الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - وأيضا : لو لم يدل على المخالفة لم يكن لتخصيص محل النطق بالذكر فائدة .

            وتخصيص آحاد البلغاء لغير فائدة ممتنع ، فالشارع أجدر . اعترض : لا يثبت الوضع بما فيه من الفائدة .

            وأجيب بأنه يعلم بالاستقراء إذا لم تكن للفظ فائدة سوى واحدة - تعينت .

            وأيضا : ثبتت دلالة التنبيه بالاستبعاد اتفاقا فهذا أولى .

            [ ص: 455 ] واعترض بمفهوم اللقب .

            وأجيب بأنه لو أسقط لاختل الكلام ، فلا مقتضى للمفهوم ، وأعترف بأن فائدته تقوية الدلالة حتى لا يتوهم تخصيص ، وأجيب بأن ذلك فرع العموم ، ولا قائل به .

            وإن سلم في بعضها خرج ; فإن الفرض أنه شيء يقتضي تخصيصه سوى المخالفة .

            واعترض بأن فائدته ثواب الاجتهاد بالقياس فيه .

            وأجيب بأنه بتقدير المساواة يخرج وإلا اندرج .

            التالي السابق


            ش - هذه حجة أخرى على أن مفهوم الصفة حجة ، وتوجيهها أن يقال : لو لم يدل تعليق الحكم بإحدى صفتي الذات على نفيه عما عداها - لم يكن لتخصيص محل النطق بالذكر فائدة .

            والتالي باطل .

            أما الملازمة فلأن الغرض أن ما يوجب التخصيص من الأمور المتقدمة معدوم ، والأصل عدم غيره .

            وأما انتفاء التالي فلأن تخصيص آحاد البلغاء يمتنع أن يكون لغير فائدة ، فتخصيص الشارع أجدر وأولى بأن لا يكون لغير فائدة .

            [ ص: 456 ] واعترض على هذه الحجة من أربعة أوجه .

            الاعتراض الأول - أن هذا الدليل يرجع إلى إثبات الوضع - أي دلالة المنطوق على المفهوم لغة - بما فيه من الفائدة ؛ لأنكم قلتم : لا فائدة للتخصيص سوى نفي الحكم عما عدا ذلك الوصف ، فيكون اللفظ موضوعا له لغة ، ولا يثبت الوضع بالفائدة .

            أجاب بوجهين :

            الأول - أنه لا نسلم أنه أثبت الوضع بالفائدة ، بل أثبت بالاستقراء ، فإنا نعلم بالاستقراء أنه إذا لم يكن للفظ سوى فائدة واحدة تعينت تلك الفائدة لكونها مرادة من اللفظ .

            الثاني - أنه ثبت دلالة التنبيه بالاستبعاد اتفاقا ; فإنا قد بينا في أقسام الصريح أنه إذا اقترن بالحكم معنى لو لم يكن لتعليله - استبعد ذكره معه ، يكون ذلك المعنى علة . فإثبات دلالة المفهوم حذرا عن لزوم الامتناع في كلام الشارع أولى .

            الاعتراض الثاني - الدليل الذي ذكرتم منقوض بمفهوم اللقب ; فإن الدليل بعينه قائم فيه بأن يقال : تخصيص الاسم بالحكم لا بد فيه من فائدة سوى نفيه عما عداه ; لأن الفرض أن الفوائد المتقدمة منفية . ومفهوم اللقب مردود بالاتفاق .

            [ ص: 457 ] أجاب بالفرق بين مفهوم اللقب ومفهوم الصفة ؛ فإن فائدة تخصيص اللقب بالذكر حصول الكلام ; لأنه لو أسقط لاختل الكلام ، فلا يتحقق مقتضى المفهوم فيه ، لأن مقتضى المفهوم تعين الفائدة المذكورة ، ولم يتعين الفائدة المذكورة لتحقق فائدة أخرى ، وهو حصول الكلام .

            بخلاف مفهوم الصفة ؛ فإن حصول الكلام لا يكون فائدة لتخصيصها بالذكر ; فإنه لو أسقطت الصفة لم يختل الكلام فلم يتحقق للتخصيص فائدة سوى الفائدة المذكورة ، فيتحقق مقتضى المفهوم فيه .

            الاعتراض الثالث - أن يقال : لا نسلم أنه لو لم يدل على نفي الحكم - عما عداه - لم يكن للتخصيص فائدة ، لم لا يجوز أن يكون فائدة ذكر الصفة تقوية دلالة ما جعل الوصف وصفا له على إفراده الصفة بتلك الصفة ، حتى لا يتوهم تخصيص تلك الأفراد عما جعل الوصف وصفا له ؟

            أجاب بأن هذه الفائدة فرع العموم ، أي هذه الفائدة إنما يحصل إذا كان الاسم المقيد بالصفة عاما ، ولا قائل بعموم مثل هذا الاسم .

            ولئن سلم العموم في بعض الصور فيخرج حينئذ عن محل النزاع ؛ لأنه حينئذ يكون للتخصيص فائدة غير المخالفة في الحكم .

            والفرض أنه لا شيء يقتضي تخصيصه سوى المخالفة في الحكم فيكون غير المفروض الذي هو محل النزاع .

            [ ص: 458 ] الاعتراض الرابع - أنا لا نسلم أن لا فائدة للتخصيص سوى المخالفة في الحكم ، لم لا يجوز أن يكون فائدة التخصيص ثواب الاجتهاد بالقياس فيه ؛ فإن تخصيص الوصف بالذكر مشعر بعليته ، فيجتهد المجتهد ويثبت الحكم في صورة أخرى ، فيحصل ثواب الاجتهاد ؟

            أجاب بأنه إن ثبت المساواة بين الفرع والأصل في الوصف يخرج عن محل النزاع ; إذ النزاع إنما وقع فيما لا يكون غير المنطوق مساويا للمنطوق في علة الحكم .

            وإن لم يثبت المساواة بينهما في الوصف اندرج فيما لا فائدة له سوى المخالفة في الحكم ; لاستحالة القياس حينئذ .




            الخدمات العلمية