[ ص: 223 ]  828 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المراد بالكلالة ، من هو ؟ 
حدثنا  يزيد بن سنان  ، قال : حدثنا  موسى بن إسماعيل   . وحدثنا محمد بن خزيمة  ، قال : حدثنا  حجاج بن منهال  ، قالا : حدثنا  حماد بن سلمة  ، عن يحيى بن سعيد أبي حيان التيمي  ، عن  الشعبي  ، عن  ابن عمر  ، عن  عمر  ، قال : لوددت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يمت حتى يبين للناس أبوابا من الربا والكلالة والجد   . 
وحدثنا  ابن أبي داود  ، قال : حدثنا  محمد بن عبد الله بن نمير  ، قال : سمعت  ابن إدريس  ، قال : سمعت أبا حيان  ، عن  الشعبي  ، عن  ابن عمر  ، قال : سمعت  عمر  على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ثلاث أيها الناس  [ ص: 224 ] وددت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه : الجد ، والكلالة ، وأبواب من أبواب الربا  . 
وحدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال : حدثنا  وهب بن جرير  ، قال : حدثنا  شعبة  ، عن  عمرو بن مرة  ، عن  مرة بن شراحيل  ، عن  عمر  ، قال : ثلاثة لأن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهن لنا قبل أن يموت ، أحب إلي مما على الأرض : الخلافة ، والربا ، والكلالة   . 
فقلت : الكلالة لا شك فيه هو ما دون الولد والأب ، فقال : الأب يشكون فيه . 
وحدثنا  يزيد بن سنان  ، قال : حدثنا  وهب   وأبو داود  ، قالا : حدثنا  شعبة  ، ثم ذكر بإسناده مثله . 
وحدثنا  أبو أمية  ، قال : حدثنا  أبو نعيم  ، قال : حدثنا  سفيان  ، قال :  [ ص: 225 ] حدثنا  عمرو بن مرة  ، عن  مرة  ، عن  عمر   - رضي الله عنه - قال : ثلاث لأن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهن لنا ، أحب إلي من الدنيا وما فيها : الخلافة ، والكلالة ، والربا   . 
ففي حديث  شعبة  عن عمرو   : أن الكلالة ما دون الولد ، وأنهم كانوا يشكون في الأب ، أهو في ذلك كالولد أم لا . ؟ 
 5224  - وحدثنا  علي بن معبد  ، قال : حدثنا  عبد الوهاب بن عطاء  ، قال : أخبرنا  سعيد بن أبي عروبة  ، عن  قتادة  ، عن  سالم بن أبي الجعد الغطفاني  ، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري  ، قال : قام  عمر بن الخطاب  خطيبا ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : إني والله ما أدع شيئا هو أهم إلي من أمر الكلالة ، وقد سألت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عنها ، فما أغلظ لي في شيء قط ما أغلظ لي فيها حتى طعن بأصبعه في صدري أو في جنبي ، وقال : يا عمر  أما يكفيك آية أنزلت في آخر سورة النساء وإني إن أعش أقض فيها بقضية لا يختلف فيها أحد يقرأ القرآن أو لا يقرأ القرآن   . 
 [ ص: 226 ] 
 5225  - وحدثنا أحمد بن داود بن موسى  ، قال : حدثنا  سهل بن بكار  ، قال : حدثنا  أبو عوانة  ، عن جابر  ، عن الحسن  ، عن  مسروق  ، عن أبيه  ، قال : سألت  عمر بن الخطاب  عن قرابة لي ورث كلالة ، فقال : الكلالة ، الكلالة ، الكلالة ، ثلاثا ، ثم أخذ بلحيته ، فقال : والله لأن أعلمها ، أحب إلي مما على الأرض من شيء ، سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألم تكن تسمع إلى الآية التي أنزلت في الصيف ؟ " مرتين   . 
 5226  - وحدثنا روح بن الفرج  ، قال : حدثنا  يوسف بن عدي   [ ص: 227 ] ، قال : حدثنا  معمر بن سليمان  ، عن  حجاج  ، عن  أبي إسحاق  ، عن  البراء بن عازب  ، قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكلالة ، فقال : " يكفيك آية الصيف   . 
