الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - قالوا : لو كان تخصيصا لصحت الإرادة لغة .

            قلنا : التخصيص للمفرد ، وما نسب إليه مانع ( هنا ) وهو معنى التخصيص .

            قالوا : لو كان مخصصا لكان متأخرا ; لأنه بيان .

            [ ص: 308 ] قلنا : لكان متأخرا بيانه ، لا ذاته .

            قالوا : لو جاز ( به لجاز ) النسخ .

            قلنا : النسخ على التفسيرين محجوب عن نظر العقل ، قالوا : تعارضا .

            قلنا : فيجب تأويله بالمحتمل .

            التالي السابق


            ش - احتج الشذوذ بأربعة وجوه :

            الأول - لو كان منع العقل مخلوقية الواجب والممتنع ، وتعلق وجوب الحج بالمجانين والصبيان تخصيصا للآيتين المذكورتين لصحت إرادة الواجب والممتنع من قوله تعالى كل شيء وإرادة الصبيان والمجانين من قوله : على الناس ، لغة .

            والتالي باطل ، لأن المتكلم لا يريد بلفظ دلالته على ما هو مخالف لصريح العقل .

            بيان الملازمة : أن التخصيص إخراج ما تناوله اللفظ ، وما يتناوله اللفظ يصح إرادته منه .

            أجاب بمنع انتفاء التالي ، فإن التخصيص للمفرد ، وصحة الإرادة متحققة بالنسبة إلى المفرد وهو " كل شيء " في الآية الأولى ، [ ص: 309 ] و " الناس " في الآية الثانية ، وما نسب إليه المفرد في الآية الأولى مانع من إرادة الواجب والممتنع منه ، وما نسب إليه المفرد في الآية الثانية مانع من إرادة الصبيان والمجانين منه ، فحكم العقل بالتخصيص .

            الثاني - أن دليل العقل لو كان مخصصا للعام لكان متأخرا عن العام .

            والتالي باطل ، لأن دليل العقل مقدم على الخطاب .

            بيان الملازمة : أن دليل العقل حينئذ يكون بيانا ; لأن التخصيص بيان ، والبيان متأخر عن المبين .

            أجاب بأن دليل العقل متأخر عن العام من حيث هو بيان ، ومقدم عليه بحسب الذات .

            الثالث - أنه لو جاز التخصيص بالعقل لجاز النسخ به .

            والتالي باطل بالاتفاق .

            بيان الملازمة : أن التخصيص بيان لعدم نفوذ الحكم كالنسخ .

            أجاب بمنع الملازمة بالفرق بين المقيس والمقيس عليه .

            وذلك لأن النسخ محجوب عن نظر العقل ، سواء فسر بانتهاء الحكم الشرعي أو برفعه ، كما سيأتي ، لأن العقل لا يهتدي إلى واحد منهما .

            [ ص: 310 ] بخلاف التخصيص بالعقل ؛ فإن العقل يقطع بأن الواجب غير مخلوق .

            الرابع - العام مقتض لإثبات الحكم ، والعقل رافع له ، فيقع التعارض بينهما ، وليس العمل بأحدهما أولى من العمل بالآخر .

            قلنا : لما كان أحدهما رافعا لمقتضى الآخر وجب تأويل العام بما هو محتمل ، وهو أن بعض ما تناوله اللفظ غير مراد .

            وذلك لأنه لا سبيل إلى الجمع بينهما أولا إلى رفعهما ، والعقل لا يقبل التأويل والعام يقبله ، فوجب تأويله ليكون جمعا بين الدليلين .




            الخدمات العلمية