الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - قالوا : رد عمر - رضي الله عنه - حديث فاطمة بنت قيس أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها سكنى ولا نفقة لما كان مخصصا لقوله - تعالى : أسكنوهن .

            ولذلك " قال : كيف نترك كتاب ربنا بقول امرأة .

            قلنا : لتردده في صدقها ، ولذلك قال : لا ندري أصدقت أم كذبت .

            قالوا : العام قطعي ، والخبر ظني .

            وزاد ابن أبان والكرخي : لم يضعف بالتجوز .

            [ ص: 322 ] قلنا : التخصيص في الدلالة وهي ظنية ( فالجمع أولى ) .

            التالي السابق


            ش - القائلون بعدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد قالوا : إن عمر - رضي الله عنه - رد خبر فاطمة بنت قيس عن النبي - عليه السلام - وهو أنه - عليه السلام - لم يجعل للمعتدة سكنى ولا نفقة ؛ لما كان ذلك الحديث مخصصا لقوله - تعالى - : [ ص: 323 ] " أسكنوهن من حيث سكنتم " . وقال عمر - رضي الله عنه - كيف نترك كتاب ربنا بقول امرأة .

            ولو كان الخبر الواحد مخصصا للكتاب لما رده ولم يقل : كيف نترك كتاب ربنا بقول امرأة .

            أجاب بأن عمر - رضي الله عنه - ما رد خبر فاطمة بنت قيس لكونه مخصصا للكتاب ، بل لتردده في صدقها ، ولذلك قال : لا ندري أصدقت أم كذبت .

            ولا يلزم من عدم تخصيص الكتاب بخبر الواحد الذي لم يظن صدقه عدم تخصيصه بخبر الواحد المظنون صدقه .

            وقالوا أيضا : العام لكونه كتابا قطعي ، والخاص لكونه خبر الواحد ظني ، والظني لا يقدم على القطعي .

            وزاد عيسى بن أبان على هذا الدليل - مثبتا لمذهبه - أن العام الذي لم يخصص بدليل قاطع قطعي ، ولم يضعف قطعه بالتجوز ; لأنه لم يخصص بقطعي ، وخبر الواحد ظني ، فلا يقدم على القطعي .

            وقال الكرخي أيضا : العام الذي لم يخصص بمنفصل قطعي ، ولم يضعف قطعه بالتجوز ، لأنه لم يخصص بمنفصل ، فلا يقدم الظني عليه .

            [ ص: 324 ] أجاب عن الجميع بأن التخصيص في دلالة العام ، لا في متنه ، ودلالته على إفراده ظنية فحينئذ يجوز تخصيصه بالخبر المظنون ; لأن الجمع بين الدليلين - ولو بوجه - أولى .




            الخدمات العلمية