فكان جميع ما في هذه الآثار ، ترك المسؤول عنها الجواب عنها ، ما هي ؟ تورعا عن القول في كتاب الله - عز وجل - بما لم يوقف على حقيقته من عند الله ، حتى مات عمر  على ذلك . 
كما حدثنا  عيسى بن إبراهيم الغافقي  ، قال : حدثنا  سفيان بن عيينة  ، عن سليمان الأحول  ، عن  طاوس  ، قال : سمعت  ابن عباس  ، يقول : كنت آخر الناس عهدا  بعمر  ، فسمعته يقول : القول ما قلت . قلت : وما قلت ؟ قال : الكلالة : من لا ولد له   . 
 [ ص: 228 ] وكان الذي في ذلك من عمر   - يعني الولد - أن يكون كلالة ، والوقوف عن الوالد ، هل هو كلالة ، أم لا ؟ وقد روي عنه - رضي الله عنه - في ذلك خلاف ما في هذا الحديث . 
كما حدثنا  عيسى بن إبراهيم  أيضا ، قال : حدثنا  سفيان  ، عن  يحيى بن سعيد  ، عن  سعيد بن المسيب  ، قال : كان  عمر  كتب كتابا في الكلالة ، فلما حضرته الوفاة دعا بالكتاب ، فمحاه ، وقال : ترون فيه رأيكم   . 
وكما حدثنا عبيد بن رجال  ، قال : حدثنا  عبد الغفار بن داود الحراني  ، قال : حدثنا  أبو عوانة  ، عن داود بن عبد الله الأودي  ، عن   [ ص: 229 ] حميد بن عبد الرحمن الحميري  ، قال : حدثنا  ابن عباس  بالبصرة  ، قال : قال  عمر  لما طعن : أما أنا فلم أقض في الكلالة قضاء   . 
ثم نظرنا فيما روي في الكلالة سوى ذلك . ؟ 
فوجدنا فهدا  قد حدثنا ، قال : حدثنا  أبو نعيم  ، قال : حدثنا حبان بن علي  ، عن  مجالد  ، عن  الشعبي  ، قال : أمر  المغيرة بن شعبة   صعصعة بن صوحان  أن يخطب الناس ، فتكلم ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله - عز وجل - بعث محمدا  حين درست الآثار وتهدمت المنار فبلغ ما أرسل به ، ثم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستخلف أبو بكر  ، فأقام المصحف ، وورث الكلالة ، وكان قويا في أمر الله - عز وجل - ثم قبض أبو بكر  ، واستخلف عمر  ، فمصر الأمصار ، وفرض العطاء ، وكان قويا في أمر الله - عز وجل - ثم قبض عمر  ، واجتمع الناس على عثمان  ، فكانت خلافته قدرا ، وقتله قدرا ، فقال المغيرة   : انظروا ما يقول حين انتهى إلى عثمان   . فقال : أمرتني أن أخطب ، فخطبت ، ثم أمرتني أن أجلس ، فجلست   . 
 [ ص: 230 ] قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث أن أبا بكر   - رضي الله عنه - قد كان ورث الكلالة ، ولم نجد فيه ذكر ما كانت الكلالة عنده ، فنظرنا في ذلك . 
فوجدنا  يونس  قد حدثنا ، قال : أخبرنا  سفيان  ، عن  عاصم الأحول  ، عن  الشعبي   : أن  أبا بكر الصديق   - رضي الله عنه -  وعمر  ، قالا : الكلالة : من لا ولد له ولا والد   . 
ففي هذا الحديث مع انقطاعه : أن أبا بكر  وعمر  ، قالا : الكلالة : من لا ولد له ولا والد . 
ثم نظرنا فيما روي في ذلك من غير هذه الوجوه التي ذكرناها . ؟ 
 [ ص: 231 ] 
 5227  - فوجدنا فهدا  قد حدثنا ، قال : حدثنا  أحمد بن عبد الله بن يونس  ، قال : حدثنا  أبو شهاب الحناط  ، عن  ابن عون  ، عن عمرو بن سعيد  ، عن  حميد بن عبد الرحمن  ، قال : حدثني ثلاثة من بني سعد   : أن  سعد بن أبي وقاص   - رضي الله عنه - مرض بمكة  ، فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إن لي مالا كثيرا ، وليس لي وارث ، إلا كلالة ، أفأوصي بمالي كله ؟ قال : " لا " قال : أفأوصي بنصفه ؟ قال : " لا " قال : أفأوصي بثلثه ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير   . 
