الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - مسألة : العموم من عوارض الألفاظ حقيقة .

            وأما في المعاني فثالثها الصحيح كذلك .

            لنا : أن العموم حقيقة في شمول أمر لمتعدد ، وهو في المعاني كعموم المطر والخصب ونحوه .

            [ ص: 109 ] وكذلك المعنى الكلي لشموله الجزئيات .

            ومن ثمة قيل : العام ما لا يمنع تصوره من الشركة .

            فإن قيل : المراد أمر واحد شامل ، وعموم المطر ونحوه ليس كذلك .

            قلنا : ليس العموم بهذا الشرط لغة .

            وأيضا : فإن ذلك ثابت في عموم الصوت والأمر والنهي والمعنى الكلي .

            التالي السابق


            ش - اتفق العلماء على أن العموم من عوارض الألفاظ حقيقة ، وأما عروضه للمعاني فقد اختلفوا فيه على ثلاثة مذاهب :

            الأول : أنه لا يكون من عوارض المعاني ، لا حقيقة ولا مجازا .

            والثاني : أنه من عوارض المعاني مجازا لا حقيقة .

            وثالثها : وهو الصحيح عند المصنف أنه من عوارض المعاني حقيقة ، وإليه أشار بقوله : " وثالثها الصحيح كذلك " ؛ والدليل عليه أن العموم في اللغة حقيقة هو شمول أمر لمتعدد ، وهذا المعنى كما يعرض للفظ يعرض للمعاني . فكما يكون حقيقة في اللفظ يكون حقيقة في المعنى ، كعموم المطر والخصب ونحوه .

            [ ص: 110 ] وكذلك يعرض العموم حقيقة للمعنى الكلي ، لشموله الجزئيات .

            ولهذا - أي ولأجل أن العموم يعرض للمعنى الكلي - فسر العام بما فسر الكلي به ، وهو ما لا يمنع تصوره من الشركة .

            فإن قيل : العموم الذي يعرض للمعاني ليس هو المتنازع فيه ; لأن العموم الذي هو المتنازع فيه شمول أمر واحد لأفراد متعددة ، كشمول الرجال الذي هو أمر واحد لمراتب العدد ، وعموم المطر ونحوه ليس كذلك ، فإنه لا يكون أمرا واحدا شمل الأطراف والأكناف ، بل حصل كل جزء من أجزاء المطر في جزء من أجزاء الأرض .

            أجيب بأن العموم بحسب اللغة لا يكون مشتركا بأن يكون أمرا واحدا شاملا لأفراد متعددة ، بل العموم بحسب اللغة شرطه أن يكون أمرا يشمل متعددا ، سواء كان المتعدد أفراده أو لا .

            وهذا المعنى من عوارض المعاني .

            ولئن سلم أن عموم المطر لا يكون باعتبار أمر واحد يشمل المتعدد ، فعموم الصوت باعتبار واحد شامل للأصوات المتعددة الحاصلة للسامعين .

            [ ص: 111 ] وكذا ذكر عموم الأمر والنهي ; فإنه باعتبار أمر واحد ، وهو الطلب الشامل لكل طلب تعلق بكل واحد من المأمورين .

            وكذلك المعنى الكلي ، فإن عمومه باعتبار ( أمر واحد ) شامل لأفراده .




            الخدمات العلمية