الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
751 - حدثنا حميد قال أبو عبيد : قوله " بنو فلان على رباعتهم " والصواب عندي الرباعة ، قال : وهكذا حدثناه ابن بكير عن الليث بن سعد ، الرباعة هي المعاقل ، وقد يقال : فلان على رباعة قومه : إذا كان المتقلد لأمورهم ، والوافد على الأمراء فيما ينوبهم وقوله " إن المؤمنين لا يتركون مفرحا أن يعينوه في فداء أو عقل " المفرح : المثقل بالدين ، فيقول : عليهم أن يعينوه ، إن كان أسيرا فك من أسره ، وإن كان جنى جناية خطأ عقلوا عنه وقوله " لا يجير مشرك مالا لقريش " يعني اليهود الذين كان وادعهم ، يقول : فليس من موادعتهم أن يجيروا أموال أعدائه ، ولا يعينوهم عليه وقوله " ومن اعتبط مؤمنا قتلا فهو قود " الاعتباط أن يقتله بريئا محرم الدم ، وأصل الاعتباط في الإبل أن تنحر بلا داء يكون بها وقوله إلا أن يرضي أولياء المقتول بالعقل " : فقد جعل صلى الله عليه وسلم الخيار في القود أو الدية إلى أولياء القتيل ، وهذا مثل حديثه الآخر [ ص: 472 ] " ومن قتل له قتيل فهو بأحد النظرين ، إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية " وقوله " لا يحل لمؤمن أن ينصر محدثا أو يؤويه " المحدث : كل من أتى حدا من حدود الله ، فليس لأحد منعه من إقامة الحد عليه ، وهذا شبيه بقوله الآخر " من حالت شفاعته دون حد من حدود الله ، فقد ضاد الله في أمره " وقوله " إن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين " فهو النفقة في الحرب خاصة ، شرط عليهم المعاونة له على عدوه ، ونرى أنه إنما كان يسهم لليهود إذا غزوا مع المسلمين لهذا الشرط الذي شرط عليهم من النفقة ، ولولا هذا لم يكن لهم في غنائم المسلمين سهم وقوله " إن يهود بني عوف أمة من المؤمنين " إنما أراد نصرهم المؤمنين ، ومعاونتهم إياهم على عدوهم ، بالنفقة التي شرطها عليهم ، فأما الدين فليسوا منه في شيء ، ألا تراه قد بين ذلك فقال : " لليهود دينهم ، وللمؤمنين دينهم " وقوله " لا يوتغ إلا نفسه " يقول : لا يهلك غيرها ، يقال : قد وتغ الرجل وتغا : إذا وقع في أمر يهلكه ، وقد أوتغه غيره ، وإنما كان هذا الكتاب - فيما يروى - حدثان مقدم [ ص: 473 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، قبل أن يظهر الإسلام ويقوى ، وقبل أن يؤمر بأخذ الجزية من أهل الكتاب ، وكانوا ثلاث فرق : بنو القينقاع ، والنضير ، وقريظة ، فأول فرقة غدرت ، ونقضت الموادعة بنو قينقاع ، وكانوا خلفاء عبد الله بن أبي ، فأجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المدينة ، ثم بنو النضير ثم قريظة ، فكان من إجلائه أولئك وقتله هؤلاء ما قد ذكرناه في كتابنا هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية