الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) فعله - عليه السلام - يخصص العموم كما لو قال - عليه الصلاة والسلام - : الوصال أو الاستقبال للحاجة أو كشف الفخذ حرام على كل مسلم . ثم فعل ؛ فإن ثبت الاتباع بخاص - فنسخ ، وإن ثبت بعام - فالمختار تخصيصه بالأول .

            [ ص: 327 ] وقيل : العمل بموافق الفعل .

            وقيل بالوقف .

            لنا : التخصيص أولى للجمع .

            قالوا : الفعل أولى بخصوصه .

            قلنا : الكلام في العمومين .

            التالي السابق


            ش - إذ فعل الرسول - عليه السلام - فعلا مخالفا لعام - كان ذلك الفعل مخصصا لذلك العام في حق الرسول - عليه السلام - كما إذا قال : الوصال حرام على كل مسلم ، أو استقبال القبلة لقضاء الحاجة حرام على كل مسلم ، أو كشف العورة حرام على كل مسلم ، ثم وصل الرسول - عليه السلام - صوم يوم واستقبل القبلة في قضاء الحاجة ، وكشف العورة .

            فإن ثبت وجوب اتباع الأمر في ذلك الفعل بدليل خاص ؛ مثل أن يقول : اتبعوني في الوصال أو في الاستقبال لقضاء الحاجة أو في كشف العورة ، يكون ذلك الدليل الخاص ناسخا للعام المتقدم لتأخره ، اللهم إلا أن يمكن الجمع بينهما في بعض الأحوال ، فإنه حينئذ يكون مخصصا للعام السابق ، لا ناسخا له ، لأنه روي أنه [ ص: 328 ] - عليه السلام - استقبل في قضاء الحاجة في البنيان ، وقوله : " لا تستقبلوا القبلة يعم البنيان وغيره . فخص النهي بالصحراء وكذا لو قال : لا تكشفوا العورة ، وكشفها في خلوة .

            [ ص: 329 ] وإن كان الدليل الدال على اتباع الأمة في ذلك الفعل عاما ، مثل قوله تعالى : " فاتبعوه " ، فاختلفوا فيه على ثلاثة مذاهب :

            الأول - تخصيص دليل الاتباع بالعام السابق ، أي تبقى الحرمة على الأمة في ذلك الفعل وتخصص آية الاتباع ، وهو المختار عند المصنف .

            الثاني - العمل بموافق الفعل ، أي العمل بآية الاتباع .

            الثالث - الوقف .

            واحتج المصنف على المذهب الأول بأن تخصيص دليل الاتباع أولى لكونه جمعا بين الدليلين ; لأن دليل الاتباع يتناول ذلك الفعل وغيره ، فإذا خص عنه ذلك الفعل يبقى معمولا به في الباقي .

            قيل على هذا الدليل بأن العمل بالفعل أولى ; لأن الفعل خاص بالرسول ، عليه السلام ، والعام المتقدم شامل له ولأمته ، والخاص أقوى ، والعمل بالأقوى أولى .

            أجيب بأن التعارض بين العام السابق والعام الذي هو دليل الاتباع ، لا التعارض بين الفعل الخاص والعام السابق .




            الخدمات العلمية