الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1405 - ثنا حميد قال أبو عبيد : فهذه ثلاثة أقوال مختلفة : فأما القول الأول الذي ذكرناه عن علي أنه يستأنف بها الفريضة ، فإنه قول يقول به أهل العراق ، وبه كان يأخذ سفيان ، وتفسير ذلك أن يكون في خمس وعشرين ومائة حقتان وشاة ، وفي ثلاثين ومائة حقتان وشاتان ، وفي خمس وثلاثين ومائة حقتان وثلاث شياه ، وفي أربعين ومائة حقتان وأربع شياه وفي خمس وأربعين ومائة على تأويل حديث علي حقتان وخمس شياه ، وفي قول سفيان وأهل العراق حقتان وابنة مخاض ، فإذا كملت الإبل خمسين ومائة كان فيها ثلاث حقاق ، فإن زادت على ذلك ، استؤنف بها أيضا ، ابتدئت أول مرة ، إلى المائتين ، فإذا بلغتها كان فيها أربع حقاق ، فإذا زادت استؤنفت بها أيضا على ما فسرنا ، فهذا مذهب قول علي وما يعمل به أهل العراق ، وأما حديث ابن شهاب ، إنها إذا زادت على عشرين ومائة ، كانت فيها ثلاث بنات لبون ، فإنا لم نجد هذا الحرف في شيء من الحديث سوى هذا ، ولا أعرف له وجها ، وأخاف أن يكون غير محفوظ ، لأنه لم يجعله على حساب أول الفرائض ولا على آخرها ، ألا ترى أنها في الابتداء إذا كانت خمسا وعشرين ، كان فيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإن زادت واحدة ، انتقضت الفريضة بتلك الواحدة إلى التي [ ص: 811 ] فوقها ، فصار فيها ابنة لبون ، ثم أسنان الفرائض كلها على هذا فذلك حساب أول الفريضة ، فلو جعله عليه ، لكان يلزمه أن يكون في إحدى وعشرين ابنا لبون وحقة إلى ثلاثين ومائة ، فهذا حساب أولها ، وأما آخرها فإن في كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة ، فلو جعلها على هذا لكانت ثلاث بنات لبون إنما تجب في عشرين ومائة ، لأن في كل أربعين واحدة ، وهذه قد زادت على العشرين ومائة ، ثم لا أراه نقلها إلى السن التي فوقها ، فليس هذا القول على حساب أدنى الفرائض ولا أقصاها ، وأما القول الثالث الذي في حديث حبيب أن الزيادة على عشرين ومائة ، لا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين ومائة ، ثم يكون فيها حينئذ ابنتا لبون وحقة ، وهذا القول المعمول به ، أن الزيادة على العشرين ومائة إلى الثلاثين شنق كسائر الأشناق التي لا تحسب بها ، وهي الأوقاص ، وذلك ما بين الفريضتين ، ثم هي إذا بلغت ثلاثين ومائة ، فإنما يجب فيها أسنان الإبل أيضا ، ولا تعود إلى الغنم ، هذا قول مالك وأهل الحجاز ، إن الإبل إذا أفرضت مرة ، لم تعد صدقتها غنما بعد ذلك ، وإفراضها أن تبلغ في الابتداء خمسا وعشرين ، فتنتقل من الغنم إلى ابنة مخاض ، فعلى هذا المعنى دارت الأحاديث التي ذكرناها كلها سوى حديث علي إن كان حفظ عنه . [ ص: 812 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية