الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) الشافعي والمحققون : للعموم صيغة والخلاف في عمومها وخصوصها كما في الأمر .

            وقيل بالوقف ( في ) الأخبار لا الأمر والنهي .

            والوقف إما على معنى لا ندري ، وإما نعلم أنه وضع ولا ندري ، أحقيقة أم مجاز ، وهي أسماء الشرط والاستفهام والموصولات والجموع المعرفة تعريف جنس ، والمضافة ، واسم الجنس كذلك ، والنكرة في النفي .

            لنا : القطع في : لا تضرب أحدا .

            وأيضا : لم يزل العلماء تستدل بمثل ( والسارق ) و ( الزانية ) ، يوصيكم الله في أولادكم .

            [ ص: 112 ] وكاحتجاج عمر - رضي الله عنه - في قتال أبي بكر - رضي الله عنه - مانعي الزكاة " : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله .

            [ فإذا قالوها حقنوا مني دماءهم وأموالهم " ]
            .

            وكذلك : " الأئمة من قريش " .

            " ونحن - معاشر الأنبياء - لا نورث " .

            وشاع وذاع ولم ينكره أحد .

            قولهم : فهم بالقرائن ، يؤدي إلى أن لا يثبت للفظ مدلول ظاهر أبدا .

            والاتفاق في ( من دخل داري فهو حر أو طالق ، أنه يعم ) .

            ( وأيضا : كثرة الوقائع ) .

            التالي السابق


            ش - اختلف العلماء في أنه هل يكون للعموم صيغة أم لا على معنى عمومها وخصوصها ؛ أي في أن الصيغ المستعملة للعموم هل هي خاصة بالعموم أو عامة له ولغيره كالخلاف في الأمر في أنه هل [ ص: 113 ] يكون له صيغة مخصوصة به أم لا ؟

            فذهب الشافعي والمحققون إلى أن للعموم صيغة مخصوصة ؛ أي تستعمل في العموم بطريق الحقيقة ، واستعمالها في غيره بطريق المجاز .

            وقيل بالوقف في الأخبار ، لا في الأمر والنهي .

            ثم الوقف يحمل على معنيين :

            أحدهما : أنه لا ندري وضع هذه الصيغ للعموم .

            وثانيهما : أنا ندري وضعها للعموم ولكن لا نعلم أنها حقيقة في العموم أو مجاز .

            والصيغ المستعملة في العموم هي أسماء الشرط ؛ مثل من دخل داري فهو حر أو طالق .

            والاستفهام ؛ نحو من يأتيك ، والموصولات ؛ كالذي ، والتي ، وما ، ومن .

            والجموع المعرفة تعريف جنسي ، سواء كان جمع مذكر أو مؤنث ، سالم أو مكسر ، جمع قلة أو كثرة .

            والجموع المضافة .

            [ ص: 114 ] واسم الجنس المعرف تعريف الجنس .

            والنكرة في سياق النفي .

            واحتج المصنف على أن النكرة في سياق النفي عام حقيقة ؛ لأنا نقطع بأن قول السيد لعبده : لا تضرب أحدا عام ، والأصل الحقيقة .

            واحتج أيضا على أن المفرد المعرف بلام الجنس والجمع المضاف عام حقيقة بأن العلماء لم يزالوا يستدلون على العموم بمثل ( السارق والسارقة ) ومثل ( الزانية والزاني ) ومثل ( يوصيكم الله في أولادكم ) . وشاع استدلالهم بها على العموم وذاع ، ولم ينكر عليهم أحد فيكون ذلك إجماعا على أن المفرد المعرف بلام الجنس ، والجمع المضاف عام حقيقة .

            واحتج أيضا على أن الجمع المعرف بلام الجنس عام حقيقة ، بأن عمر احتج في قتال أبي بكر مانعي الزكاة بقوله عليه السلام : [ ص: 115 ] " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " على عدم جواز القتال ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، بل عدل أبو بكر إلى الاستثناء وهو قوله عليه السلام " إلا بحقه " والزكاة من حقها .

            فلو لم يكن الجمع المعرف بلام الجنس عاما لما جاز استدلال عمر به على عدم جواز القتال ، ولم يعدل أبو بكر إلى الاستثناء .

            وبأن أبا بكر احتج ، حين طلب الأنصار الإمامة ، بقوله عليه السلام : " الأئمة من قريش " .

            [ ص: 116 ] واحتج أيضا حين طلبت فاطمة ميراث الرسول عليه السلام بقوله عليه السلام : " نحن - معاشر الأنبياء - لا نورث ؛ ما تركناه صدقه " ولم ينكر أحد هذه الاحتجاجات ، وشاع وذاع . فيكون إجماعا على أن الجمع المعرف بلام الجنس والجمع المضاف عام .

            [ ص: 117 ] فإن قيل : لا نسلم أن فهم العموم في هذه الصور من ظاهر اللفظ بل فهموه بالقرآن .

            ( أجيب بأن تجويز الفهم في هذه الصور بالقرائن يؤدي ) إلى أن لا يثبت للفظ مدلول ظاهر ؛ إذ ما من لفظ ظاهر إلا ويجوز أن يقال : إنما فهم مدلوله بسبب القرينة لا بدلالة اللفظ عليه .

            واحتج أيضا على أن أسماء الشرط عامة بأن الإجماع منعقد على أن " من " في قول القائل ( من دخل داري من عبيدي فهو حر ) ، ( ومن دخل داري من نسائي فهي طالق ) عام .




            الخدمات العلمية