الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) شرط الاستثناء . الاتصال لفظا ، أو ما في حكمه ، كقطعه لتنفس ، أو سعال ، ونحوه .

            وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - يصح ، وإن طال شهرا . وقيل : يجوز بالنية كغيره .

            وحمل عليه مذهب ابن عباس لقربه .

            وقيل : يصح في القرآن خاصة .

            لنا : لو صح لم يقل عليه السلام : " فليكفر عن يمينه " معينا : لأن الاستثناء أسهل .

            وكذلك جميع الإقرارات ، والطلاق والعتق .

            [ ص: 267 ] وأيضا فإنه يؤدي إلى أن لا يعلم صدق ولا كذب .

            التالي السابق


            ش - ذهب المحققون إلى أن شرط صحة الاستثناء اتصاله بالمستثنى منه لفظا ، أو ما في حكم الاتصال لفظا كقطعه من المستثنى منه لتنفس أو سعال ، ونحوه مما يكون مانعا من الاتصال اللفظي .

            ونقل عن ابن عباس أنه يصح انفصال المستثنى من المستثنى منه ، وإن طال الفصل بينهما شهرا .

            وقيل : يجوز انفصال الاستثناء عن المستثنى منه بالنية ، أي مع إضمار الاستثناء متصلا بالمستثنى منه ، كغير الاستثناء ، وهو التخصيص بالأدلة المنفصلة .

            [ ص: 268 ] وحمل ما نقل عن ابن عباس على هذا ؛ لقربه من الصواب .

            وقيل : يصح انفصال الاستثناء عن المستثنى منه في القرآن فقط ، بناء على أن القرآن كلام الله ، وهو أزلي . والانفصال حال الخطاب لا يخل بالكلام الأزلي .

            وهذا ليس بمستقيم ; إذ الكلام ليس في الكلام الأزلي القائم بذاته تعالى ، بل في العبارات التي وصلت إلينا .

            واختار المصنف مذهب المحققين ، واحتج عليه بثلاثة وجوه :

            الأول - أنه روي عن النبي - عليه السلام - أنه قال : من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير .

            ووجه التمسك به أنه عليه السلام عين الكفارة في تخلص الحالف إذا رأى غيره خيرا منه .

            فلو كان الاستثناء المنفصل جائزا - لما عين الكفارة لأجل التخلص ، بل أرشد إلى الاستثناء ; لأن إرشاد طريق الأسهل أولى .

            الثاني - أنه لو جاز الاستثناء المنفصل لها ثبت الإقرارات والطلاق والعتق ; لعدم الجزم بثبوت شيء منها ; لجواز الاستثناء [ ص: 269 ] المنفصل .

            الثالث - لو صح الاستثناء المنفصل لم يعلم صدق خبر ولا كذبه أصلا ; لإمكان الاستثناء بعد حين .

            والتالي ظاهر الفساد .




            الخدمات العلمية