الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - لنا : ( فأن لله خمسه ) ( ولذي القربى ) ثم بين - عليه السلام - أن السلب للقاتل ، إما عموما وإما برأي الإمام ، وأن ذوي القربى : بنو هاشم دون بني أمية وبني نوفل .

            ولم ينقل اقتران إجمالي مع أن الأصل عدمه .

            وأيضا : " أقيموا الصلاة " ثم بين جبريل والرسول عليهما السلام .

            وكذلك الزكاة ، وكذلك السرقة ، ثم بين على تدريج ، وأيضا : فإن جبريل - عليه السلام - قال : ( اقرأ ) قال - عليه الصلاة والسلام - : " ما أقرأ " وكرر ثلاثا - ثم قال : اقرأ باسم ربك الذي خلق .

            واعترض بأنه متروك الظاهر ; لأن الفور يمتنع تأخيره ، والتراخي يفيد جوازه في الزمن الثاني فيمتنع تأخيره .

            [ ص: 395 ] وأجيب بأن الأمر قبل البيان لا يجب به شيء . وذلك كثير .

            التالي السابق


            ش - واحتج المصنف على جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة بأمور :

            الأول قوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى فإنه أثبت خمس الغنيمة مطلقا للمذكورين ، وأثبت لذي القربى عموما نصيبا ، وكل واحد من الغنيمة وذوى القربى مما له ظاهر أريد خلافه من غير ذكر البيان الإجمالي والتفصيلي معه .

            ثم بين بعد ذلك أن السلب للقاتل إما بالعموم المستفاد من قوله : " من قتل قتيلا فله سلبه " وإما برأي الإمام ، كما هو مذهب أبي حنيفة .

            وأيضا بين أن ذوي القربى بنوها ثم دون بني أمية وبني نوفل .

            [ ص: 396 ] فإن قيل لم لا يجوز أن يكون البيان الإجمالي مقترنا به ، وما تأخر هو البيان التفصيلي ؟ .

            أجيب : لم ينقل اقتران بيان إجمالي ، والأصل عدمه .

            الثاني - قوله : وأقيموا الصلاة فإن في ابتداء نزوله كان الصلاة ظاهرة في مطلق الدعاء مع أن المراد منها ذات الأركان ولم يقترن بها بيان أنه أراد ذات الأركان ، لا إجمالا ولا تفصيلا ، ثم بين بعد ذلك جبريل للرسول - عليه السلام - وبين الرسول - عليه السلام - للأمة .

            وكذلك الزكاة ، فإنها في ابتداء نزول قوله تعالى : وآتوا الزكاة " ظاهرة في النماء مع أن المراد منها المقدار المخرج من النصاب [ ص: 397 ] ولم يقترن به بيان إجمالي ولا تفصيلي ، ثم بين بعد ذلك أن المراد منها المقدار المخرج من النصاب .

            وكذلك السرقة ، فإن قوله تعالى : والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ظاهر في قطع يد السارق مطلقا ، ولم يقترن به بيان أن المراد منه المقيد ، ثم بين ذلك الرسول - عليه السلام - المقدار الذي يجب به القطع .

            الثالث أن جبريل - عليه السلام - في ابتداء الوحي - نزل إلى الرسول - عليه السلام - وقال : " اقرأ " - فقال الرسول - عليه السلام - وما أقرأ ، وكرر جبريل - عليه السلام - ثلاثا ، ثم قال : " اقرأ باسم ربك الذي خلق " . وهذا دليل جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب ، وإلا لم يؤخر جبريل البيان عن المرة الأولى ، واعترض بأن الأوامر التي ذكرتم متروكة الظواهر ، فلا يصح التمسك بها اتفاقا .

            وإنما قلنا : إنها متروكة الظواهر ; لأنها لا يمكن إجراؤها على ظواهرها ; لأن إجراءها على الظواهر يوجب جواز تأخير بيانها ، وجواز تأخير بيانها ممتنع ، لأن الأمر إما للفور أو للتراخي ، فإن كان [ ص: 398 ] للفور امتنع تأخير البيان عن وقت الخطاب ; لأن وقت الخطاب وقت الحاجة ، وإن كان للتراخي فجاز الفعل في الوقت الثاني ، فيمتنع تأخير البيان عن ذلك الوقت .

            أجاب بأن الأمر قبل البيان لا يجب به شيء ، فلا يفيد قبل البيان الفور والتراخي .

            والأمر الذي لم يجب به شيء كثير في العرف ، كقول السيد لعبده : افعل مطلقا ؛ فإنه لا يجب بمجرد هذا القول على العبد شيء قبل البيان .




            الخدمات العلمية