الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - لنا : لو كان الأمر نهيا عن الضد أو يتضمنه لم يحصل بدون تعقل الضد والكف عنه ; لأنه مطلوب النهي .

            ونحن نقطع بالطلب مع الذهول عنهما .

            [ ص: 51 ] واعترض بأن المراد : الضد العام . وتعقله حاصل ; لأنه لو كان عليه لم يطلبه .

            وأجيب بأنه طلبه في المستقبل .

            ولو سلم فالكف واضح .

            التالي السابق


            ش - احتج المصنف على أن الأمر بالشيء لا يكون نهيا عن ضده ، ولا يقتضيه عقلا بأنه لو كان الأمر بالشيء نهيا عن ضده ، أو مقتضيا للنهي عن ضده بطريق التضمن ، لم يحصل الأمر بدون تعقل الضد ، وتعقل الكف عن الضد .

            والتالي باطل .

            أما الملازمة فلأن الأمر حينئذ لا يحصل بدون النهي عن ضده ، والنهي عن الضد لا يحصل بدون تعقل الكف عن الضد ; لأن الكف عن الضد مطلوب النهي ، والنهي لا يحصل بدون تصور المطلوب منه ، لامتناع طلب غير المتصور ، وتعقل الكف عن الضد لا يعقل بدون تعقل الضد .

            وأما انتفاء التالي - فلأنا نقطع أن الأمر قد يطلب شيئا مع الذهول عن ضده والكف عنه .

            واعترض على هذا الدليل بمنع انتفاء التالي ; فإنا لا نسلم تحقق [ ص: 52 ] الطلب مع الذهول عن ضده والكف عنه ، لأن الضد قد يطلق على ما يستلزم فعله ترك المأمور به ، كالأكل والشرب بالنسبة إلى الصلاة .

            وقد يطلق على ترك المأمور به .

            والأول خاص والثاني عام .

            والمراد بالضد ها هنا هو الضد العام .

            ويمتنع تحقق الطلب مع الذهول عن الضد العام ; لأن تعقل الضد العام حاصل عند الأمر بالشيء ; لأن الآمر عند الأمر يعلم ترك المأمور به ; لأنه لو علم أن المأمور على الفعل المأمور به لم يأمره ، لامتناع تحصيل الحاصل .

            أجاب بأنا لا نسلم أن الآمر لو علم أن المأمور على الفعل لم يأمره .

            قوله : لامتناع تحصيل الحاصل .

            قلنا : لا نسلم لزوم تحصيل الحاصل .

            وإنما يلزم أن لو كان الأمر يطلب به تحصيل الفعل في الحال ، وهو ممنوع ، فإن الأمر يطلب به الفعل في الزمان المستقبل . ولو سلم أن الضد العام معلوم للآمر ، ولكن الكف واضح [ ص: 53 ] أنه غير معلوم له .

            ولقائل أن يقول : إن أمر الإيجاب لا يتحقق بدون الكف عن الضد العام ; لأن أمر الإيجاب هو طلب الفعل مع المنع من تركه .




            الخدمات العلمية