] فأرسلوا إلى  عائشة  يسألونها ، فقالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تصيبه الجنابة فيغتسل بعدما يصبح ، ثم يخرج ورأسه يقطر ماء فيصلي بأصحابه ، ثم يصوم ذلك اليوم   . 
 543  - وما قد حدثنا  بكار  ، حدثنا  أبو عاصم  ، أخبرنا  ابن جريج  ، أخبرني  ابن شهاب  ، عن  أبي بكر بن عبد الرحمن  ، عن  عائشة   وأم سلمة   : أن النبي عليه السلام كان يدركه الفجر وهو جنب ، ثم يصوم   . 
 544  - وما قد حدثنا فهد  ، حدثنا  أبو غسان  ، حدثنا  زهير بن معاوية  ، عن  أبي إسحاق  ، عن  الأسود  ، عن  عائشة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك . 
 545  - وما قد حدثنا فهد  ، حدثنا  أحمد بن يونس  ، حدثنا  زائدة بن  [ ص: 21 ] قدامة  ، عن  عبد الملك بن أبي سليمان  ، عن  عطاء  ، عن  عائشة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك . 
 546  - وما قد حدثنا ابن خزيمة  ، حدثنا  حجاج  ، حدثنا  حماد  ، أخبرنا  عاصم بن بهدلة  ، عن  أبي صالح  ، عن  عائشة  ، عن رسول الله عليه السلام بذلك . 
 547  - وما قد حدثنا  يزيد بن سنان  ، حدثنا  يحيى بن سعيد القطان  ، حدثنا  شعبة  ، عن  قتادة  ، عن  ابن المسيب  ، عن عامر بن أبي أمية  ، عن  أم سلمة  ، عن رسول الله عليه السلام بذلك أيضا ، قال : فرد  أبو هريرة  فتياه  . 
 [ ص: 22 ] فهذا  أبو هريرة  أيضا قد رأى أن ما روته  عائشة   وأم سلمة  ، عن رسول الله عليه السلام في هذا الباب أولى مما حدثه به الفضل عن رسول الله عليه السلام مما يخالفه ، والله نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					