 5228  - ووجدنا  يوسف بن يزيد  قد حدثنا ، قال : حدثنا  سعيد بن منصور  ، قال : حدثنا  هشيم  ، قال : أخبرنا  ابن عون  ، عن عمرو بن سعيد  ، قال : حدثني  حميد بن عبد الرحمن الحميري  ، قال :  [ ص: 232 ] حدثني ثلاثة نفر من ولد سعد  هذا أحدهم - يعني  عامر بن سعد   - : أن  سعد بن أبي وقاص  مرض بمكة  ، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده ، فقال له سعد   : يا رسول الله ، إني لأدع مالا ، وليس لي وارث إلا الكلالة ، أفأوصي بمالي كله ؟ قال : " لا " . قال : فبنصفه ؟ قال : " لا " . قال : فبثلثه ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير ، إنك أن تدع أهلك بعيش - أو قال : بخير - خير لك من أن تدعهم يتكففون الناس   . 
فكان في هذا الحديث قول سعد  لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ليس لي وارث إلا الكلالة ، وكانت له ابنة قد ذكرها  الزهري  ، عن عامر بن سعد  فيما رويناه في الباب الذي قبل هذا الباب ، فعقلنا بتصحيح أحاديثه : أن معنى قوله : " وليس لي وارث إلا الكلالة " أي : ليس لي وارث مع ابنتي إلا الكلالة ; لأن الابنة ليست بكلالة عند أهل العلم جميعا . 
ثم نظرنا هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكلالة غير ما ذكرنا ، أم لا . ؟ 
 5229  - فوجدنا أحمد بن الحسن الكوفي  قد حدثنا ، قال : سمعت  سفيان  ، يقول : سمع  ابن المنكدر   جابر بن عبد الله  ، يقول : مرضت فأتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني ، فوجدني قد أغمي علي ، ومعه أبو بكر  يمشيان ، فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصب وضوءه علي ، فأفقت ، فقلت : يا رسول الله ، كيف أقضي في مالي ، كيف أصنع في مالي ؟ فلم يجبني ، حتى نزلت آية الميراث . قال : فكان له سبع أخوات ، ولم يكن له والد ولا ولد .  [ ص: 233 ] فقالوا : أيها هذه الآية ؟ فقال يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة  إلى آخر الآية   . 
وقال  محمد بن المنكدر   : قال جابر   : في نزلت هذه الآية . 
 [ ص: 234 ] 
 5230  - ووجدنا  يزيد بن سنان  قد حدثنا ، قال : حدثنا  وهب بن جرير   وبشر بن عمر  ، قالا : حدثنا  شعبة  ، عن  محمد بن المنكدر  ، عن  جابر بن عبد الله  ، قال : أتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا مريض لا أعقل ، فتوضأ ، فصب الوضوء علي ، فعقلت ، فقلت : كيف الميراث ، فإنما ترثني كلالة ؟ فنزلت آية الفرائض   . 
ففي هذا الحديث : أن جابرا  قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إنما ترثني كلالة ،  [ ص: 235 ] ، ولم ينكر ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله ، فدل ذلك أن الكلالة هي الوارث لا الموروث . 
 5231  - ووجدنا  يزيد  قد حدثنا ، قال : حدثنا  وهب  ، قال : حدثنا  هشام  ، عن  أبي الزبير  ، عن  جابر بن عبد الله  ، قال : اشتكيت وعندي سبع أخوات لي ، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنفخ في وجهي ماء ، فأفقت ، فقلت : يا رسول الله ، أوصي لأخواتي بالثلثين ؟ قال : " أحسن " . قلت : الشطر ؟ قال : " أحسن " . ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتركني ، ثم رجع فقال : يا جابر ، إن الله قد أنزل ، فبين الذي لأخواتك ، فجعل لهن الثلثين فكان جابر  يقول : في نزلت هؤلاء الآيات يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة    . 
