الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - القائلون بالواحد : أكرم الناس إلا الجهال ، وأجيب بأنه مخصوص بالاستثناء ونحوه .

            قالوا : " وإنا له لحافظون " .

            وليس محل النزاع .

            قالوا : لو امتنع ذلك لكان لتخصيصه ، وذلك يمنع الجميع .

            وأجيب بأن الممتنع تخصيص خاص ، بما تقدم .

            قالوا : قال الله - تعالى : الذين قال لهم الناس .

            وأريد نعيم بن مسعود ، ولم يعد مستهجنا للقرينة .

            قلنا : الناس للمعهود ، فلا عموم .

            قالوا : صح أكلت الخبز ، وشربت الماء لأقل .

            قلنا : ذلك للبعض المطابق للمعهود الذهني مثله في المعهود الوجودي ، فليس من العموم والخصوص في شيء .

            التالي السابق


            ش - القائلون بجواز تخصيص العام إلى الواحد ، احتجوا [ ص: 244 ] بخمسة وجوه :

            الأول - جواز استعماله في اللغة ; فإنه لو قال السيد لعبده : أكرم الناس إلا الجهال ولم يكن فيهم إلا عالم واحد - صح ، ولم يستقبح .

            فلو لم يصح التخصيص إلى الواحد لكان مستقبحا .

            أجاب بأن هذا مخصص بالاستثناء ونحوه جائز ، ولا يلزم منه صحته في غيره .

            الثاني - قوله تعالى : وإنا له لحافظون .

            فإنه أطلق " إنا " وأراد نفسه ، وهو ضمير جماعة المتكلمين ، فيصح إطلاق الجمع على الواحد .

            أجاب بأن ذلك ليس محل النزاع ; فإن ضمير الجمع ليس بعام .

            وفيه ما قد عرفت .

            والجواب أن هذا الإطلاق بطريق المجاز ; فإنه أطلق الجمع على الواحد العظيم ، وهو غير متنازع فيه ، لأن النزاع إنما وقع في جواز إخراج البعض إلى الواحد ، لا في إطلاق اسم الجمع على الواحد بالمجاز .

            [ ص: 245 ] الثالث - أن التخصيص إلى الواحد لو كان ممتنعا لكان امتناعه لأجل التخصيص إذ لا مانع غيره . وحينئذ يمتنع كل تخصيص .

            أجاب بأن الممتنع تخصيص ( خاص ، لا كل تخصيص ; إذ كل تخصيص لا يكون مستقبحا ، بل التخصيص ) إلى الواحد ( يكون ) مستقبحا . فيكون هو لا غير .

            الرابع - قوله تعالى : ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ) .

            فإنه أطلق " الناس " الذي هو من ألفاظ العموم ، وأراد واحدا وهو نعيم بن مسعود الأشجعي . فيكون إطلاق العام على الواحد جائزا .

            [ ص: 246 ] أجاب بأنا لا نسلم أن الناس عام . بل المراد من الناس : المعهود . والمعهود لا عموم فيه .

            الخامس - أنه صح إطلاق أكلت الخبز وشربت الماء لأقل مأكول ومشروب ، والخبز والماء عام ; لأن اللام للاستغراق ; إذ لا معهود بين المتكلم والمخاطب ، فيصح إطلاق العام على الواحد .

            أجاب بأن اللام فيهما للمعهود الذهني ، وهو ماهية الخبز والماء من حيث هي هي ، إلا أنه لما تعذر تحقق الماهية في الخارج إلا في فرد من الأفراد - حمل على ذلك الفرد ، لضرورة الوجود .

            فالمراد : البعض المطابق للمعهود الذهني ، مثل ما يكون في المعهود الوجودي ، لاشتراكهما في عدم الاستغراق .

            والفرق أن المعهود الذهني يقبل الشركة ، بخلاف المعهود الوجودي .

            وإذا كان المراد المعهود الذهني لا يكون من العموم والخصوص في شيء - .




            الخدمات العلمية