الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - قالوا : إذا قيل لمن له منصب الاقتداء : اركب لمناجزة العدو ، ونحوه - فهم لغة أنه أمر لأتباعه معه .

            وكذلك يقال : فتح وكسر . والمراد مع أتباعه .

            قلنا : ممنوع .

            أو فهم لأن المقصود متوقف على المشاركة . بخلاف هذا .

            [ ص: 203 ] قالوا : ( إذا طلقتم ) يدل عليه .

            قلنا : ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أولا للتشريف .

            ثم خوطب الجميع .

            قالوا : ( فلما قضى زيد ) ولو كان خاصا لم يتعد .

            قلنا : نقطع بأن الإلحاق للقياس .

            قالوا : فمثل : ( خالصة لك ) و ( نافلة لك ) لا يفيد .

            قلنا : يفيد قطع الإلحاق .

            التالي السابق


            ش - القائلون بأن الخطاب الخاص الوارد للرسول - عليه السلام - يتناول الأمة احتجوا بأربعة وجوه :

            الأول : عرف الاستعمال ؛ فإن السلطان إذا قال لمن له منصب الاقتداء : اركب لمناجزة العدو ، أي لمقاتلته ، ونحوه من فتح البلاد ، فهم لغة أنه مأمور مع أتباعه .

            وكذلك إذا أخبر عمن له منصب الاقتداء بأنه فتح البلد الفلاني وكسر العدو ، فهم لغة أنه إخبار عنه وعن أتباعه .

            [ ص: 204 ] فكذا ما نحن فيه ; فإن الرسول عليه السلام مقتدى الأمة .

            فإذا أمره الله تعالى بشيء فهم أنه مأمور مع أمته .

            أجاب بأنا لا نسلم أنه فهم كونه مأمورا مع أتباعه ، بل فهم لغة أنه مأمور وحده ، ولهذا صح أن يقال أمر المقدم ولم يأمر أتباعه .

            ولو سلم أنه فهم كونه مأمورا مع أتباعه ، ولكن لا نسلم أن الفهم حصل لمجرد الأمر ، بل حصل لأجل القرينة ، وهو أن المأمور به الذي هو المقصود متوقف على المشاركة .

            بخلاف أمر الرسول - عليه السلام - بشيء من العبادات فإنه لم يتوقف المقصود به على المشاركة . فلذلك لم يتناول الأمة .

            الثاني قوله تعالى : ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فإنه خاطب النبي - عليه السلام - بقوله : ( ياأيها النبي ) ثم عم ذلك بقوله : " إذا طلقتم النساء " وذلك يدل على أن خطاب النبي عليه السلام يتناول الأمة .

            أجاب بأن الخطاب توجه نحو الجميع ، وإنما خص الرسول - عليه السلام - بالذكر تشريفا وإكراما له .

            الثالث - قوله تعالى : فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم [ ص: 205 ] دل على أن خطاب الرسول - عليه السلام - بإباحة نكاح زوجة الدعي ، يتناول جميع الأمة ; لأنه أخبر أنه إما أباح للرسول ليكون مباحا للمؤمنين .

            فلو لم يكن الخطاب الخاص بالرسول عاما له ولأمته - لم يتعد حكم الإباحة من الرسول عليه السلام إلى الأمة .

            أجاب بأن إلحاق الأمة به في إباحة نكاح زوجة الأدعياء ليس لأجل أن خطاب الرسول - عليه السلام - بإباحة نكاح زوجة الدعي يتناول جميع الأمة ، بل لأجل القياس .

            الرابع - أن قوله تعالى : خالصة لك من دون المؤمنين وقوله : فتهجد به نافلة لك يدل على أن خطاب النبي - عليه السلام - عام له وللأمة ، وإلا لم يكن قيد ( خالصة لك من دون المؤمنين ) وقيد ( نافلة لك ) مفيدا ; إذ الخطاب لم يتناول غيره حينئذ .

            أجاب بأن فائدة القيد قطع إلحاق غير الرسول - عليه السلام - بطريق القياس .




            الخدمات العلمية