[ ص: 275 ]  899 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تركه النكير على من خاطبه : بجعلني الله فداك 
 5615  - حدثنا  علي بن معبد  ، حدثنا  روح بن عبادة  ، حدثنا عثمان الشحام  ، حدثنا مسلم بن أبي بكرة  ، عن  أبي بكرة  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ستكون فتن ، ثم فتنة ، ألا فالماشي فيها خير من الساعي إليها ، ألا فالقاعد فيها خير من القائم ، ألا فالمضطجع فيها خير من القاعد ، ألا فإذا نزلت فيمن كان له غنم ، فليلحق بغنمه ، ألا ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه ، ألا ومن كانت له إبل فليلحق بإبله . فقال رجل من القوم : يا نبي الله : جعلني الله فداك ، أرأيت من ليست له غنم ولا إبل ولا أرض كيف يصنع ؟ قال : فليأخذ سيفه ، ثم ليعمد به إلى صخرة ، ثم ليدق على حده بحجر ، ثم لينجو إن استطاع النجاة ، اللهم هل بلغت ؟ قال رجل : يا نبي الله : جعلني الله فداك ، أرأيت إن أخذ بيدي مكرها حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين ، أو إحدى الفئتين - عثمان يشك - فيحذفني رجل بسيفه فيقتلني ماذا يكون من شأني ؟ قال : يبوء بإثمك وإثمه فيكون من أصحاب النار   [ ص: 276 ]  . 
 5616  - وحدثنا  علي بن معبد  ، حدثنا  حجاج بن محمد  ، عن  ابن جريج  ، أخبرني أبو قزعة  ، أن  أبا نضرة  ،  وحسنا  أخبراه : أن  أبا سعيد الخدري  ، أخبرهما : أن وفد عبد القيس  لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا : يا نبي الله ، جعلنا الله فداك ، ماذا يصلح لنا من الأشربة ؟ فقال : لا تشربوا في النقير . - قالوا : يا نبي الله جعلنا الله فداك ، أوتدري ما النقير ؟ قال : نعم ، الجذع ينقر وسطه - ولا في الدباء ، ولا في الحنتم   . 
 [ ص: 277 ] 
 5617  - وحدثنا  بكار بن قتيبة  ،  وإبراهيم بن مرزوق  ، قالا : حدثنا  أبو داود  ، عن  حماد بن سلمة  قال : أخبرني  يعلى بن عطاء  ، عن عبد الله بن يسار - ويكنى أبا همام -  عن أبي عبد الرحمن الفهري  ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فسطاط ، فقلت : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله ، قد حان الرواح يا رسول الله . قال : أجل ، ثم قال : يا بلال  ، فثار بلال  من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر ، فقال : لبيك وسعديك ، وأنا فداؤك . فقال : أسرج لي فرسي   . ثم ذكر بقية الحديث . 
 [ ص: 278 ] فقال قائل : كيف تقبلون هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كما قاله غير قادر عليه ، وغير مجاب إليه ، كما قال صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة  ، لما قالت : اللهم أمتعني بزوجي رسول الله ، وبأبي أبي سفيان  ، وبأخي معاوية   . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سألت لآجال مضروبة ، وأرزاق مقسومة ، وآثار مبلوغة لا يعجل منها شيء قد أجله ، ولا يؤخر منها شيء عجله  . 
وقد ذكرنا هذا الباب بأسانيده فيما تقدم منا في كتابنا هذا ، وهو ما روي عن الضباب ، وأن الله عز وجل لم يهلك قوما فيجعل لهم نسلا ولا عقبا ، وأن الممسوخ كان قبل ذلك . 
فكان جوابنا له في ذلك : أن سائلا يسأل هذا ربه قد سأله شيئا هو يعلم أنه غير مجاب إليه ، والمخاطب بذلك أيضا يعلم من ذلك مثل الذي يعلم مخاطبه به ، ولكنه قد قال قولا ود أن يكون به كما قال ، فذاك وإن كان مما لا يصل إليه شيء يكون سببا لمحبة المنزل  [ ص: 279 ] له قائله له ، لأنه قال له : لو وصل إليه ، وقد مر عليه ، لأعطي ذلك ، فلم يكن ذلك من قائله مكروها ، ولم ينكر عليه ذلك ، ولم يكن عليه مذموما ، وكان المقول له قد وقف به من قائله على مودته له ، وموضعه من قلبه ، وكان عليه السلام قد أمر المسلمين أن يكونوا إخوانا ، ومن أخوتهم مودة بعضهم بعضا ، وذلك القول مما يؤكد الأخوة بينهم والمودة من بعضهم لبعض ، ومثله ما قد وجدناهم يدعو بعضهم لبعض من البقاء ، ومن الزيادة في العمر والإنساء في الأجل لهذا المعنى الذي فيه من إيقاع المودة في قلوب بعضهم لبعض ، وما سوى ذلك ، وكذلك قال  محمد بن سيرين   . 
كما حدثنا عبد الملك بن مروان الرقي  ، حدثنا  معاذ بن معاذ العنبري  ، عن  ابن سيرين  ، قال : قد علم المسلمون أن لا دعوة لهم في الأجل   . وبالله التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					