 [ ص: 236 ] ففي هذا الحديث أن الأخوات اللاتي ذكر جابر  للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كلالة مما لم ينكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الولد ، وقد تكون بحجب الأخوات إذا كان ذكرا ، ولا يحجبهن إذا كان أنثى ، ليس بكلالة ، كان الوالد الذي لا يحجبهن في الأحوال كلها ، أحرى أن لا يكون كلالة . 
وفيما قد ذكرنا ما قد دل أن الكلالة من يرث لا من يورث ، وفي ذلك ما قد دل على صحة قراءة من قرأ : وإن كان رجل يورث كلالة   - والله أعلم - . وقد حدثنا ولاد النحوي  ، قال : حدثنا أبو جعفر المصادري  ، قال : حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى  ، قال : الكلالة : كل من أورث غير أب أو ابن أو أخ ، فهو عند العرب كلالة : " يورث كلالة " : وهي مصدر من تكلله النسب . 
الكلالة : ما يكلل به النسب من الأعمام ، وبني العم ، والعصبة . 
قال : وقال بعضهم : الإخوة من الكلالة . 
قال  أبو جعفر   : والقول عندنا في ذلك ما رويناه في حديثي جابر  وسعد   : أن الكلالة هم الوارثون ، لا الموروث ، وقد روي أن آية الكلالة هي آخر آية أنزلت . 
 [ ص: 237 ] 
 5232  - كما قد حدثنا فهد  ، قال : حدثنا  أبو الوليد الطيالسي  ، قال : حدثنا  شعبة  ، قال : حدثنا  أبو إسحاق  ، قال : سمعت  البراء  يقول : آخر آية أنزلت يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة  وآخر سورة نزلت براءة   . 
وقد روي عن  ابن عباس  في الكلالة أيضا . 
كما قد حدثنا  عيسى بن إبراهيم  ، قال : حدثنا  سفيان بن عيينة  ، عن  عمرو  ، قال : أخبرنا  الحسن بن محمد  ، قال : سألت  ابن عباس  عن الكلالة ، قال : هو من لا ولد له ولا والد .  [ ص: 238 ] قلت : فإن الله يقول : إن امرؤ هلك ليس له ولد  فغضب علي وانتهرني   . 
وقد يحتمل أن يكون الذكر للولد في هذه الآية ، وترك الذكر للوالد ; لأن المخاطبين في ذلك يعلمون أن الوالد في هذا المعنى أوكد من الولد ، فيكون الذكر للولد يغني عن ذكر الوالد ، كما قال - جل وعز - : وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة  وسكت عما سوى هؤلاء مما تحرمه الرضاعة من العمات والخالات وما أشبههن ، لعلم المخاطبين بما خاطبهم به بمراده - عز وجل - فيما سكت عنه ، وهكذا كلام العرب : تخاطب بالشيء حتى إذا علمت فهم المخاطبين بما أريد منهم ، أمسكوا عن بقيته ; لأنهم قد علموا عنه . 
والقرآن قد جاء بهذا ، قال الله : ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى  ، ثم قال : بل لله الأمر جميعا   . 
فلم يخبر بغير ذلك مما قد اختلف أهل العلم باللغة في مراده - عز وجل - بذلك ، فقال بعضهم : هو : لكان هذا القرآن ، وقال بعضهم : هو : لكفروا به ، - والله أعلم بمراده في ذلك . 
وقال - عز وجل - : ولولا فضل الله عليكم ورحمته  ولم يذكر ما كان يكون له ، ووصل ذلك بقوله وأن الله تواب حكيم   . 
 [ ص: 239 ] وهذا كثير في كلام العرب ، وكان معقولا أن الكلالة ما يكلل على الموروث والميراث الذي تركه من يستحقه بالسبب الذي يتكلل به عليه ، وكان الولد غير متكلل عليه ; لأنه منه ، فكان مثل ذلك الوالد غير متكلل عليه ; لأنه منه ، فثبت بذلك : أن الكلالة ما عدا الوالد والولد جميعا ، والله نسأله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					